19 ديسمبر، 2024 7:48 ص

بلاتوه” مسرحية جامدة وفي حالة سكون مقصود

بلاتوه” مسرحية جامدة وفي حالة سكون مقصود

يتصدون لكل ما هو زائف في وطن تخلى عنهم، وكأنهم لقطاء، لا  آباء لهم ولا سند، ولابيت واحد يضمهم / صانعين عالمهم الجديد عبر حوارات مسرحية تنبت وردة فوق حجر منتدى المسرح / وهم يقدمون عملهم الجديد على قاعة  منتدى المسرح التابع الى دائرة السينما والمسرح / وهو عمل تجريدي نلمح من خلاله في هذا العرض الذي يصلح لمسرح الغرفة لعدد محدود من المتفرجين كي تصل تفاصيله بشكل دقيق وهذا ما شاهدناه بالفعل من قبل فريق العمل الذي يستحق منا كل التقدير والاحترام ، ثيمة ” المخلص ” التي عمل عليها فريق العمل ثيمة قديمة مـأخوذة عن قصة ” الانتظار” أو في انتظار كودو ” لصموئيل بيكت ، ومن وجهة نظر فريق العمل من هو الذي سيولد ليزيح الظلم الذي يحيط أبناء شعبنا العراقي ويقيم العدل ، وعدم الأتكاء على جهة أو طائفة في ظل التجاذبات السياسية الحاصلة في البلد ، وهذا ما أكده المخرج والمؤلف عبر أختيارهم  المكان ” بلاتوه ” وهو مكان عراقي معروف في دائرة السينما والمسرح ، وضرب المكان من قبل الاحتلال لمسخ الثقافة ودفنها ” وهذه الثيمة  التي تكررت في العديد من الاعمال المسرحية  التي قدمت من قبل الفنانين في زمن النظام السابق وعدم فسح المجال بالتعبير عن حرية الرأي ، وهذا النظام معروف لدى الجميع كان يجثم على صدور جميع العراقيين ، فلماذا لا يسمح الان بالتعبير بشكل واضح وصريح ويتحمل الفنان والكاتب مسؤوليته الاخلاقية تجاه شعبه الذي يعاني ظلم المحتل والحاكم  دون العودة  ثانية الى الواجهة التستر تحت مسميات رمزية عديدة ،وخير دليل على ذلك       مسرحية ” بلاتوه ” وهي من تأليف الكاتب ” حسين جخيور ” واخراج الفنان ” اكرم عصام ”   يبدو المخرج الذي قال كلمته من خلال أدواته الأخراجية والتي عبر عنها بكلمته ” كلما تقف  وتنظر  خلفك تجد الاخرين  قد سبقوك بالالتفات والانتظار لا جدوى منه اذا اردت شيئا عليك ان تطلقه بقوة خارج صدرك فالاحلام لا تتحقق اذا بقيت احلاما ” وانا يقينا أنطلق من رؤية المخرج من أجل تدعيم جسور تواصل الأجيال المسرحية والربط بينهم وتشجيعهم وتدعيمهم نفسيا ومعنويا بل وماديا إذا أمكن ، وفي تصوري أن النهوض بالحركة المسرحية لن يأتي إلا على أيدي حركة مسرحية مستقلة ،  وهنا يؤكد شفيق المهدي في كلمته  وهو اللاعب الأكبر الان في الساحة الفنية اذا كان صادقا ً وعدم الانجراف الى الكذب والتدليس والوقوف مع مجموعة والغاء مجموعة أخرى كما حدث في زمن الحزب الواحد ،وقد أدت تلك الظواهر إلى أن يكره المسرحيون بعضهم البعض ، وأن تتعالى فئة على فئة أخرى ،  لأن هناك العديد من الاصوات الشابة المسرحية تطالب برحيله ، لأنه لم يكتف بالانجرار وراء شعارات الحكومة التي تريد  طمس هوية الفنان العراقي ، وسد كل منافذ الابداع عبر شعارات ” الحرام / والحلال ” وكما يقول في كلمته المهدي ” جيل اخر من المخرجين ومن الممثلين والمصممين يظهر وبقوة ليؤكد وجوده على ساحة وخشبات مسارح العراق ودائرة السينما والمسرح بالذات ”   لا يستغل هذا الجيل ولا يكون مطية أو مبررا لتبديد المال العام و ” التهليب ” منه والنهب والخطف بأبرع الوسائل والسبل ،  ونلمح لدى الشباب المسرحي الواعي طموحا في تقديم الأعمال الواعية ، فجاءت المسرحية التي عمل عليها فريق العمل من سينو غرافيا ” بشار عصام ” وتمثيل ” علاء قحطان ” وهو أبن الفنان المعروف ”  قحطان زغير” الذي عمل في العديد من الأعمال المسرحية الجادة في معهد الفنون المسرحية وخارجه ، والفنان الشاب ” ايمن جمال ” والفنانة ” علا عماد ” في جعل خطتهم الاخراجية واعية وذلك من خلال توظيفهم للضوء وللتكنولوجيات الجمالية واختيارهم قطع الديكور المعبرة عن زمن الاستهلاك متمثلة في سكة الحديد أو ” الشاريو ” والكامرة السينمائية القديمة التي تحمل الزمن الغابر والحزين لهذا البلد الدامي الذي أنتهك من قبل زمر سياسية لعبت بمقدراته وسيطرت على أبناء هذا الشعب تحت وابل السجون السرية والقوات القذرة ، فكان المحرك هو المخرج أو السيد الذي يتلاعب بمقدرات هؤلاء الذين جلسوا لسنوات عديدة ينتظرون مخلصهم ، وهنا اتساءل لماذا اختار مخرج العمل ”  إمرأة ” لعبت دور السيد أو المخرج وهو رمز للسيطرة وأعطاء الأوامر وتوصيل الأدوار من قبل المجهول ،فكان الجانب المرئي والجمالي للعرض من خلال ” سينوغرافيا ” عميقة مشبعة بدراسة واعية للنص مدعومة بالمستوى الأدائي الذي لعبه الممثلون لأنهما أساس العمود الفقري في العرض المسرحي ، ورحم الله ” البير كامى ” الذي ذكر أنه كان يهرب من جو الأدب الى المسرح ، لأن الأدباء كانوا يشعرونه بأنه ارتكب ذنبا وعليه أن يعتذر عنه .
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات