الاحداث و التطورات الجارية في کل العراق و سوريا، ليس هنالك من أحد بإمکانه القول بإنها تسير نحو التهدئة او نوع من أنواع الحسم، وانما ومع الزمان تزداد صعوبة و تعقدا و تتسع دائرتها لتضم فرقاء جدد ليستمر نزيف الدمين العراقي و السوري و تستمر المأساة الانسانية في البلدين على حد سواء، لکن مع کل ذلك يبقى المٶشر الاهم في کلا البلدين هو دور نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و الذي ينظر إليه على إنه يمثل دور الربان فيهما.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و منذ دخوله على الخطين العراقي و السوري، وعلى الرغم من کل الذي قيل و يقال بشأن ذلك، لکن هنالك حقيقة بارزة و واضحة للجميع وهي إن الاوضاع منذ ذلك الوقت و إستنادا الى آلاف الادلة و المستمسکات تسير من سئ الى الاسوء و تزداد خطورة و تهديدا للسلام و الامن و الاستقرار في المنطقة کلها، ولئن کان هنالك من يصدق و يٶمن بإن التدخل الايراني في العراق و سوريا هو من أجل شعبي البلدين، لکن ليس هنالك من دليل عملي واحد على الارض يثبت ذلك وانما وعلى العکس فإن هناك الکثير من الادلة و القرائن التي تٶکد بإن التدخل الايراني في العراق و سوريا إنما هو لخدمة المصالح الضيقة الخاصة بطهران و بمشروعها في المنطقة.
إزدياد حالات قتل افراد الحرس الثوري الايراني في العراق و سوريا و خصوصا القادة البارزين منهم، و زيادة أعداد القوات المرسلة للبلدين و خصوصا الى سوريا، هو أکثر من مٶشر يدل بوضوح على إن الاستراتيجية الايرانية في البلدين ليس فشلت فقط وانما أيضا منيت بالهزيمة، وان إستمرار التدخل الايراني لايدل على صحة و عافية الدور الايراني وانما على کونه عالقا أکثر فأکثر في المستنقع السوري تماما کما کان الحال مع التورط الامريکي في فيتنام و التورط السوفياتي في أفغانستان.
وبنفس السياق فإن الاحداث و التطورات الاخيرة في سوريا و التي تمخض عنها وقف إطلاق النار على أثر المساعي الروسية ـ الترکية، فإن العديد من التقارير تواترت متحدثة عن مساعي مضادة لطهران بإتجاه إحداث خروقات لوقف إطلاق النار و نسف هذه المساعي خصوصا وإن الامور تتجه بسياق يتم خلالها تهميش الدور الايراني بعد أن تأکد للجميع خطورته وعدم إمکانية التناغم معه في أي مشروع لحل سلمي للأزمة في سوريا.
المعلومات الدقيقة الواردة من داخل إيران والتي دأبت المقاومة الايرانية على نشرها و إعلانها على أوسع نطاق، تتحدث عن التأثيرات بالغة السلبية للتدخلات السافرة للنظام الايراني في سوريا و العراق بوجه خاص و الدول الاخرى في المنطقة بشکل عام، حيث تٶکد بأن هذه التدخلات تشکل عبئا کبيرا جدا على کاهل الشعب الايراني و يتجسد في الاوضاع الاقتصادية المتدهورة و الاوضاع المعيشية التي وصلت الى درجة بالغة الوخامة، وإن الشعب الايراني يتطلع الى إنهاء الدور المشبوه للنظام في هذين البلدين و في المنطقة عموما و التخلي عن هذه السياسة الهوجاء التي لم يرى الشعب الايراني و شعوب المنطقة من ورائها سوى المصائب و الويلات، والمثير للسخرية هنا، هو ماقد أعلنه المرشد الاعلى للنظام قبل أيام لدى إستقباله لعوائل قتلى القوات الخاصة في الجيش الايراني ممن قتلوا في سوريا عندما قال: “لو لم نردع الأشرار ودعاة الفتنة من عملاء أميركا والصهيونية في سوريا، لكنا نصارعهم في طهران وفارس وخراسان وأصفهان” ، وهذا الکلام کما هو واضح فيه الکثير من التجني على الحقيقة و تجديف سافر بحقائق و وقائع الامور کما هي على أرض الواقع.
طهران لم تقدم من خدمة و عامل خير ينفع شعبي العراق و سوريا وانما الشئ الوحيد الذي فعلته و تفعله و تستمر به هو توسيع دائرة العنف و القتل و التطرف و الارهاب، و الذي کما رأينا و نرى يتسبب في
إلحاق ضرر أکبر بالارواح و الممتلکات و يدفع بالبلدين نحو المزيد من الدمار و الخراب و هو ما يبعث على التشاٶم و الکئابة، وإن الحل الوحيد المطروح من أجل معالجة الاوضاع في البلدين تکمن في إنهاء الدور الايراني و قطع أذرعه في الدولتين وبخلاف ذلك فإن الاوضاع ستزداد سوءا و وخامة.
[email protected]