الحلقة الثانية
كان عليّه أن أسمي هذه المقالات يا ليت الجميع يعود إلى القضاء ، إلا أن فعل التحرير الذي تقوم به قواتنا المسلحة في نينوى و ما يثار حول ما بعد الموصل أو العراق بعد دولة تنظيم داعش ، دفعت بحديث التحرير و هذا ما نعنيه بأن ما ينبغي أن ما يحصل للمرحلة القادمة هو أن يعود الجميع إلى القضاء ، ليس في حل النزاعات و تحقيق العدالة في المناطق المحررة فحسب ، بل في محاسبة كل من تسبب فيما حصل في حزيران ألفين و أربعة عشر ، سواء في المحاكم التابعة إلى السلطة القضائية أو المحاكم الأمنية ، بل سيعود الجميع مثل ما حصل في حل أزمة مجلس النواب في جلسات نيسان السابقة و بعض بنود حزمة الإصلاحات ، سيعود الجميع مرة أخرى في حل مشاكل لا زالت قائمة ترتبط بقرار دمج بعض الوزارات و إعفاء مسئولين و قرارات أخرى ، و هذا ما على الجميع أن يدركوه ، أن السوء الذي تسبب بكل الأزمات التي حصلت كان بسبب انتهاج وسائل و سبل غير قضائية و قانونية في التعامل مع الكثير من المشاكل التي واجهة تجربة النظام السياسي في مرحلة ما بعد 2003 ، و هذه العملية لا تعني حسم القضايا وفق السبل القانونية فقط ، بل كما قلنا في أكثر من مرة أن العراقيين ليس لهم سبيل للعيش و تجاوز كل ما لقوه إلا في دولة وطنية ، و الدولة الوطنية لا يمكن أن تتحقق من غير الاعتماد على مؤسساتها في مواجهة التحديات بمستوياتها و أشكالها كافة ، و هذا الكلام لا يصدق على السلطة القضائية فحسب بل يشمل مؤسسات الدولة كافة ، و لهذا لا بد من إدراك حجم أهمية بناء هذه المؤسسات من أجل الحصول على وظيفة و تحقيق أهداف تتناسب و الدور الذي تضطلع به .
يركز الكثير على أن مرحلة ما بعد الموصل ، ينبغي أن نعتمد كثيرا على المؤسسات القضائية في تقديم كل من تلطخت أيديهم أو ساهموا في العمليات الإرهابية ، كأحد لوازم عودة التعايش بين أبناء تلك المدن ، إلا أن هؤلاء جميعا الذين يرمون بثقل المستقبل على المؤسسات القضائية يفوتهم أن بناء المؤسسات القضائية إلّمْ يعد بشكل يتناسب و هذا الدور ، فلن تستطيع المؤسسات القضائية أن تؤدي هذه الوظيفة العظيمة ، و خير مثال على هذا ؛ تم طرح قبل أيام قانون مجلس القضاء الأعلى للمناقشة في مجلس النواب ، و حتما يعرف الجميع ما هي طبيعة التأثيرات الفئوية على صناعة التشريع في هذا المجلس ، فهل سيقف من يعتمدون على القضاء لمرحلة ما بعد دولة داعش في العراق مع القضاء العراقي في تشريع قوانين تتعالى على المصالح الاثنية و الطائفية ، و تمنع التغييرات و الإضافات التي يمكن أن تحصل كما جرى في قانون هيأة الإشراف القضائي في وقت سابق .