إي حركة إصلاحية؛ إذ لم تكن ذات طالع متجدد, فإنها ستئود في مهدها, وأهداف أغلب حركات العالم لم تصلنا بواعثها, لأنها اندثرت بسبب عقمها, إلا حركة الإمام الحسين “عليه السلام” كانت وما زالت مستمرة في عطاءها, لأنها انطلقت من أسس رصينة أهمها؛ القيادة الشبابية الواعدة, والباعثة لروح الأمل في الأجيال.
تذكر المصادر التاريخية؛ عدد الذين استشهدوا مع الإمام الحسين في معركة الطف, لا يتجاوز (75) رجلاً, وتشير نفس المصادر إن (55) كانوا من فئة الشباب, أي ما نسبته 70% يمثلون الطاقات الشبابية المتجددة, وفيها رسالة واضحة, إن الشباب عطروا حركة الإصلاح الحسيني بدمائهم, وحملوا مشعل الانتصار بأياديهم, لان نظرة القائد الحقيقي غير مختصرة على بُعد محدد, إنما هناك بُعد مستقبلي.
فتسليم راية الحرب لمن كان عمره (35) ابلغ رسالة للمجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية, هذا العمر يمثل غاية العطاء والمقدرة, فالقيادة الميدانية تختلف عن التخطيط العسكري, ربما التخطيط يحتاج إلى خبرة السنين المتراكمة, ولكن الميدان يقوده الشباب؛ لقوة إرادتهم, وقابليتهم على تحقيق الأهداف المرسومة, فسمة الصقور في الميادين كافة لا يتقلدها إلا من كان شاب مقتدراً, ومؤمناً بما يحمل من عقيدة.
وكذلك لم تختصر القيادة على الذكور في التصدي لها ميدانياً, إنما كان لمخدرات الرسالة دوراً فاعلاً في قيادة المعركة إعلامياً, بعدما انتهت المنازلة العسكرية بدأت مرحلة تكاملت الأدوار, ونشر الرسالة لتحملها النسوة بعد استشهاد الرجال, فالعقيدة غير مختصرة على فئة دون أخرى, وهذا دليل الثبات على المبدأ؛ الذي تتسم فيه الحركة الحسينية, وأهدافها الإصلاحية في الأمة, وضمان استمرارها بقادم الأيام.
وقد أثبتت المجالس الحسينية كفاءتها في نقل أهداف, ومبادئ الحركة الإصلاحية في الدين الإسلامي, فقد استلهم الشباب الدروس والعبر من إمامهم الحسين, وكانوا الطليعة الشابة الذين تصدوا للظلم, وفضحوا مفاسد الظالمين ومساوئهم, فكانت تلك الملاحم منطلقات فكرية وعقائدية للنخبة المثقفة, والواعية خلال حقب المواجهة بين الحق والباطل, فضحى الشباب بأجود ما يملكون دمائهم, وأنفسهم في سبيل تحقيق أهداف ملحمة كربلاء.
وخلال العقود الأخيرة, بدأ تنامي المد الإسلامي الإصلاحي في إرجاء المعمورة من اجل تطبيق أهداف حركة الإمام الحسين الإصلاحية, حينما قال “إني لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلا بَطَرًا, وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي” فتزايدت إعداد الشباب المؤمنة بالإصلاح, والساعي لحفظ مكتسبات الدين الأصيل, ليعطي مؤشر ايجابي عن تطور الوعي المجتمعي, والساعي لبناء الدولة العصرية المنشودة.
وعليه فالإمام الحسين عندما خرج للإصلاح اعتمد على الشباب, ويقيناً كان اعتماده بمحله, لأنهم قادة الأمة, وعماد المستقبل, والطاقات الواعدة لبناء دولة حلم الأنبياء, فالخبرة والتجربة مثلها كمثل الملح للطعام, والطاقات الكامنة, والمؤهلات المتطورة, والقدرات الكبيرة تجسدت بروح الشباب المضحية بدمائها, التي سالت وما زالت تسيل, لتمثل عبق الإصلاح الحسيني.