يعتبر البرلمان العراقي من أفسد المؤسسات التشريعية في العالم على الصعيدين المالي والأدري ، وهذه أصبحت ميزة وصفة ملاصقة له ولجميع أعضائه منذ تأسيس مجلس الحكم عام ( 2003 ) الى يومنا هذا كماركة تجارية مسجلة ، ويبدو أنه سيحافظ على هذه الميزة _ ميزة الفساد _ وسيتناقلها أعضائه جيناً و وراثيا الى الدوارات اللاحقة ، كما توارثوها هم من الدورات السابقة .لا يتعلق الفساد فقط بـرواتب البرلمانيين وتقاعدهم المفرط ، بل يمتد ليشمل حتى قضية الإيفادات التي يحرص البرلمان على عدم الكشف عن أي من تفاصيلها حتى الآن ، وكمثال على ذلك أيفادات رئيس البرلمان المتكررة الى تركيا وعدة دول أوربية أخرى ، والتي وصلت الى حد أن يكون مقدار المبلغ المصروف لسفرتين فقط هو ( 6 ) مليارات دينار عراقي كما صرحت بذلك النائبة حنان الفتلاوي وبحسب الوصولات المقدمة للجان المختصة ، فمن الطبيعي جداً أن يعج البرلمان العراقي بالفساد والمحسوبية والطائفية لأنه لم يمكن منذ انطلاقه قائما على أساس ديمقراطي صحيح ، بل كان دائما أشبه بساحة حرب ، حل فيها الصراع بين الكتل السياسية محل الرغبة في التشريع والرقابة ، ولم تكن التشريعات التي أقرها البرلمانيون دوراته المتتالية لتمس حياة الناس ، بل كانت عبارة عن محاولات لتوجيه العملية السياسية بما ينسجم وأفكار الكتل السياسية ، وتبعا للكتلة الكبرى فقد كان البرلمان ملحقا دائما بالأحزاب الحاكمة ومدافعا عن أخطائها الصبيانية والطائفية الفادحة ، ويشهد مجلس النواب العراقي الذي يفترض أنه يشكل حجر الأساس في الحياة السياسية ، حالة شلل بعد سلسلة من المشاكل بين أعضائه ، ما عزز القناعة لدى الغالبية العظمى من العراقيين بعدم جدوى هذه المؤسسة التي يفترض أنّ لها دورا محوريا في تقرير مصير البلاد .
ويذكر إن صحيفة ديلي ميل البريطانية صنفت مجلس النواب العراقي كـ ( أفسد مؤسسة بالتاريخ ) بسبب كثرة الأموال والامتيازات التي يحصل عليها أعضاء المجلس من دون تقديمهم أي قانون يهم بلدهم . وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير نشرته سابقاً 🙁 ان البرلمان العراقي أفسد مؤسسة في التاريخ ، إذ أن البرلمانيين العراقيين يحصلون على أكثر من ألف دولار للعمل في الدقيقة الواحدة رغم انهم لم يجتمعوا منذ بداية هذا العام سوى دقائق معدودة فقط من دون أن يضعوا قانونا واحدا يهم البلد والسير به في الاتجاه الصحيح ) ، وقالت الصحيفة ( إن البرلمانيين العراقيين يحصلون على رسوم تقدر بـ90 ألف دولار وراتب قدره 22 ألفا و500 دولار شهريا ، ما يعني تقاضيهم راتبا أكبر من عضو الكونغرس الأميركي.وأن هناك استياء شعبيا عارما إزاء النائب العراقي لأنه يحصل على كل هذه الامتيازات ، في حين يكافح الكثيرون من أجل تغطية نفقاتهم حياتهم اليومية البائسة والتي زادها البرلمانيون بؤسا” ) .
وعلقت الصحيفة بشيء من الاستهزاء على هذا الوضع الفاسد قائلة :
( حتى رؤساء أعظم دول العالم ما كانوا يحلمون بالحصول على هذا ) .!
وتقول مصادر عراقية مطلعة إن إجمالي ديون العراق الداخلية والخارجية بلغت 96 مليار دولار بسبب الفساد وسرقة المال العام ، وبينما تراجعت حكومة العبادي تحت ضغط القوى والجماعات الحزبية المستفيد الأبرز من هذا الفساد ، عن وعود بإصلاح حقيقي وتشكيل حكومة تكنوقراط وتغيير رموز الفساد في مؤسسات الدولة استجابة لمطالب الآلاف من المحتجين في مختلف مدن العراق وخشية من تصاعد حجم تحركاتهم ، تجتهد هذه الحكومة للبحث عن حلول تقشفية ترقيعيه للأزمة الاقتصادية المستفحلة يكون عنوانها الأبرز دائما ألا تمس بمصالح القوى المتنفذة وبالمسؤولين الذين تم تعيينهم في مفاصل الدولة باقتراح منها ليجد الموظف العادي والمواطن البسيط في النهاية هو من يتحمل وزر هذه الحلول التي قرضتها عليه هذه الأحزاب الفاشلة . أن مهمة البرلمان ليست محاسب الفاسد فقط كما يفهمها البعض ، بل مهمته هي عدم السماح لوجود اي نوع من أنواع الفساد ومهما كان بسيطا وقليلا وبمجرد ظهور الفساد على البرلمان ان يسرع بالقضاء عليه وقبره وقبر الفاسد معه مهما كان منصبه أو الجهة التي ينتمي أليها ، وهذه المهمة لم يقم بها البرلمان العراقي للأسف الشديد بل ان اعضاء البرلمان شاركوا الفاسدين في فسادهم وشاركوا اللصوص في سرقة اموال الشعب وشاركوا القتلة في ذبح الشعب ، بل ان اعضاء البرلمان اصبحوا الدرع الواقي المدافع عن الفساد و الفاسدين وهكذا انتشر الفساد وتفاقم واتسع وشمل كل النواحي وكل المجالات حتى اصبح القوة الاكبر التي تأمر وتنهي وتحي وتميت وترفع وتخفض واصبح العراق تحكمه عصابات السرقة والأحزاب الإسلامية الطائفية وميلشياتها المسلحة وشيوخ العشائر ، فذهب الدستور أد راج الرياح وانعدم القان في بلد تحكمه عصابة أسمها ( دولة القانون ) .فكل ما حدث ويحدث في العراق من فساد وسوء خدمات وسرقة نتيجة لفساد اعضاء البرلمان كما ان فساد الحكومة وكل المسئولين في البلاد هو نتيجة لفساد اعضاء البرلمان ، من هذا المنطلق يمكننا القول ان مصدر ومنبع الفساد والفاسدين في العراق هو البرلمان ، المشّرع لكل عمليات السرقة المنظمة تحت غطاء قانوني وبمباركة الأحزاب وميليشياتها الفاشلة .