ثلاثة عوامل كانت مهمة ورئيسية في هزيمة داعش في الموصل والنجاح الكبير الذي حققته جحافل العراق الغيارى من القوات الأمنية بكل مسمياتها ..فالعامل الأول هو عزيمة القوات الأمنية وقياداتها على هزيمة داعش وإنهاءه في العراق والعامل الثاني هو الدافع المعنوي الكبير لدى هذه القوات بعد الإنتصارات التي حققتها في جرف النصر وتكريت والرمادي والتي لم يتبقى لها سوى إنهاء النصر في الموصل والعامل الثالث وربما هو االعامل الرئيس وهو نجاح وحسم المعركة إعلاميا وهو العامل المهم في كافة المعارك لما يشكل الإعلام الدور الكبير في أي مفصل من مفاصل النجاح.
والتأثير الإعلامي الذي نتحدث عنه هو الذي أنتج إنتصارات سريعة وحسم معارك بأقل التكاليف. فالتحضيرات العسكرية لتحرير الموصل كان يرافقها تحضيرا إعلاميا كبيرا خاصة في مجال العزيمة على إنهاء داعش في العراق وكذلك حجم القوات المشاركة والساندة التحاق قوات وفصائل جديدة مع تلك القوات وبث أخبار عن وجود تمرد داخل الموصل ضد داعش ووجود مدنيين يتعاملون مع القوات الأمنية وإيصال معلومات عن تحركات داعش وحجم قواته وتمركزها وهروب قيادات من داعش بإتجاه سوريا وكل هذه الضربات الإعلامية جعلت عزيمة النصر تصل الى حدود متقدمة وعالية وكذلك جعلت داعش تتخلى عن الكثير من المناطق وتتمركز في وسط المدينة,
وكان دور الإعلام الكبير في إنتصارات الموصل له الأثر الكبير في هروب قيادات داعش ونقل مقراتهم الرئيسية الى خارج حدود العراق بإتجاه سوريا وهذا دليل على تأكيد وإقرار داعش بالهزيمة ولو كان الحال مختلفا لما هربت تلك القيادات. حيث بادرت الماكنات الأعلامية ببث روح النصر لدى جميع المقاتلين وبكافة صنوفهم وتوجهاتهم السياسية والدينية والتي ولدت لهم العزيمة وتأكيد النصر الذي كان يشكل لدى الجميع مسألة وقت لاأكثر.
أما أهم ماسجله الإعلام العراقي من نجاح هو تشكيل تحالف الإعلام الوطني الذي كان له الدور الأكبر في نجاح دور الإعلام حيث تحولت القنوات الفضائية العراقية من قنوات ترافق الفصائل والقيادات التي تتبع لها وتمولها وتسجل وتنقل إنتصاراتها تلك الى قنوات وطنية تعمل من أجل تغطية جميع الإنتصارات لجميع المناطق ولجميع القوات المتواجدة في تلك المعارك ومنها قناة العراقية الحكومية التي كانت لها حصة الأسد في النجاح والتأثير لما تمتلكه من إمكانيات مادية وبشرية مهنية كان لهم حضور فاعل قبل المعركة وأثناء سير المعارك وتغطيتها أولا بأول. وللمرة الاولى في تاريخ الإعلام العراقي تبث 15 وسيلة إعلامية نشرة موحدة تحت اسم (نشرة اخبار الموصل) عند الساعة 6 مساءً .وهذا اقل واجب يقدمه الإعلام الوطني لمساندة الجيش العراقي بالدفاع عن ارض العراق ولابد أن يستمر هذا التحالف حتى بعد طرد داعش وتحرير الموصل لانه سيكون داعما لدولة العراق في جميع التحديات وفي الحرب والسلم وله الأثر في اللحمة الوطنية خاصة ان وسائل الأعلام المتحالفة تمثل عدد من القنوات الفضائية التابعة لكتل واحزاب تشوب علاقتها بعض التوتر وعدم الأنسجام ووجود هذا التحالف سيعمل على تقريب وجهات النظر وتهدئة النفوس وترطيب الأجواء.وهنا لابد أن نشير الى مسألة الحرص من قبل مراسلي القنوات الفضائية المنضوين تحت تشكيل التحالف الأعلام الوطني بالتقدم الى الخطوط الأمامية ومرافقة القوات في الخطوط الأمامية وهذا ما إفتقدناه والذي لم يسجل في معارك تكريت والرمادي وهذا دليل على التنافس بين الفضائيات على نقل الحقيقة ولحظات النصر أول بأول وهذا ولد شعورا لدى جميع المواطنين والمتلقين ان الأنتصارات حقيقية وعلى أرض الواقع وهذا الشعور كان شبه غائب في معارك سابقة حيث كانت القنوات الفضائية تدخل الأراضي المحررة بعد القوات العسكرية وتغطي الحدث ويمكن أن نطلق علية تسمية (النصرالإعلامي الجاهز) فيما شاهدنا ونشاهد يوميا مراسلو القنوات الفضائية ضمن تحالف الإعلام الوطني وهم يسجلون الإنتصارات القريبة والإشتراك بالمعارك كأي جندي يحمل بندقية والدليل إستشهاد وجرح أكثر مراسل من مراسلي ومصوري تلك القنوات.
ولابد أن نشير أيضا الى ان الإعلام العراقي وخلال معارك تحرير الموصل تجرد من إنتماءه السياسي والديني والطائفي وتحول الى إعلام وطني يقف صفا واحدا من أجل بث روح النصر لدى المقاتلين وطمئنة المواطن العراقي والمتابع في أي مكان ان النصر آت لامحالة وهزيمة داعش باتت وشيكة وهي مسألة وقت لاأكثر.وكانت هناك رسالة واضحة مفادها أن الإعلام في مقدمة الوسائل القادرة على الاسراع في حسم هذه المعركة وإعادة السلام الى أرض العراق والمضي في العملية السياسية بالشكل الصحيح، فالاعلام اليوم هو المحرك الاساسي في الخطاب حيث تقدم الصفوف ونجح في بث روح النصر وكان له ما أراد.