5 نوفمبر، 2024 6:26 م
Search
Close this search box.

ثورة معروف الرصافي

في صيف 1917 اكتسح البلاشفة انتخابات اتحاد العمال في عدة مدن روسية، وشارك أكثر من مليون عامل في الإضرابات، فاجتمعت اللجنة المركزية للبلاشفة وصوّت عشرة أعضاء ضد اثنين على قرار الانتفاضة المسلحة، ليبدأ في 7 نوفمبر (أكتوبر حسب التقويم الگريگوري) الهجوم المبارك على القصر الشتوي للقيصر، بإشارة من “لينين”.
أعلنت الثورة، وتمت السيطرة، وتشكلت حكومة جديدة، وأعلنت القرارات الكبرى: الخروج من الحرب العالمية، مرسوم الأرض، مرسوم السلام، مرسوم حق الشعوب في تقرير مصيرها والانفصال، الكشف عن معاهدة سايكس بيكو، والدعوة لتحرير شعوب الشرق.وعن طريق الزوار والطلاب والطلقاء من أسرى الحرب، وصلت أخبار الثورة البلشفية وأفكارها إلى العراق. وكان في كربلاء عام 1918 حمّال اسمه (الحاج نور)، يحمل عصر كلّ يوم علما أحمر في يد، وفي اليد الاخرى بوق، ويقف وسط السوق ويصيح (تحيا البلشفية، يحيا البلاشفة).
جريدة (العراق) الموالية للاحتلال البريطاني أثنت على البلاشفة وثباتهم، وكذلك جريدة (الاستقلال) النجفية التي اهتمت، أيام ثورة العشرين، بنقل أخبار البلاشفة. أما جريدة (الفرات) التي صدرت أثناء ثورة العشرين أيضا، فقد كتبت في عددها الأول عن إمكانية الاعتماد على البلاشفة.
ووردت أخبار الثورة وتأثيرها على وضعنا العراقي في تقارير الضباط البريطانيين ومذكراتهم، فقال “ولسن” ان البلاشفة وجدوا مكانا لهم في كربلاء، وهم يطالبون بتحرير القوميات المضطهدة والقضاء على الإقطاع. ومثله قال “الميجر سون”  حاكم السليمانية، فيما كتبت “المس بيل” تقول أن هناك أدلة وبراهين على وجود جمعية متآمرة من البلشفيك أسست في شمالي العراق. وقالت “المس بيل” أيضا، أن الميرزا محمد رضا، نجل السيد الشيرازي، هو أحد المشتغلين مع البلاشفة في كربلاء، وان أحداث ثورة العشرين في هذه المدينة المقدسة قد تمت بتشجيع وإسناد من البلاشفة، وان المجتهد الأكبر الإمام الشيرازي أصدر فتوى تقول ان البلاشفة هم من أصدقاء الإسلام. ولكن التطور الأهم حدث عندما التقى الوجيهان الشيخ الخالصي والسيد محمد الصدر مع البلاشفة، بعد نفيهما إلى ايران لمعارضتهما معاهدة 1922، وكانا عهدذاك من رجال الحركة الوطنية العراقية.
ولم يتجل تأثير الثورة فور انطلاقتها فحسب، بل امتد الى أكثر من ذلك، حتى قال الشاعر:
لبناء عالم جديد … ولقبر مشعلي الحروب
في هدى اكتوبر المجيد … سائر موكب الشعوب
 لذلك لم تنطفِ الثورة البلشفية بانهيار الاتحاد السوفيتي، فهي أيقونة وسرّ ديمومتها يكمن في ندائها الكريم: “عدم استغلال الإنسان للإنسان”، وهكذا تظل تنادي وتنتصر للفقراء والكادحين.
جدير بالإشارة أنه في ثلاثينات القرن الماضي، عندما عبّر رئيس الوزراء حكمت سليمان عن خوفه من كلمة (الفقراء) ومعناها، لأنه يشمّ منها رائحة الشيوعية، ردّه الشاعر الكبير معروف الرصافي في خطبة في المجلس النيابي، الذي كان عضوا فيه عن لواء الدليم:ـ سادتي، أنا شيوعي. لقد جاء في القرآن الحكيم (وفي أموالهم حقّ للسائل والمحروم، الذاريات: 19) فالضمير هنا يعود إلى الأغنياء. فسألتكم بالله: هل انّ الشيوعية غير هذا؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات