22 نوفمبر، 2024 5:15 م
Search
Close this search box.

هل يستحق منا جهاز مكافحة الإرهاب التحية؟

هل يستحق منا جهاز مكافحة الإرهاب التحية؟

نمر بظرف عصيب ما بين المواجهة العسكرية بكل صنوفها مع الدواعش والمليشيات ووسائل اجرامهم بحق العراقيين على امتداد الوطن ومحاولات تفتيت الوحدة الوطنية وامام التضحيات وملاحم البطولة والصمود التي يسطرها ابناء قواتنا المسلحة، ومكافحة الارهاب اصبحت ضرورة وطنية نتحمل جميعا مسؤولية التصدي لها من كل المواقع الامنية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية والدينية.//
 في عهد حكومة السيد المالكي الأولى شاركت في جلسة نقاشية لمناقشة مشروع قانون جهاز مكافحة الإرهاب وكانت ترعى الجلسة الأمم المتحدة، وكان القانون فيه ثغرات عديدة وتم مناقشتها بصورة موضوعية منها وجود خلاف من ناحية المساحة التي سيشغلها والجهة التي يربط بها، وكنت بعدها أتأمل ان يخرج هذا القانون الى النور لأني مطلع على تأسيس قوة جهاز مكافحة الإرهاب ولي فيها أصدقاء محامين وقانونيين وضباط اكفاء ولهم روح وطنية لخدمة بلدهم ومدرك لخطورة قيام جهاز له دور كبير في مكافحة الإرهاب بعمله بدون غطاء قانوني؛ لان في ذلك غمط لحقوقهم واسقاط الحماية القانونية عن نشاطهم، وكتبت عدة مقالات اشرت فيها لذلك، لكن الكتل النيابية لم تبعد مشروع هذا القانون الحساس الذي يمس تكوين جهاز يلعب دوراً مهما في مكافحة الارهاب عن حساباتها السياسية، الى ان تم تشريع القانون في 13/8/2016 ومصادقة رئيس الجمهورية عليه في 28/9/ 2016، ومنذ بداية معارك قوات جهاز مكافحة الإرهاب مع داعش الإرهابي كنت ولا زلت متابع جيد لنشاطاته بسبب اعجابي بتدريبه واختيار عناصره، وقدرته في حسم معارك عديدة وبخاصة منها حرب الموصل، كونهم مؤثرون جدا ويقومون بعملياتهم بشكل منضبط وتركيزهم دوما على هدفهم بحرفية عالية ومعاركهم مع داعش زادتهم قدرة واحترافا وخبرة في ادارة عمليات قتال غير تقليدية، او عمليات قتال مباشر، وعمليات الانزال الجوي، والعيش في المعركة والمقاومة واصبحت قوات حروب غير تقليدية، لهم حس جماعي، وقد عايشت ميدانيا في الفترة الأخيرة عدة ممارسات رائعة من قوات الجهاز المشاركة في حرب الموصل وبالأخص قادتها (الفريقين الركنيين عبدالوهاب الساعدي وعبدالغني الاسدي) اللذين كانا مثال للبطولة والشجاعة والتعامل الإنساني، ومن خلال مساعدة النازحين وتلبية احتياجاتهم من المواد الغذائية واللوجستية الخاصة بأفراد الجهاز، وتهيئة باصات فارغة لمبيت العوائل بها ليلا، وبطريقة لا تمنعها ضراوة الحرب ولا حتى نصف الليل او بزوغ الفجر، لإنقاذ العوائل النازحة، ورويت لي عدة مواقف إنسانية كانت تشير بان  الجهاز يولي اهتماما بأرواح المدنيين وأوضاع النازحين وتحسين ظروفهم الاقتصادية الاجتماعية والصحية وتسريع تأمين الظروف لإعادتهم لمناطقهم.///
العلامة الفارقة في عمل قوات جهاز مكافحة الإرهاب العراقية مؤخرا، هي عملهم بمهنية عالية بعيدا عن المزايدات السياسية في الساحة، وواجه جهاز مكافحة الإرهاب المجاميع الإرهابية (داعش وشبيهاتها) بقدر كبير من الكفاءة وحاول اختيار الظروف المكانية والزمانية لتحقيق أكبر عدد من الأهداف وتقليل نسبة معارضة الرأي العام والحرص على زيادة نسبة الرأي العام المؤيد للمعالجة الأمنية، للإرهاب بفضل تعامله في تعزيز فكرة تلاحم المجتمع، وهذه القوات قوات محترفة في القبض وانهاء الخلايا الارهابية وفي أعلى حالتها، ويقومون بأثقل العمليات امام أعظم الافراد الإرهابية وبهذا يحمون حياة الأبرياء، ويقومون بمهمه تحدد مصير الامن القومي للبلاد، وضباطه وجنوده يوقعون تعهدات قانونية بعدم التحزب أو الميل إلى طائفة معينة، وأن يكون ولاؤهم للعراق، واليوم  القوات من خيرة القوات الخاصة الموجودة في المنطقة كونهم خاضوا عدة معارك مع الارهاب بحرفنة عالية تكللت بالنجاح، وقد اظهر موقع  “eBaum’s World” تصنيفاً لأكثر القوات الخاصة “رعباً وتخويفاً” في العالم، والذي وضع قوات مكافحة الارهاب العراقية في المرتبة الـ 12 عالمياً.///    شاركت في اعمال مؤتمر سنوي عقد في شهر تشرين الثاني في احدى جامعات دول الخليج بعنوان (الإرهاب وسبل معالجته)، من خلال بحث بسيط عن الإرهاب، وقد شارك فيه علماء وباحثين، كان في مقدمتهم العلامة التونسي عبد الفتاح مورو، ود. يوسف الصديقي، وتطرقت في البحث لعدة نقاط منها:::الف-  تندرج قوات مكافحة الإرهاب في العراق تحت قيادة مكافحة الإرهاب الأمريكية CTC، وتشكلت بداية بقرار وزاري وليس بموجب القانون العراقي؛ وعبر القرار التنفيذي 38 في 6 كانون الأول 2006 ويؤكد القرار إخضاع قوات العمليات الخاصة لسلطة رئيس الوزراء؛ وكذلك القرار التنفيذي 14 في 24 كانون الثاني؛ وأيضا القرار التنفيذي 61 في 5/نيسان/ 2007 بوضع جهاز مكافحة الإرهاب تحت سلطة رئيس الوزراء؛ لكن السيطرة والقيادة ظلتا أميركية، فيما يحاط السيد المالكي علماً بتحركات الجهاز ضد الأهداف، وفي شباط عام 2007 تغير اسمه من العمليات الخاصة الى جهاز مكافحة الإرهاب، ونُقل الى السيطرة العراقية الكاملة مطلع عام 2008 .//
باء- تضم قوات مكافحة الإرهاب بداية وحدات الدعم العسكري GSU وخمس مراكز للتنسيق الإقليمي RCC في مناطق الاهتمام المذكورة أعلاه وكتيبة الاستطلاع RECCE وكذلك وحدة الفدائيينCDO؛ مضاف لكتيبة الدعم SPT؛ وقوة مكافحة الإرهاب ICTF.//
جيم- ارتباط الجهاز وظيفيا برئيس الوزراء كونه القائد العام للقوات المسلحة، ودستورياً لأن النظام العراقي برلماني، وبالتالي، فإن مثل هذا الجهاز يكون ارتباطه عادة برئيس الوزراء، كما هو الحال في دول اخرى.//
ولا بد من التذكير؛ أن جريمة الإرهاب هي جريمة حقوق إنسان؛ فالعلاقة تناسبية فاحترام حقوق الإنسان هو أفضل طريقة لمكافحة الإرهاب والعكس بالعكس، وقد دأبت الدول على التصدي لآفة الارهاب عبر سن قوانين تختلف بالتسمية وتتفق في الفحوى الهدف منها مكافحة الارهاب والقضاء عليه ولربما اكتفت بعضها بتعديل القوانين النافذة التي تعاقب على الجرائم عموماً وتقرر لهذا النوع من الافعال عقوبات مشددة واجراءات خاصة أمام المحاكم الوطنية، والدول احتاجت في مرحلة زمنية معينة إلى اساس قانوني تتكأ عليه في ذلك فوجدت ضالتها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1373 لسنة 2001 المتخذ تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، وهو بطبيعة الحال ملزم لجميع الدول لاتخاذ اجراءات تجرم بعض الاعمال بوصفها ارهابية لمنع ارتكابها أو التمهيد لارتكابها كالتحضير لها وتمويلها.///
وبسبب وقوع بعض الاعمال الارهابية في كثير من الدول سارعت الاخيرة لسن قوانين تكافح الجريمة الارهابية، الا ان هذه التشريعات انحرفت عن مقاصدها وذهبت إلى تكميم الافواه واضحت اداة بيد السلطة الحاكمة ضد خصومها ما نتج عنه غياب تام للأمن المجتمعي بزج الالاف في السجون تحت حجج واهية بل تمت محاكمة الكثير منهم دون ان توفر لهم مقومات المحاكمة العادلة وفرضت عقوبات قاسية عليهم، فكان لهذه التشريعات دوراً سلبياً في حياة الشعوب المتطلعة للحرية، لانتهاكها كرامة الانسان ومعاملته بشتى ضروب المعاملة المهينة لانتزاع اعترافات تدينه ولو بالباطل، وامست هذه التشريعات تمثل خطراً على الأمن المجتمعي وتمثل قيداً على ممارسة الحقوق والحريات.//
وقانون مكافحة الإرهاب العراقي المرقم 13 لسنة 2005 النافذ احد القوانين التي تحتاج الى تعديل، حيث كان للأمم المتحدة راي فيه، واذكر نص تقييم لجنة مكافحة الارهاب في مجلس الامن الدولي له ((انه قانون يتيح للسلطة قمع معارضيها …قانون ينزلق الى محاكمات سياسية )).. لأن المادة الثالثة فيه تتعلق بالجرائم ضد امن النظام ولا علاقة لها بالفعل الارهابي.//
وأخيرا، ان (داعش) طفيلي ويحتاج لحواضن لديمومته وتمدده حاله حال البلهارزيا والملاريا، فالاستراتيجية الحقيقية في مكافحته تماثل الطرق الطبية مثل التشخيص الدقيق للحالة واعطاء العلاج الناجع القليل المضاعفات وايجاد اللقاح اللازم الواقي والتحصين الحقيقي لمنع انتشار المرض وسبل الوقاية منه وهذه الفلسفة مطلوبة حاليا في كيفية التفكير في القضاء على الدواعش.

أحدث المقالات