ذِكْرَى 18 تشرين تجهض إعادة إنتاج القطيع؛ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى بدعاية الفاشي والنازي والبعث الذي لجأ إلى جحر مرتين. مسؤول الدعاية النازية:
– دعني أوجه الإعلام لأمنحك قطيع خنازير Lat me control the media and I will give a herd of pigs.
فَفي مثل هذه الأيام الخريفية الحزينة، تساقطت أوراق خريف الغضب الصفراء والحمراء الداكنة، أوراق الرفاق والنفاق والشقاق في العراق. في مثل هذه الأيام، 18 تشرين الثاني 1963م، كان الفرار الأول لعصابة الشرعية الثورية الحزبية، وَالذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ لا القطيع الأعجم البهيم في الليل البهيم، لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ (الحديث)، لأن الضال مضل وكافر بحق وطن حبه إيمان، أسس لفرار ذِكْرَى مولد البعث نيسان البعث ومخاض الولادة القيصرية العسيرة المؤلمة 2003م. انقلب عارف الأول على قطعان ميليشيا الحرس القومي في مثل هذه الأيام، أذاع رئيس حكومته الفريق طاهر يحيى، عشية ليلة الجمعة 21 تشرين الثاني 1963م، بياناً عبر إذاعة وتلفزيون بغداد:
«اننا ثرنا لنقلع دابر الشكوى من تصرفات بعض القياديين وبعض الحرس القومي..».
واصدر العميد رشيد مصلح الحاكم العسكري العام بيان رقم (127) طالب فيه رؤساء الدوائر والمصالح الرسمية وشبه الرسمية وعمداء الكليات ومدراء المدارس والشركات والمعامل واصحاب المصالح الاخرى بعدم تزويد منتسبيهم من الحرس القومي بهويات جديدة.
يذكر (شامل عبدالقادر – لمحات صحافية عن عراق 1968- 2003 الحلقة التاسعة) ، «ان ناقلة عسكرية فيها ضابط بدين واشيب برتبة رائد واربعة جنود طوقوا جامعة وحسينية الهادي في حي الحرية يوم الانقلاب وكان المدعو اسكندر مسؤول الحرس القومي في الكرخ قد اختبأ على سطح الحسينية وراح يرمي عدة اطلاقات من مسدسه وكنا مجموعة من المتفرجين نقف ازاء الناقلة فسمعنا الرائد يقول لاحد جنوده: اذهب وجيء بهذا الولد.. وصعد الجندي مع بندقيته وبعد لحظات عاد وامامه اسكندر رافعاً يديه الى اعلى ثم امره الضابط بالصعود الى الناقلة وحدث شيء غريب اذ هجمت الناس المحتشدة على اسكندر ومنعهم الضابط ثم راحوا يرمون اسكندر بقشور الرقي وكان الجنود يرفعون اسكندر من حوض الناقلة والناس تبصق في وجهه او ترميه ببقايا النفايات والنعال وبعضهم راح يضربه بحذائه حتى تفجر الدم من وجهه ولم يعد قادراً على الوقوف على قدميه وكان الجنود يرفعونه ويضعونه امام الناس وهؤلاء يقذفونه بما وقع تحت ايديهم او يبصقون عليه ثم امر الرائد ان تغادر الناقلة واخذ الناس يصفقون له. كما شاهدت شخصياً بعد ساعة او اكثر من اذاعة بيان الانقلاب ان عدداً من الحرس القومي في الحرية قد تسلحوا باسلحتهم واتخذوا اماكنهم قرب (باتا)
ولمحت بينهم وليد الخشالي (الذي تولى منصب سفير العراق في دمشق بعد 17 تموز 1968 حتى عام 1979 ثم القي القبض عليه بعد اسابيع من مؤامرة عايش وقيل بانه قد اعدم وقد اخبرني شقيق زوجته بانهم يجهلون مصيره) وكان مع وليد نفر قليل من الحرس وبعد ساعات لم يبق سوى وليد اخذ يرمي الجيش برشاشته ثم استسلم وقد حكم عليه بالاعدام ولم ينفذ. في البداية اذاع عبدالسلام عارف بياناً من محطة الاذاعة والتلفزيون قرر بموجبه حل الحرس القومي قيادة ومقرات وافرادا والغاء القوانين والانظمة والتعليمات والاوامر الصادرة بخصوصه واعادة تشكيل المجلس الوطني من رئيس الجمهورية رئيساً وعضوية كل من القائد العام للقوات المسلحة ونائب رئيس الجمهورية ونائب القائد العام ورئيس اركان الجيش ومعاونيه وقادة الفرق وقائد القوة الجوية والحاكم العسكري العام وضباط اخرين يتقرر انتخابهم بالمجلس.
كما عين عميد الجو الركن حردان التكريتي (بعثي اشترك مع عارف في الانقلاب ثم بعد ان طرده الاخير اصدر كتيباً صغيرا اسمه ـ خنت عقيدتي ـ ويقصد خيانته لحزب البعث وفي 17 تموز 68 اسهم في الحركة واذاع البيان الاول بصوته وبعد ذلك بوقت ليس طويلا اغتيل في الكويت على ايدي رجال الامن العراقيين بتوجيه من صدام) في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة اصدر عارف امراً منح فيه رئيس اركان الجيش صلاحية ادارة العمليات العسكرية ضد الحرس القومي ولم يكن من مبرر لهذا البيان اذ ان معظم افراد الحرس القومي استسلموا بساعات قليلة بعد اذاعة بيان الانقلاب والكثير منهم بعث بالزوجات يحملن اسلحتهم الى مراكز الشرطة كما قام البعض الاخر برميها في البالوعات ولم تحصل اشتباكات قوية بين الطرفين».