قال الإمام الصادق عليه السلام:
لا غِنَى أخصبُ من العقلِ،ولا فَقرَ أحَطُّ من الحُمقِ،ولا استِظهارَ في أمر بأكثر من المشورةِ فيهِ.
عندما كنت طفلاً،إذا سقط سنّاًَ من أسناني،تقول لي أمّي: أصعد على السطح وأرميه للشمس،وقل:يا شمس أعطيني أحسن منه!
كنت حينها مصدّقاً لكلام أمّي،والذي زادني أكثر تصديقاً،انّه بعد فترة من الزمن يخرج سنّ آخر مكان الذي سقط مني،هذا التصديق حصل بسبب جهلي، لأنني ما كنت أعلم ان هذه القضية-قضية علمية،وانّه نظام خَلقي جعله الله في الهيكل الجسمي للإنسان،ففي فترة الطفولة تكون الأسنان لبنيّة لحكمة،ومن ثّم تبدل بأسنان دائمية لحكمة أخرى.
أَتعلمون ان قصة قذف الشمس بالسن ،خرافة من خرافات العرب بالجاهلية!؟ وأمثالها كثير من الأوهام والأساطير والخرافات،التي تزخر بها كتب التاريخ في بيان أحوال العرب قبل الإسلام، وحتى إبان الحضارة الإسلامية، وما زالت بعضاً منها الى اليوم في مجتمعاتنا العربية،أمثال:التشاؤم من العطاس ومن بعض الحيوانات، والسعالي(السعلوة)،والغول(الطنطل)،وغيرها من التقاليد والعادات والمعتقدات الخرافية الأخرى.
يكفي العرب جهلاً وتخلفاً قبل الاسلام،ان عدد الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة بين قريش،لم يكن يتجاوز”17″شخصاً في مكة و”11″في المدينة،وإذا أردت أن تعرف مدى الانحطاط العلمي لدى العرب،ما عليك سوى مراجعة خطب أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة،الخطبة رقم:(2-26-33-89-95-96-151-191-198-213)التي يصف فيها حالة الجهل للمجتمع العربي.
ما أروع! ما وصفت به العرب،السيدة الزهراء في خطبتها،وبأبلغ القول، قالت:(وكنتم على شفا حفرة من النار، مُذقة الشارب،ونهزة الطامع،وقبسة العجلان،وموطئ الأقدام،تشربون الطرق، وتقتاتون القدّ والورق،أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم،فانقذكم الله تعالى بمحمد بعد اللّتيا والتي).
عزّى بعض من المحققين في التاريخ، أسباب نشر التخلف والجهل،وشيوع الخرافات،في العهد الجاهلي للعرب، الى القول:(لقد حول فقدان القيادة الرشيدة،وغياب الثقافة الصحيحة حياة العرب، من جانب،وانتشار الفساد من جانب آخر الى حياة حيوان مزرية،حتى ان صفحات التاريخ تروي لنا أخباراً، وقصصاً مفصلة عن حروب دام بعضها خمسين عاماً،وبعضها الآخر مائة عام…
لقدى أدى عدم سيادة النظام والقانون على الحياة العربية،وعدم وجود حكومة قوية مسيطرة على الأوضاع،توقف البغاة والمتمردين عند حدودهم،الى ان يعيش العرب-آنذاك- في صورة القبائل الرّحل).
أقول:فقدان الأمن،وضعف الحكومة، رغم توفّر الأمكانيات لها،أدى زيادة هجرة الشباب في زمن الحكومة السابقة للعراق،برئاسة نوري المالكي.
الغرض من هذا السرد التاريخي،ان المجتمع الذي تنقصه الثقافة الصحيحة،يكون غرضاً وأرضية مهيئة للسياسيين الانتهازيين المنحرفين، فتمرّر على الجماهير شعاراتهم البراقة والجميلة المصطنعة.
مثل شعار بنو العباس( طلب الرضا من آل محمد)وهم من قتلوا آل محمد صلوات الله عليهم،أو شعار حزب البعث(امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)،وهم من غزو الكويت وأحتلوها، وقصفوا السعودية بصواريخهم،ولا أعلم ما المراد بهذه العبارة(ذات رسالة خالدة)،هل بُعث ميشيل عفلق من بعد نبينا محمد”ص”الى العرب خاصة؟!
الوجوه الفاسدة من السياسيين في العراق،أيضاً مارسوا هذا الدور من الخداع والتزييف،فرفعوا شعار الإصلاح للهروب والتغطية على فسادهم، وحيث ان ربك لبلمرصاد، سرعان ما انكشف كذبهم،وزيحت أقنعتهم،فحين دعاهم هذا الشاب القائد عمار الحكيم، وكان ذكي جداً في دعوته،الى التوقيع على وثيقة الشرف،فهو من جهة أبطل دعوى أصحاب شعار الاصلاح،ومن جهة ثانية وضع فيها حلول ناجعة للإصلاح،فأول من رفضها ولم يوقع عليها هم أصحاب الشعار!!!
نحن نأمل ونتمنى من شعبنا ومجتمعنا في العراق،ان لا يصدقوا بخرافة أمّي!