ليست مثالية وطنية إنما وصفة لوطن أمثل!
ينشب الفساد والإرهاب، مخالبهما الفولاذية، في سويداء قلب العراق، يسفحان دم شبابه ويهدران ثرواته، في أرصدة شخصية؛ لأفراد، إغتنوا بما حصدوه، من ثمار أنضجتها إنتفاضة 15 آذار 1991، ضد الطاغية المقبور صدام حسين،… تموت إكحيلة من أجل أن يشبع ثعلب!
قدمنا نصحا، لأطراف متعددة، تشتبك على دفة السلطة، بآراء متناوئة التباين، لكنها خارج إطار الحديث النبوي الشريف: “الاختلاف في أمتى رحمة” إنه إختلاف المصالح، الذي يشكل نقمة على الشعب وليست رحمة!
قلنا وسنبقى قائلين.. كلمةً نصوحَ، خارجة من فؤاد يتفطر قلقا على وطن يتفرهد والساسة لاهون عنه في إحترابات غير واضحة الارادة.. من مع من ومن ضد من وأيٍ “وياهم” وأيٍ “عليهم” هوى المصالح يتحكم بالمواقف، وليس المبادئ.. مع الاسف.
وحين نطلق كلمتنا من موقع يتلظى خافقُ قائلهِ بمحبة وطن لم يحنُ يوما على أبنائه، ومع ذلك، أرواحنا لهفى له “مثل الثلج يكوي وأقول: إشاه”.. رحم الله الشاعر كاظم اسماعيل الكاطع.
ماقلت وما سأظل أقول، سواء تلاشى صوتي في نهاية الكون متذبذبا، ام حمل رجع صدى فاعلاً ومؤثراً، لا أبغِ منه سوى المصلحة العامة.. لله والوطن والناس.
نحتاج الى حمل الوطن جمرة تتلظى إستعاراً، و”نقول إشاه” مرتكزين بذلك الى إرادة مثلى ، تطوق عنق المفسدين.. ترجمهم، وتزهو بالنزيهين إرتقاءً بهم، الى شرف بناء وطن ذي حضارة رفيعة، قائمة الاركان على أكتاف رجال.. كل منهم فارس في ميدانه، كما ينص الحديث النبوي الشريف: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته” المقاتل، على خطوط الصد، يذود عن حمى الأهل، بمواجهة “داعش” والعامل، في المعمل، والفلاح في المزرعة، والطبيب، في المستشفى، والسائق، يعبّر عن وطنيته بالامتثال لإشارات شرطي المرور، و… إنها ليست مثالية وطنية، إنما وصفة لوطن أمثل!
المكان بالمكين؛ لذا فأي سلوك غير منضبط، في مفصل ما من أنحاء العراق كافة، ينسف صلتنا الممدتة الى آلاف السنين بحضارات الرافدين التي ما زالت تبهر العالم إعجازا.
نحتاج الى التركيز، على الوطن، اكثر.. نحتاج مواطنا يؤثر الوطن على نفسه، ولو فيه “خصاصة – شدة الجوع” ويطعم المسكين والاسير وابن السبيل؛ لوجه الله، وعلى حبه: “لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا”.
وهذا ما جاء به ثوار إنتفاضة 15 آذار ١٩٩١ ميلادية، الذين إذا ما تذكرنا بطولاتهم، نسينا ألم الحاضر المر، الذي حنظله الفساد علقما على ألسنتنا.. بطولات تألقت تحت قمع نظام فظيع، إستعان بالعدو والصديق على حد سواء، ضد الانتفاضة، فأعانوه، وأخلوا ظهر المنتفضين، كما أخلي بالحسين.. عليه السلام، يوم 10 محرم 61 للهجرة، في العراق أيضا؛ لأن التاريخ محوري يعيد نفسه، بوحدات مغايرة، تسير على المنهج ذاته.
من نجا من الثوار، لائذا بالسعودية، إحتجز رهين معسكر “رفحا” المسور بخطر مغادرته الذي يجعل الهارب منه، مكشوفا لذئاب صدام المسعورة وكلابه المستأسدة؛ فآثروا عبودية رفحا على نهش مخالب النظام؛ لأن “اليشوف الموت يرضى بالسخونة”.
أبطال.. جابهوا نظاما فظيع القمع، لا يتورع عن إعدام معارضيه والتنكيل بذويهم، جاعلا من معادلة العقوبة، تبدأ بالإعدام ولا تنتهي به؛ إنما تلاحق أقرباء المعدوم حتى الدرجة الرابعة.. أبطال، إستشهدوا مستبسلين في مقاومة صدام، من دون دعم.. لا محلي ولا دولي، بل هونت أمريكا ودول المنطقة، فكرة “صدام ضعيف خير من تبوئ الشيعة للحكم”.
ومع ذلك قاتل المنتفضون بعزيمتهم المعنوية وحدها، ضد سلاح صدام الفتاك، وطائرات أعدائه التي نصرته على شعبه؛ حينما إنتفض عليه.. في نوع من معادلة لا يفقه توازنها إلا دهاقنة صنع القرار العالمي، بإعتبار الرجل يمسك من كلمته، بينما سياسيو العالم، لا يمكن الامساك حتى بخصيتيهم!
عزّلا بمواجهة صدام ومعه دول العالم أجمع.. وأشرفها من وقفت على الحياد، وكادوا بعضلات مجردة، ان يسقطوه؛ لولا أن الرأي العام العالمي أبقاه نكاية بالشيعة؛ إحتواءً لإنتفاضة حسبت لها.
“الخناجر ما ترد صدر اليهد وإسلاحه جرحه.. البير كل ما غمكن جرحه المساحي يزيد ماي” وفعلا تدفق المنتفضون قوة وصلابة، حد الموت.
تتضاعف المشكلة، في معسكر رفحا، الذي تحول من معسكر لجوء الى معتقل؛ دعما لصدام وهو عدوهم؛ لكن الشيعة أعدى برأيهم… لذلك رزح فيه جمع من رجال أشداء، كانوا سيسقطون صدام بمفردهم؛ لو زودتهم الدول ببنادق كلاشنكوف فقط، لكن ما حصل هو حجزهم، ريثما أسقطت أمريكا، الطاغية المقبور صدام حسين، بطريقة دمرت مستقبل العراق وقطعت حرثه، مبيدة نسله و… لا حول ولا قوة إلا بالله.