ثمن ما نعيشه اليوم من تناقضات سلوكية وانتهاكات إنسانية هي نتيجة تكسر نظام المدنية وتراجع الرقي الحضاري في الكثير من الدول العربية والاسلامية وخاصة التي انعش النفط مدخلاتها حيث بدأت تسقط في وحلها “ﻗﺎل ﺭﺴﻭل ﺍﷲ ) ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪﻭﺁﻟﻪ ﻭﺴﻠﻡ ( : ” ﻴﻭﺸﻙ ﺃﻥ ﺘﺘﺩﺍﻋﻰ ﺍﻷﻤﻡ ﻋﻠﻴﻜﻡ ﺘﺩﺍﻋﻲ ﺍﻷﻜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻌﺘﻬﺎ ” . ﻓﻘﺎل ﻤﻥ ﺤﻀﺭ : ” ﺃﻭﻤﻥ ﻗﻠﺔ ﻨﺤﻥ ﻴﻭﻤﺌﺫ ؟ ” . ﻗﺎل ) ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺴﻠﻡ ( : ” ﺒل ﺃﻨﺘﻡ ﻜﺜﻴﺭ ، ﻭﻟﻜﻨﻜﻡ ﻏﺜﺎﺀ ﻜﻐﺜﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴل ، ﻭﻟﻴﻨﺯﻋﻥ ﺍﷲ ﻤﻥ ﻋﺩﻭﻜﻡ ﺍﻟﻤﻬﺎﺒﺔ ﻤﻨﻜﻡ ، ﻭﻟﻴﻘﺫﻓﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﻭﺒﻜﻡ ﺍﻟﻭﻫﻥ ” . ﻓﻘﺎل ﻗﺎﺌل ﻤﻨﻬﻡ : ” ﻴﺎ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ ” ﻭﻤﺎ ﺍﻟﻭﻫﻥ ؟ “. ﻗﺎل ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺴﻠﻡ : ” ﺤﺏ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻭﻜﺭﺍﻫﻴﺔﺍﻟﻤﻭﺕ ” . ﻤﻴﺯﺍﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺝ ١ ﺹ ٣٥١ . وللعلم ان النوعية السيئة من العادات إذا ما امتزجت بالتحول الثقافي المفاجئ وبالتقليد الأعمى للحضارة الغريبة ستؤدي حتماَ إلى تربية سقيمة ولو رويداً رويداً، ولهذا فإنه من واجب كل فرد ينتمي إلى هذه المجتمعات، مكافحة العادات الضارة والفاسدة التي تهدد صرح الأخلاق بالانهيار والسقوط . لكن وباختصاراقول ان العادات والتقاليد الحكيمة المبنية على الدين ” تعد مبدأً العدالة أساساً يجب تحقيقه في جميع مظاهر النشاط الانساني، إذ يؤكد القرآن الكريم كثيراً على إقامة العدل بوصفه هدفاً في كل مجتمع إسلامي، وقد وصف العدل بثلاث كلمات هي (العدل) و (القسط) و(الميزان)، كما تكررت مادة العدل بمشتقاتها ما يقرب من ثلاثين مرة فيه: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (سورة النحل: آية90″.) .
لقد لعب النفط العربي دورا في السياسة الدولية بصفة عامة وسياسة الغرب بصفة خاصة اذا استخدم الغرب كافة الوسائل للسيطرة على نفط الوطن العربي من حيث الانتاج والتكرار والتسويق ومنذ السنوات التي سبقت قيام الحرب العالمية الاولى قام صراع قوي بين الدول الغربية حول الحصول على امتيازات للبحث عن النفط واستغلاله في هذا الجزء من العالم الذي كان القسم الاكبر منه تحت السيطرة الثمانية وبعد ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها قام صراع قوي بين بريطانية من جهة وبين الدول الغربية الاخرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية .ومن هنا فقد تخلت الكثير من الحكومات العربية والاسلامية عن القيادة المستقلة لبلادها بعد ان استغلت من قبل الدول الامبريالية لصالح مصالحها وفقدت الكثير من المفاهيم التي بنت شعوب و حضارات هذه الدول والمجتمعات المرتبطة بالأخلاق والقيم الإنسانية الأصيلة لها كالصدق والشجاعة والكرم والشهامة التي ترسخ تماسكها . الحضارة الاسلامية هي حضارة انسانية في اساسها التكويني لأنها تهدف الى خدمة الانسان وتتجه اليه بالترقي سواء في ذاته الفردية او الاجتماعية، وثالثاً مبدأ التسخير او ما يسمى بالارتفاق الكوني ومعناه ان فلسفة التحضر الاسلامي تقوم على تعامل استثماري نفعي لمخزونات الكون ولكن وفق تسديد خلقي يقوم على علاقة رفق ولطف بالكون لا علاقة اتلاف او تدمير او تلويث. اما عوامل الشهود الحضاري التي يعتبر شروطاً موصلة لسبل التجدد والنهوض الاسلاميين والتي يمكن ياختصارها في خمسة عوامل: اولها الاحاطة الدقيقة بمعطيات الواقع الاسلامي بغية الوقوف عند العوامل الكابحة لطاقة النهوض الاسلامي وشد المسلمين الى واقع الخمول والتثاقل الحضاري. ثانياً ترشيد الاساس التصوري العقدي حتى يكون اصلاً مسدداً في مجالي النظر والعمل ومبعث يقظة الفرد والمجتمع. ثالثاً اصلاح الفكر من خلال اصلاح مناهج العقل الاسلامي حتى تكون قائمة على الشمولية والواقعية والتوحيد والنقدية بما يضمن اكثر ما يمكن من مقادير اصابة الحق سواء في مجال النظر او العمل. رابعاً توافر شروط النفير الحضاري، والمقصود بذلك العمل التأطيري الباعث للنشاط وتجدد الحركة ومن ثم الانفكاك من اسر العطالة والجمود حتى تنطلق تلك التعبئة في نسيج متكامل البنيان والحلقات. خامساً سلطان العمل والانجاز، والمقصود بذلك بعث السلطان الاجتماعي ممثلاً في المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومجالات الانتظام الاهلي المستقل الى جانب المؤسسات السياسية من احزاب وهيئات رسمية وحكومية قائمة على شأن الادارة العامة