لدينا أکثر من 1000 عنوان لتعريف الجريمة في القانون، مما يعني أننا قادرون على إحالة أي شخص الى السجن. هذا ماقد صرح به قبل فترة رئيس هيئة السجون الايرانية، أصغر جهانغيري، والذي أکد أيضا بأن’نصف مليون مواطن إيراني يدخلون السجون سنويا’، وان هذا الکلام فيما لو دققنا النظر فيه مليا و سعينا لتفسيره و تحليله، فإننا نتوصل الى قناعة کاملة من أن الظروف و الاوضاع في إيران فريدة من نوعها.
رئيس هيئة السجون هذا، کان قد أطلق هذا التصريح قبل أشهر أکد فيه أن’عدد السجناء في إيران ازداد بنسبة ضعفين مقارنة مع حجم السجون لقبول السجناء’، مشيرا إلى أن ‘70% من سجون البلاد امتلأت بشباب وأشخاص لا تفوق أعمارهم 40 سنة’، معتبرا أن ‘أكثر المخالفات تتعلق بحالات تهريب المخدرات والسرقة’. کما کانت إلهام أمين زادة، المستشارة الحقوقية للرئيس الإيراني حسن روحاني، قد أعلنت قبل ذلك، أن ’40 مليونا من الإيرانيين متورطون بملفات حقوقية وقضائية، وأن هناك 19 مليون ملف في المحاكم القضائية ومجالس حل الخلافات والمحاكم العدلية’، مثلما أن وزارة العدل الإيرانية کانت أيضا قد أعلنت في وقت سابق أنه ‘من بين كل 100 ألف مواطن في إيران يحتجز 283 شخصا في السجن، وهذا الإحصاء لم يسبق له مثيل في العالم’، وبهذا فإن الامور هي على أوضح ماتکون من حيث الاوضاع المتردية و السيئة جدا في إيران.
هذه التصريحات الرسمية الخطيرة من نوعها ليست بحاجة لأن نفسرها او نحللها، لأن رئيس هيئة السجون بنفسه قد برر تصاعد عدد السجناء في إيران لأسباب و عوامل تعود الى ‘ الفقر والعوز والحرمان وعدم تنمية الأقاليم تعد من الأسباب الرئيسة لانتشار جرائم السرقة وازدياد عدد السجناء’، لکن ليس الفقر فقط لوحده ينتشر بين اوساط الشعب الايراني، وانما هناك أيضا المجاعة و البٶس و الحرمان بأبشع صورها.
الاوضاع المزرية أعلاه التي يعاني منها الشعب الايراني، تتعلق بعدة عوامل، لکن أهمها عاملين أساسيين هنا:
ـ البرنامج النووي الايراني، الذي قالت بشأنه الزعيمة الايرانية المعارضة مريم رجوي بأن’ مشروع تصنيع القنبلة النووية الذي حسب الخبراء التابعين للنظام كلفه أكثر من تكلفة ثمان سنوات من الحرب ضد العراق’، وعندما نعلم بأن تکلفة الحرب ضد العراق لثمانية أعوام کم هي باهضة و خيالية، فإننا ندرك حجم المبالغ الطائلة من ثروات الشعب الايراني التي تم تبديدها في هذا البرنامج.
ـ التدخلات السافرة للسلطات الايرانية في الشٶون الداخلية لدول المنطقة و التي کلفت و تکلف الخزينة الايرانية أيضا مبالغ طائلة، ويکفي أن نشير هنا على سبيل المثال لا الحصر ان دعم طهران لدمشق و حزب الله اللبناني سنويا مليارات الدولارات.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بهذه الاوضاع البائسة و المتردية، يثير الکثير من السخرية، عندما يقوم بمواصلة تهديداته للأوضاع لدول المنطقة، والتي تزداد وخامة عاما بعد عام، وبطبيعة الحال فإن الاوضاع في إيران قد وصلت الى مفترق حساس و خطير و لم تعد تتحمل المزيد و من هنا فإن طهران تواجه تحديات کبيرة و عليها أن تحسم أمورها قبل أن تنقلب الطاولة عليها.