في كربلاء أضحى الحسينُ ملهماً للثوار والأحرار وقائداً ومحررا ً للنفوس التي تأبى العيش بدون كرامة,أجتمع بأهله وأنصاره وأصحابه ,وكاشفهم بعمق الوضوح وبكل شفافية دون رتوش ونفاق بأن المطلوب من هذه المأساة هو قتله شخصاً وشخصيتةً,إيثاره بتحمل المسؤولية وتبعات النتائج المترتبة عليها طالب أنصاره أن يتركوه ويرحلوا ويتخذوا من سواد الليل غطاءً لهم قبل أن تبتدئ المعركة في صباح يوم العاشر من محرم,وقال لهم بصريح العبارة {هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فإن القوم انما يطلبوني ولو قد أصابوني لهوا } أنه فعلاً قائدٌ بفخر واعتزاز,وليس مثل أولئك الذين ينسبون ألقاب ما أنزل الله بها من سلطان يتنصلون عن تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والشرعية والقانونية للمهام الموكلة أليهم ,ومن ثم يظهرون بعد ذلك عند انتهاء المعركة بأنهم صانعي خطط الانتصارات ,أو عندما تكتب قوائم المتميزين يدرج ضمنها الذين يلبسون أقنعة مزيفة من المتسكعين والمهادنين للباطل,
تعلق على أكتافهم نياشين النصر وهم جالسون في بيوتهم يتسامرون بالليالي الحمراء وملذاتها ,وساحة الوغى مليئةٌ من دماء الرجال المضحين بأنفسهم ,رفضوا جميعاً رجال معسكر الحسين التخاذل أو الصعود على التلِ ومشاهدة من بعيد ما يجري عليه وهو يلقى مصرعه,بل تفننوا في الذود والدفاع عنه وعن مشروعه النهضوي ,عندما يجد القائد رجالاته يلتفون حوله مؤمنين بفكره يتبادر لذهنه مباشرةٍ النصر لا الهزيمة ,وإن تأخر فالغايةٌ للباري يعرفها وكانت الغايةُ انتصاراً للسيف على الدم ,رحل الطغاة ولم يبقى منهم سوى أطلال ماضي مشين يذكر الناس بجرائمهم ,فاللباطل جولة وللحق صولة ,أنهم يتسابقون على القتال لنيل شرف الشهادة ,كيف لا يكونون بهذا التحدي والأضرار على العزيمة وهم يجدون زعيمهم مستبسلاً في قتال من تملك الشيطان على نفوسهم وأصبحوا أدواته لتنفيذ أقذر وأبشع وأخس جريمة عرفتها الإنسانية ؟؟عندئذ توحدت رؤاهم وكانت كلمتهم وشعارهم في الحرب أما النصر أو الشهادة ,على الكليات العسكرية أن تُعد منهاج ُيدرس ليشرح ويفسر ويوضح المناظرة التي أجراها الحسين في ليلة العاشر مع أصحابه ,وما هي الدروس والعبر المستخلصة منها ؟حتى يتعلم بعض من يطلقون على نفسهم قادة كيف يضحون ويحافظون على مقدرات الشعوب وكراماتهم وأموالهم بدلاً من الهروب والهزيمة ويتركون الناس يواجهون مصيرهم المجهول تحت عناوين وتبريرات ليتجنبوا شبح الموت ,علموهم ما هو.
مبدأ الثبات والصمود ؟عليهم التسلح بالمبادئ والقيم الفضيلة وإن الموت ليس سوى قنطرةٌ يعبرعن طريقها الإنسان لحياة ملؤها الشرف ,وتأريخ يتحدث عن مآثرهم سيخلد بطولاتهم لأجيال تفتخر بدماء أبائهم,لا انهزاميتهم التي ستترك وتخلف الانتقاص منهم لما قاموا به عند تركهم ساحات الوغى .