23 ديسمبر، 2024 1:20 م

مهما كان عدد العجلات او عدد القتلى والخسائر التي خلفتها العملية العسكرية ضد تنظيم داعش التي نفذت في حزيران الماضي فانها كانت عملية نوعية بحق دخلت سجل الشرف للجيش العراقي الظافر. وسواء ضربة نيزك الثاني عشر من ايلول التي قصمت ظهر الدواعش ، ام ضربة نيزك التاسع والعشرين من حزيران الماضي ، فانهما ناتجتان عن جهد استخباري منظم ادى الى النجاح ، وهما بعض النيازك التي تتساقط على رؤوس الدواعش الخاوية ، ويمكن ان يستثمر هذا النجاح في تنفيذ عمليات مماثلة حيث بالامكان ان يتكرر السيناريو عند فرار عناصر داعش اثناء عمليات تحرير مدينة الموصل الجارية منذ عشرين يوما لخلاص المدينة من دنس داعش.
فبين الفينة والأخرى نسمع بسقوط نيازك على سطح الأرض ونتلقى التحذيرات الشديدة منها ، ولكن في عام 1954م سقط نيزك على الأرض أدى إلى إصابة امرأة … وفي 8 شباط 2016 راح أول إنسان ضحية بـ”ضربة نيزك” فى الهند.. نتيجة  سقوط النيزك على معسكر إحدى الكليات الخاصة، وهناك لعبة الكترونية اسمها “النيزك” هذه اللعبه تتطلب الكثير من الذكاء وايضا يجب ان تكون لدى اللاعب الفطنة حيث تطلق الصواريخ على الشهب والنيازك حتى لاتضرب القرى والمدن .
وبينت دراسة متخصصة أن النيزك الذي يُعتقد أنه ضرب الأرض قبل 65 مليون عام لم يسفر عن القضاء على الديناصورات وأجناس حية أخرى فحسب ، بل ادى الى تدمير مساحة واسعة من الارض وحرق المزروعات…الا ان النيزك الذي سقط على الدواعش في الثاني عشر من ايلول 2016 كان مهلكا لهم حيث ادى الى قتل ستة من قادتهم ،  ومهد لمعركة تحرير الموصل التي يخوض العراقيون غمارها الان .
فقد ذكر  القيادي في القوات الامنية العراقية عدي الخدران: ان طائرات القوة الجوية نفذت ضربة نوعية دقيقة في مطيبيجة استهدفت خلالها مضافة للعصابة الإرهابية، وأسفرت حينها عن مقتل ستة من ابرز قادتها بالإضافة الى العشرات من معاونيهم وأفراد حماياتهم”، وان العملية اطلق عليها اسم “ضربة النيزك” اذ نجحت في قتل امير “داعش” في منطقة الحاوي واثنين من معاونيه، بالاضافة الى قيادات اخرى بارزة ضمن ما يعرف بولايتي ديالى وصلاح الدين”، 
هذه العملية تذكرنا بعملية نوعية اخرى نفذتها الطائرات العراقية بُعيد تحرير مدينة الفلوجة من دنس داعش واعوانهم وذلك يوم الاربعاء الموافق للتاسع والعشرين من حزيران 2016 ، حينها تضاربت الانباء وارتبك المشهد الإعلامي بشكل كبير بعد نقل خبر العملية العسكرية النوعية التي قام بها الجيش العراقي وطيران الجيش عندما هاجم رتلا عسكريا من الاليات تحمل عناصر داعش واسلحة واعتدة كانت تروم الهرب من الفلوجة . ولعل حجم الارباك في نقل الخبر وما تردد من ارقام مختلفة حول عدد العجلات الكلي وعدد القتلى وعدد العجلات التي تم تدميرها ، وهل هي عملية هجوم لداعش اما انها فرار لعناصره  تحت جنح الليل ؟؟ اضعف الخبر مع قوته واهميته.
العملية العسكرية النوعية وقتها حققت مفاجأة كبرى ليس للشارع العراقي وحسب بل ايضاً لأولئك المحللين الامنيين المختصين الذين تضاربت اقوالهم والبيانات والأرقام التي أشاروا اليها .. وبغض النظر عن هذا الارباك ، هي عملية كبرى جاءت استثماراً للفوز بعد تحرير الفلوجة واحيائها . وكانت فرصة ثمينة لايقاع اكبر الخسائر بين صفوف وعناصر التنظيم.
وقبل التطرق الى تفاصيل العملية حسب ما تناقلتها وسائل الاعلام بعد حدوثها مباشرة ، لا بد من وضع مجموعة أسئلة .. أولها لماذا رافق  الارباك الاعلامي عملية نوعية..؟ ومن تسبب به ؟ وما هي حقيقة المعركة ؟.. هل هي تعرض من التنظيم لتحقيق نصر (محدود) بعد خسائر متعددة في المدن والقرى المحيطة بالفلوجة وصولا الى مركز الفلوجة نفسها وتحريرها بالكامل في خطوة عدتها جهات عالمية بانها تحول كبير في   المعركة ضد الإرهاب في العراق ؟.. ام ماذا ؟..
الرواية الأولى قالت ان إرهابيي داعش اضطروا الى الهروب بعد ان تعرضوا الى هزائم منكرة وذلك بواسطة عجلات شكلت رتلا قدر بـ( 500) سيارة متوجهين نحو منطقة البو عيفان باتجاه الصحراء ومن ثم الى سورية … واضافت  الرواية ان الطائرات المقاتلة للجيش العراقي ومروحيات طيران الجيش من طراز ( مي 35028 ) لاحقتهم على الفور وتمكنت بـ( 30 ) ضربة من تدمير نحو (200) سيارة لغاية قبل ظهر الأربعاء الموافق 9 حزيران 2016، ونسبت الصحفية العراقية التي نقلت الخبر من قائد عمليات الانبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي قوله ان قواتنا تمكنت من محاصرة نحو (2000) داعشي يستقلون (500) سيارة في منطقة الحصى جنوب الفلوجة . واذا صحت هذه الرواية فما مصداقية الرواية الأخرى التي نقلتها صحيفة عراقية أيضا عن متحدثين عسكريين كبار . 
تقول الصحيفة ان الحكومة العراقية انتظرت حتى وقت متأخر لكي توضح غموض العملية العسكرية التي أدت الى تدمير مئات العجلات التي يستقلها مسلحون من داعش قرب الفلوجة . وتضيف ان وزارة الدفاع اكتفت بنقل تصريح مقتضب للفريق الركن حامد المالكي قائد طيران الجيش مفاده تدمير واعطاب (426) عجلة للدواعش في الصحراء غرب عامرية الفلوجة . هذه الرواية قد تبدو اكثر واقعية لانها قدمت رقما صحيحاً وليس تقريبياً وجاءت عن مسؤول عسكري كبير . كما نقلت الصحيفة نفسها عن مصادر امنية ان القوات العسكرية استمرت بمعالجة (120) سيارة في صحراء البوبالي الواقعة شرقي الرمادي قد تكون هذه السيارات هي البقية الباقية من العدد الكلي الذي أتينا على ذكره وهو (426) سيارة . تفاصيل أخرى نقلتها الصحيفة تختلف عن المعلومات الأولى حول المعركة .. حيث ذكرت ان قيادة طيران الجيش كشفت ان اكثر من (700 سيارة كانت ضمن رتل لداعش طوله (11 ) كم ينقل مقاتلين أجانب رفضوا الاستسلام للقوات الأمنية تم استهدافه من قبل الطائرات العراقية .. وكان هؤلاء منسحبين من منطقة البو هوى المحصورة بين عامرية الفلوجة والحبانية وجزيرة الخالدية .
اما رواية المتحدث باسم العمليات المشتركة العميد يحي رسول الزبيدي لم يتطرق فيها الى الأرقام بل اكتفى بالقول ان ابطال طيران الجيش ظلوا متابعين لرتل لعناصر داعش حتى تمكنوا من تدمير مئات العجلات وقتل المئات من عناصر التنظيم. في حين ان رئيس اللجنة الامنية أبلغ الجانب الأمريكي والقوات العراقية ، بان داعش يسعى لفتح طريق باتجاه الصحراء من دون ان يتم اتخاذ أي اجراء . 
الى هنا والروايات المذكورة اكدت ان رتل داعش كان عملية انسحاب حاول من خلالها ان يشن هجوما جنوب الفلوجة عبر ارتال ضخمة بلغت (450) عجلة تحولت الى ركام نتيجة التصدي لها . وفي سؤال من احد الصحفيين لرئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي عن حجم القوة التي تم مهاجمتها من قبل طيران الجيش ، قال: ان الأرقام مبالغ بها الا ان ما يقارب (100) عجلة لداعش قد دُمرت بهجمات منظمة من طيران الجيش في عملية بطولية نوعية. 
المهم ان الجيش العراقي المقدام قادر على شن عمليات عسكرية نوعية ومؤثرة تسبب الارباك والخسائر الجسيمة للعدو مهما كانت غطرسته .