التعليم يُعدّ من أهم الأسس في بناء المجتمعات ورقيّها فإذا صلح التعليم صلحت المجتمعات وارتقت قيمها ومفاهيمها وترّسخت الأسس الصحيحة في بناء الشباب الذين هم عماد المستقبل في بناء الأوطان.
التعليم في العراق يمرّ بأسوأ حالاته ببروز ظاهرة خطيرة انتشرت في مجتمعنا كما تنتشر النار في الهشيم وهي ظاهرة التعليم الأهلي الخاص حيث سمحت الحكومة بدخول القطاع الخاص الى قطّاع التعليم الذي يجب أن يكون حكراً على القطاع العام لاعتبارات كثيرة, والقطاع الخاص كما هو معروف عبارة عن مؤسسات خاصة هدفها الأول عند دخولها أي مشروع هو تحقيق الربح ولتحقيق هذا الهدف تبحث عن الوسائل والأساليب التي تحقق ذلك وترفع من مستويات الربح فتعمل جهد امكانها على تقليل النفقات وزيادة الايرادات, ولذلك لو تتبعنا مسيرة هذه المشاريع المنتشرة في جميع محافظات العراق طوال السنوات الماضية نجد المستوى التعليمي الهابط لها ونجد ان أصحابها ركزوا على استقطاب الهيئات التدريسية من الذين عليهم درجة عالية من الإقبال في قضية التدريس الخصوصي واعتبروهم الوسيلة الأفضل لتحقيق أكبر نسب من الأرباح لمشاريعهم, لذلك نجد الطلاب الذين انتموا لهذه المدارس جميعهم ينتمون لطبقة خاصة من المجتمع وهم أبناء الميسورين من السياسيين والتجار وكبار الموظفين في الدولة وتجمعهم حالة مشتركة وهي تدني مستواهم العلمي وفشلهم في المدارس الحكومية مادفع أولياء أمورهم لزجّهم في هذه المدارس التي وجدوا فيها فرصة ذهبية لنجاح أبنائهم بسهولة ولتحقيق راحة البال لهم مقابل حفنات من المال المتوفر عندهم بكثرة بالرغم من الركود الاقتصادي العام في البلد.
في اعتقادي ان هذه المدارس أصبحت بؤراً للدروس الخصوصية الممنوعة قانوناً في جميع دول العالم, فأصبحوا يمارسون هذا الفعل المخالف للقانون علناً بسبب الشرعية القانونية التي منحتها لهم وزارة التربية عند السماح لهم بانشاء هذه المشاريع.
المطلوب من الحكومة والبرلمان ايقاف هذه الظاهرة الخطيرة على مجتمعنا وعدم السماح باستفحالها لأنها ستساهم في تخريج أجيال من الشباب الفاشلين الذين تمكنوا من الحصول على شهادات بأموال ذويهم وليس بمستواهم العلمي, وتستطيع أية جهة رقابية من السلطة التشريعية أو التنفيذية التأكد مما نقول بأن تدقق أداء هذه المدارس والتحقق من حلقات الدروس الخصوصية الباهضة الثمن التي تستمر طوال العام حتى في العطلة الصيفية وبالمقابل يمكن التحقق من نتائج طلبة هذه المدارس على مختلف مستوياتها التعليمية سيجدون بأن النتائج جيدة في المراحل غير المنتهية لأن هذه النتائج مقابل ثمن وهي أجور الاقساط السنوية وأجور حلقات الدروس الخصوصية التي تدفع من قبل أولياء أمور الطلبة, ولكن عند التدقيق في نتائج المراحل المنتهية ستكون النتائج مغايرة لسابقتها حيث ستكون النتائج ونسب النجاح مخزية مايدل على فشل هذه المدارس واداراتها في رفع المستوى العلمي للطلبة بل بالعكس هذه النتائج ستثبت بانها أسهمت بما لايقبل الشك في تدمير المستوى العلمي للطلبة, لذلك أرفع صوتي عالياً لأولي الأمر للاسراع بإنهاء هذه الظاهرة الخطيرة على المجتمع وعلى أبنائنا وليجعلوا التعليم وبناء الشباب بعيداً عن الأطماع الخاصة ولعبة تحقيق الأرباح الخيالية على حساب المستوى العلمي لأبنائنا.