22 ديسمبر، 2024 8:51 م

كل منا تمر به لحظات سعادة لكن هل هو سعيد ؟ لحظات السعادة قصيرة ومفعولها لحظي على عكس لحظات الحزن فهي طويلة الأمد ومهما طال الزمن يبقى في النفس غصة منها , لا أرى في كل من حولي أنسانا يقول أنا سعيد, الكل لديه نواقص في هذه الحياة وأهداف منشودة مستعصية المنال وأمال خابت ومشاريع فشلت وأماني تلاشت وأحباب هجرت الخ , لا اعرف هل الإنسان هو تركيبة جاحدة لا ترى الفرح وترى فقط الحزن ؟ هل هناك احتمال إننا سعداء ولا ندري ؟ أم هل إن الإنسان دائما ما يسعى إلى ما يحزنه ؟ أو هل إن طموحات الإنسان فوق المسموح له ؟ لا اعرف لكني متأكدة إن الكل في حالة حزن .

الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم عندما ذكر طريقة بث الأرواح في الأجنة في داخل الأرحام قال انه في تلك اللحظة يكتب الإنسان سعيدا أو شقيا علما انه مكتوب ذلك في اللوح المحفوظ مما يدل على وجود أناس سعداء في الدنيا السؤال هنا أين هؤلاء السعداء ؟ ربما إنهم سعداء ولكنهم لا يعرفون إنهم سعداء أو احتمال إنهم سعداء لكنهم يجحدون نعمة السعادة التي انعم الله بها عليهم .

أنا في تساؤلاتي هذه لا اعترض على قضاء الله وقدره إطلاقا ولا اشك بل أنا أشبه نبي الله العزير (عليه السلام ) عندما تساءل كيف يحي الله الموتى فهو لم يشك ابدآ في قدرة الله بل تساءل لأنه لم يستوعب.

كل واحد منا يغني على ليلاه المنشودة وحزينا عليها ويظن إن حياته لن تستقيم إلا إذا حصل عليها وقطعا إنه لو نالها فستستجد له ليلى أخرى وهكذا يبقى الإنسان في أمل دائم ورغبة دائمة وحزن دائم , فهناك من يريد حبيبا ينسيه الدنيا وما فيها وأخر يريد مالا يبذخ به ويسرف ويتمتع  وأخر يتمنى ولدا يسليه في هذه الدنيا ويملئ حياته وأخر يريد جاها ومكانا عليا الخ من طلبات البشر التي لا تنتهي .

في القران الكريم وردت صفات كثيرة في وصف الإنسان منها انه خلق في كبد والكبد هو الهم والغم مما ينسجم مع ما ذكرته أعلاه من إن الإنسان في حزن دائم .

أنا شخصيا كل ما أتمنى شيء لا يتحقق لا اعرف لماذا مع إني لا أتمنى إلا المعقول وأنا ممن قال فيهم رسول الله (ص) (رحم الله امرئ عرف قدر نفسه ) فانا اعرف قدر نفسي ولا اجمح بتفكيري وآمالي إلى المستحيل , أنا اعرف إن هذه الدنيا دنيا ابتلاء وامتحان للبشر واعرف إن المؤمن مبتلى ولا أنسى قول رسول الله (ص)  ( إن الله إذا أحب مؤمنا ابتلاه ) لكن نحن في الأول والأخر بشر طاقتنا محدودة وصبرنا محدود اللهم لا اعتراض  .

قال تعالى ( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين ) أنا فعلا في حالة يأس من الدنيا وما فيها من الناس إذ لم اعد امتلك القدرة على التميز  بين الطيب والشرير , لكني ابدآ وإطلاقا وبتاتا لم ولن أييأس من روح الله , الله الرحيم الرءوف المعطي المنان الكريم الذي حتما سيعوضنا بأفضل العطاء سواء في الدنيا أو في الأخرى .