بالرغم من التعقيدات والصعوبات،التي تواجه معركة الموصل ،فإنها ستنتهي بهزيمة واندحار تنظيم داعش،وانهاء شيء إسمه (دولةالخلافة الاسلامية في العراق والشام)،بعد ان تترك دمارا هائلا في البنى التحتية في الموصل،وضحايا أبرياء يصر هذا التنظيم الاجرامي، أن يدفع اهل نينوى ثمنه غاليا،بسبب رفضه مبايعة التنظيم ، هذا الكلام لم يأت من فراغ ،وانما من قراءة واقعية لمجريات الاستراتيجية الامريكية في عموم المنطقة ،وتحولاتها الدولية من أقصى اليمين الى اقصى اليسار ، وأقصد العلاقات المتأرجحة والمتناقضة مع روسيا وتركيا والسعودية وايران وغيرها،ولكن المصالح واستشعار خطر تنظيم داعش وتداعياته على الامن والسلم العالمي ،وحده من يجعل السياسة الامريكية تمسك كل حبال اللعبة بيديها،على الاقل في منطقة الشرق الاوسط،وهكذا نرى الان تراجع الادارة الامريكية ،وانهاء حالة الخصومة وفتورية العلاقات مع كل من السعودية وتركيا ، وانفتاحها الى مصر ودول الخليج وسوريا ،ودعمها لحكومة حيدر العبادي،وتفاهماتها مع روسيا –بوتين حول (مصير الاسد)، مع دعم غربي بريطاني والماني وفرنسي لسياستها ومشاركتها في التحالف الدولي ضد الارهاب بكل اشكاله ، وهكذا اعاد الرئيس اوباما السياسة الخارجية الامريكية على السكة الصحيحة ،بعد ان اوصلها الى قاع الفشل ، في العراق وسوريا، إن هناك حادثتان ستغيران خارطة الشرق الاوسط ،هما فوز الرئيس دونالد ترامب، ومعركة الموصل التاريخية، واللتان ستمثلان بكل تأكيد بداية عصر جديد في المنطقة،إن مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش في معركة الموصل ،ستلقي بظلالها سريعا،على الاوضاع الامنية وتعيد استقرارها،في كل من سوريا والعراق،خاصة بعد الاتفاق الامريكي-الروسي بضرورة محاورة ومفاوضة المعارضة السورية ،ودعمها وفرزها عن التنظيمات الاسلامية المتطرفة، كفتح الشام وداعش واحرار الشام وغيرها، مما يسهل عملية انهاء وتحجيم الارهاب وتحديد مكانه وشكله ،واهدافه،وتقاسم النفوذ هناك وأعطاء تركيا دور مهم واساسي لها على طول شريط الحدود التركية-السورية لضرب هدفين بحجر واحد وهو إرضاء تركيا وتطمينها بعدم قيام(دولة كردية هناك)، ومحاربة التنظيمات المتطرفة الارهابية بكل انواعها ،وانهاء أي وجود لداعش في تركيا وحدودها مع سوريا كشرط لجعل تركيا ضمن التحالف الدولي لمحاربة الارهاب ، وهذا يجري الان تنفيذه بنجاح في العراق وسوريا ، فتطويق الرقة من جميع الجهات وتأجيل اقتحامها الان ،حتى الانتهاء من معركة الموصل لتشتيت داعش وانشغاله بالمعركة ،واعلان معركة الموصل ،هو البداية لجعل الاستراتيجية الامريكية العسكرية في طريقها الصحيح ،فنرى من نتائجها، رعاية-تسوية تاريخية-في العراق،وتفاهمات مع المعارضة وتهدئة وهدنة في سورية ،مع حوارات مباشرة مع الاسد وضمه الى التحالف الدولي لمحاربة الارهاب ،بعد ان كان هدفا له ، ولكن ماذا عن استراتيجية الرئيس دونالد ترامب بعد معركة الموصل ، حقيقة صدمة فوز ترامب شكلت انعطافا تاريخيا ،ليس لان ترامب شخصية مثيرة للجدل واستفزازية ،أو ثرية ولكنه كان مفاجأة في مزاجية الشارع الامريكي ،التي الى اللحظة الاخيرة يهتف باسم هيلاري كلنتون بالفوز، فما الذي غير رأيه اذن، هناك حالتان غيرت الشارع الامريكي لصالح ترامب،وهما ترميم السياسة الداخلية في الضرائب وغيرها ،والثاني تصحيح السياسة الخارجية الفاشلة للرئيس اوباما وخاصة في الملف النووي الايراني وتفرد ايران في المنطقة ،وقضية العراق وسوريا وتفشي ظاهرة الارهاب فيهما،وامكانية انتقال خطره على الداخل الامريكي وتهديده الامن والسلم العالمي، في وقت تريد امريكا ان تقود العالم ليصبح القرن الواحد والعشرون هو (قرن امريكي بامتياز)
كما اراده هنري كيسنجر ،وهاتف ترامب بصدده قبل الفوز ،فماذ فعل ترامب بعد فوزه،ترامب قبل الفوز وضع استراتيجية امريكية استثنائية في الشرق الاوسط،وضعها له افضل القادة العسكريين ،والخبراء الاستراتيجيين المتقاعدين امثال فلين وماتيس ودوريان وبترايوس وغيرهم، تقوم هذه الاستراتيجية (طبعا باشراف الحزب الجمهوري)،الذي يسيطر لاول في تاريخ امريكا على الرئاسة ومجلس الشيوخ ومجلس النواب في وقت واحد، وهذا ما يعطي الرئيس ترامب حرية اتخاذ القرارات المصيرية، التي تعزز المكانة الكبيرة لامريكا في العالم ،وتجعلها قائدة العالم كله في القرن القادم، ان التصريحات المثيرة لترامب وطاقمه قبل وبعد الفوز في الانتخابات،بقدر ما اثارت وادهشت العالم والمراقبين،إلا انها وخلافا لما كنا نعتقده انها مجرد دعاية انتخابية سرعان ما تزول وتخمد حماوتها، ولكن وهنا المهم ،اعلان تشكيل كابينة الرئيس ترامب المقبلة من صقور جمهوريين وعسكريين متقاعدين وسياسيين مخضرمين ،يؤكد حقيقة ما كان يصرح به الرئيس في لقاءاته الانتخابية ،من انه سيعيد الشرق الاوسط الى حكم العلمانيين واللبراليين والمعتدلين الاسلامين ،وينهي الاسلام السياسي الفاشل والمتطرف،الذي ادخل العالم كله في اجواء الارهاب وانتج تنظيمات ارهابية تهدد الامن الدولي ،وفي مقدمة التنظيمات الارهابية ظاهرة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، والغاء الاتفاق النووي الايراني ودعم مجاهدي خلق ، وانهاء دور ميليشيات ايران في العراق واليمن ولبنان وسوريا ،حالها حال التنظيمات الاسلاموية المتطرفة الاخرى ،واعادة العراق الى الحكم العلماني واللبرالي،ولهذا استبق التحالف الوطني بإعلان مبادرة التسوية التاريخية برعاية الامم المتحدة،ان استراتيجية ترامب تلقى ترحيبا دوليا وغربيا،وحتى روسيا وتركيا، ويؤكد هذا التصريحات الايجابية المتفائلة بين الاطراف ،التي تؤكد ان عصرا جديدا مختلفا ،سيكون في عهد الرئيس ترامب ،هو عصر انهاء الارهاب الدولي ،
الذي كانت سياسة اوباما سببا رئيسيا في ظهوره في الشرق الاوسط والعالم ، وما تقرير صحيفة النيويورك تايمز ،والخاص بالعراق والمنطقة اكد هذا التحليل ،والقى الفشل كله على مرحلة غزو العراق في عهد المجرم بوش، ومرحلة سحب القوات الغازية من قبل اوباما لاحقا، وهما خطئان استراتيجيان،اثبتا فشلهما وعدم شرعية وقانونية غزو العراق، ومن نتائجه الكارثية ظهور تنظيم داعش ،لذلك نرى ان اختيار الرئيس ترامب ،لطاقم رئاسته من شخصيات تضمران حقدا كبيرا على ايران وحزب الله ،وخطرهما على المصالحالامريكية في العالم والشرق الاوسط، والاستراتيجية الامريكية والمكانة والسمعة الدولية لها ،وما فعلته في المنطقة ، من ايقاظ ودعم وتسليح الخلايا الارهابية النائمة وانشاء الجيش الشيعي الايراني في المنطقة من ميليشيات عراقية ولبنانية ويمنية حوثية ، واقرار قانون لها كحماية قانونية لها وشرعنتها ،يجعل من الاهداف الرئيسية لسياسة ترامب في مرحلة فرض تسوية تاريخية ،من اولى شروطها حل الميليشيات والغاء قانون الحشد الشعبي وحلها في لبنان،والاعتراف بمنظمة مجاهدي خلق ودعمها ، وسحب ايران جيها من سوريا والعراق،وانهاء تدخلاتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغيرها، حتى ولو تطلب الامر الى اعلان الحرب عليها ،هذه اولى استراتيجيات الرئيس ترامب في المنطقة ، كما يترشح من طاقم ادارته الجديدة من تصريحات ، ولاننسى اختيارته الدقيقة من صقوراستثنائيين من عسكريين واعلاميين (مثل وليد فارس)
رئيس الحملة الاعلامية لترامب الذي يعتبر عدوه الاوحد حزب الله في لبنان والاسلام السياسي في العراق،كما هو مارك فلين المرشح للسي اي اي وجوليان دوريان المرشح لوزارة الخارجية الامريكية والجنرال ديفيد بترايوس وامثالهم ، اجزم ان ترمب وطاقمة سيدخل العالم والمنطقة في تحولات كبرى ،لايمكن التكهن بنتائجها(ربما) الكارثية على المنطقة ، لما تحمله اجندته السياسية والعسكرية ،من قرارات تاريخية،شديدة الجرأة والخطورة ،ربما لم يفعلها اي رئيس امريكي آخربتاريخ امريكا كله، والدلائل كلها تشير ان الاستراتيجية الامريكية ستبنى من جديد على اسس بالغة الدقة ،وشديدة الحساسية ،في ظرف استثنائي ينتظره العالم كله،واقصد به ،تغول الارهاب الدولي،نتيجة السياسة الامريكية الفاشلة لجورج بوش واوباما ،والتي يدفع ثمنها الان العالم كله ،إضافة الى ايصال سمعة امريكا السيئة الان في العالم للحضيض ،برعايتها ودعمها لهذا الارهب وصناعته ، وفي مقدمته تنظيم داعش ومشتقاته وإخوانه، كما إعترفت به هيلاري كلنتون بعظمة لسانها ،في كتابها الاخير (حياتي)، وهذا إعتراف دفعت ثمنه خسارتها، في الوصول الى رئاسة امريكا،كما دفع حزبها الديمقراطي ثمن هذا الاعتراف بهزيمته امام ترامب،ان معركة الموصل بكل نتائجها ،واستراتيجية الرئيس دونالد ترامب سيكونان عنوانا لعصر جديد ،يخرج المنطقة من خانة الارهاب، الى خانة الاستقرار وانهاء دور حكم الاسلام السياسي والدول الراعية والداعمة للارهاب وفي مقدمتها ايران ، الذي فرخ لنا كل هذا الارهاب الاعمى في المنطقة……