ان موقع محافظة نينوى في شمال العراق ومجاورتها سوريا، يعطيها أهمية عسكرية واقتصادية كبيره؛ ويجعل التعامل مع موضوعها ذا حساسية عالية، والمحافظة ستتحرر في القريب العاجل انشاء الله بجهود قواتنا المسلحة الوطنية الباسلة، لوجود ارادة وطنية ودولية واضحة للتحرير، ولأن داعش أدت ما عليها من مهام والتزامات وباتت نهايتها قريبة على وفق الحسابات الدولية الي أسهمت في نشأتها.//
شاركت خلال الأسبوعين المنصرمين في ورشة عمل نظمها معهد الولايات المتحدة للسلام بالتعاون مع منظمة «سند» العراقية لتحقيق السلام، وكذلك في ملتقى الشرق الأوسط للدراسات والحوار واللتان اقيمتا في أربيل، والتقيت مع شخصيات عديدة(برلمانية وسياسية) وكان الحوار جله على المصالحة الوطنية وإدارة محافظة الموصل بعد داعش وإعادة النازحين واعمار مناطقهم، وكان حديث نائب رئيس الجمهورية (أسامة النجيفي) مؤخرا حاضرا في عدة نقاشات جانبية.//
ومن استقراء مضامين لقاء السيد نائب رئيس الجمهورية (أسامة النجيفي) مع المركز الخبري للأعلام في 3/11/2016، نجد ان الحديث فيه قضايا كبيرة مهمة، اكدها اللقاء؛ أهمها التدخل الإيراني في العراق وحرب تحرير الموصل ومشاركة الحشد الشعبي في معركة تلعفر، وتجسد ذلك عندما سئله المحاور في المركز الخبري:
هناك تحسس واضح من قبل القيادات السنة من الحشد الشعبي؟؟؟
فأجاب السيد النجيفي: ((هناك آلاف المواطنين من المذهب السني الذين اختفوا وهناك مناطق محررة لم يسمح لأهلها بالعودة وهناك تهديدات تطلق من بعض القيادات البارزة في الحشد لأخذ الثأر من السنة على خلفية القضايا التاريخية التي تجاوز عمرها اكثر من الف سنة وهذه المسائل كلها تعزز مخاوفنا من ان تجري أمورا غير قانونية …ويمكن أن تؤدي الى مواجهات أهلية كبرى ونحن مع منع الحشد الشعبي من المشاركة في معركة تلعفر لأنه لا توجد مشكلة في إعداد الرجال والجيش العراقي من كل الجهات والمذاهب ..وجود الحشد عامل سلبي وتخويف وقلق من ان هناك مشروع اخر يريد ان يهيمن على الاراضي السنية بطريقة غير قانونية وينفذ اجندات دول اخرى وبعض فصائل الحشد الشعبي تعلن بشكل واضح الولاء الى ايران ولا تخجل من ذلك وتقول انها تتبع ولي الفقيه الإيراني وسأقاتل في سوريا مع النظام السوري والآن لديه مئات المقاتلين الذين يقاتلون بسوريا من دون إذن الحكومة العراقية كل هذه القضايا تعزز المخاوف من الحشد الشعبي وتجعلنا نرحب بالجيش العراقي لتحرير المناطق من داعش … ويفترض ان لا يُسمح لأي قوى مسلحة ان متمردة على الدولة وتنتمي بالولاء لدولة اخرى ان تبسط نفوذها وانا اعرف ان هناك محافظات جنوبية الأمن فيها تدهور وفقد بسبب وجود هذه الجماعات بطريقة نافذة أقوى من الجيش والشرطة)).//
وحسنا فعل رئيس الوزراء بعد لقائه بوفد عشائر تلعفر عندما طلبوا منه عدم مشاركة الحشد الشعبي في دخول تلعفر ووافق على ذلك، درءا لفتنة كبيرة قد تجعلنا في صدام مع الاتراك وبين المكونات داخل تلعفر، والحشد الشعبي الذي لبى نداء المرجعية والذي يضحي بدمائه لأجل الوطن والحفاظ على الدولة العراقية موحدة، ليس هناك مشكلة حوله، لكن المشكلة والقلق الأكبر باتجاه فصائل؛ كما بينها نائب رئيس الجمهورية تدين الولاء لإيران بطريقة غريبة عجيبة؛ فعند ملاحظة هذه التصريحات يجعلنا نشك بان هذه الفصائل تعمل تحت مظلة الدولة وتحت اشراف مكتب القائد العام للقوات المسلحة؛ لان بعض تصريحاتها تسقط هيبة الجيش وتتجاوز على دول صديقة وتؤشر لحالات تتلاشى فيها هيبة الدولة، خاصة عندما صرح نائب الأمين العام لسرايا الخراساني التابعة للحشد الشعبي (حامد الجزائري) امر اللواء(18) لوكالة (ميزان) الإيرانية في 11/10/2016 “إن العبادي سلم قاسم سليماني جميع الملفات الامنية وقيادة العمليات العسكرية بالبلاد”، وإن “أغلب قيادات الحشد الشعبي هم من العراقيين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية إلى جانب الحرس الثوري الإيراني وإن دماء العراقيين التي سالت في تلك الحرب لم تخرج عن دائرة الدفاع عن ولاية الفقيه” وإن “الحشد الشعبي يعتبر سليماني مندوبا لخامنئي في العراق”، وأكد ذلك ايضا علي الياسري، قائد سرايا الخراساني، في تصريحات لنفس الوكالة، لدى زيارته لطهران، إن الحشد الشعبي يعتبر نفسه “تابع لدولة ولاية الفقيه التي لا تعترف بالحدود”.//ان تلك التصريحات تنتزع الصبغة الوطنية للحشد الشعبي وتجعله يدور في فلك دول إقليمية، ويثير تساؤلات؛ بان هذه الفصائل ذات منهج ازدواجي، فهي تدعي انها تقاتل تحت فتوى المرجع السيد السيستاني (الجهاد الكفائي) ولكنها تعترف بانها تقلد مذهبياً المرجع الايراني علي خامنئي، وتخضع الى توجيهاته وأوامره، مما يعطي دلائل بانها قد تكون عميلة لدولة مجاورة، ورافق تلك التصريحات تصريحات طائفية تناولها السيد النجيفي في لقائه خاصة تلك التي ترفع يدها متوعدة بالقصاص من قتلة الحسين في الموصل إذ يقول احد قادة الحشد الشعبي “وليُّ دم الأمام الحسين هو الحشد الشعبي، بهذه العقيدة نحن نقاتل، بهذه العقيدة انتصرنا في الفلوجة وتكريت وفي ديإلى، وبهذه العقيدة سنقاتل في الموصل.. نقاتل مَنْ؟ نقاتل مَنْ؟ أقولها بصريح العبارة وليفهمها مَن يفهمها، وليشوّهها من يشوّهها، نحن نقاتل قتلة الحسين، هؤلاء القوم قتلة الحسين. هل قتلهم المختار وانتهوا؟ لا، القوم هم نفس القوم، هؤلاء هم أحفاد أولئك القوم”.
ان تلك التصريحات طائفية ومؤلمة وقد تنسحب على وجود الدولة واستقرارها في حال اختفت المسافة الضرورية الفاصلة بين نظام الحكم ومؤسسة الدولة، وتختفي هذه المسافة عندما لا ترد الدولة العراقية عليها وتحاسبها وهي تعمل تحت أمرتها.
في حادثة حصلت مع سيد البلغاء علي بن أبي طالب(عليه السلام) عندما ولي بعض اعماله لاحدهم الذي خان فيه، فيقول عنه: (اما بعد, فان صلاح ابيك غرَّني منك, وظننت انك تتبع هديه وتسلك سبيله, فاذا انت فيما رقي اليَّ عنك لا تدع لهواك انقيادا, ولا تبقي لاخرتك عتادا, اتعمر دنياك بخراب اخرتك؟ وتصل عشيرتك بقطيعة دينك؟ ولئن كان ما بلغني عنك حقا لجمل اهلك وشسع نعلك خير منك, من كان بصفتك فليس باهل ان يُسدَّ به ثغر او ينفذ به امر او يُعلى له قدر او يُشرك في امانة او يؤمن على جباية… ).