لطالما تسائلنا، عن سر قوة وأستدامة الأرهاب ، واتخاذه اشكالا أميبية ومسميات وحسب المواسم خصوصا في العراق وسوريا ومن كل النواحي ، عسكريا واستخباراتيا وأعلاميا ، وفشلنا الدائم بمواجهته ، وله اليد الطولى في ضرب أي هدف ، لم يكن لتديره مجموعة من الصعاليك المتعددو الجنسيات من المنخرطين في تشكيل قوة حديثة ، ولم يكن بأمكانهم الصمود لأشهر ، وهم يواجهون ما يسمى (التحالف الدولي) ، بفعالياته المتفرقة (والخجولة) والتي طالما أثارت العديد من علامات الأستفهام ! ، والأغرب ، سر استمرار تدفق السلاح المتطوّر عليها، والعتاد المتنوع الى درجة الاسراف في استخدامه ، والأكثر استغرابا انبثاق قوة عسكرية تضاهي الجيوش النظامية من كل النواحي ، أدارة وتنظيما وتسليحا وأنضباطا بين عشية وضحاها ، الا انها تفوقها وحشية وسادية بشكل لا يُصدّق !.
وخلال المدة الممتدة منذ دخول المحتل ، وما قبل ذلك ، يستمر تدفق نهر الدم الذي يدفع ثمنه شباب العراق وسوريا ، والعالم يتفرج حتى وصل الأمر الى درجة غير عقلانية .
منذ السنتان ، تدخل الروس في الحرب في سوريا ، وقلبوا الطاولة على الجميع من خلال الأدلة والوثائق المصورة ، ومن خلال الكشف عن تورط الأتراك والدول الكبرى حتى النخاع لأجل أطالة أمد القضاء على هذه الجماعات من خلال دعمها ماديا ولوجستيا وشراء النفط المسروق منها ، وأرتال الدعم التي لا أول لها ولا آخر وهي تدخل وتخرج من الأراضي التركية ، فأغاظ ذلك تركيا الى درجة اسقاط الطائرة الروسية ، الحادثة المعروفة ، بالأضافة الى عقود شراء الاف السيارات لداعش ، والذي يبين تورط السعودية وقطر والأردن وتركيا ، لكن صحافة العالم الحر ، عمدت الى (تمييع) هذه الأخبار والتقليل من شأن هذه الوثائق ! .
وقد تمخض الخبث اللامتناهي لهذه الدول المتآمرة عن طريقين كخط رجعة في حالة فضح تواطئها مع الأرهابيين ، خصوصا وأن الجميع يعرف ، أن الأرهاب صنيعة أمريكية بأمتياز منذ الأساس ، أحد هذه الطرق ذريعة (ضبابية الحرب) ، عند ضرب القوات التي تُحسب على انها موالية لها والتي حدثت مئات المرات (!) ، عقابا لها على تصرفها المنفرد دون ضوء أخضر من أمريكا ، ففي ذلك محاولة لخلط أوراق الحسابات الأمريكية ، التي وضعت سقفا زمنيا (للدحر المزعوم) الجماعات الأرهابية ! ، كان آخرها منذ أيام ، عندما (أباد) هذا التحالف أكثر من 80 عسكريا من الجيش النظامي السوري ، وهو الخط الدفاعي على مشارف (حلب) ، وكان ذلك الضوء الأخضر (لداعش) ، فأحتلّت مكانه ! .
طريق الرجعة الثاني هو ما أطلقت عليه أمريكا ومن يدور في فلكها اسم المعارضة المعتدلة في مواجهة نظام الأسد وداعش على حد زعمها ، والتي لم يُدرج لها جدولا بأسمائها ، وهذا الأسم فضفاضا ومطاطا وهي بمجملها جماعات أرهابية ، هكذا أزكمت روائح الفضائح العالم ، وهم يرون السلاح الأمريكي بيد داعش ، فما كان من أمريكا الا أن تبرر ان هذا السلاح أرسلته لهذه الجماعات ولا تدري كيف تسرب لداعش ! ، وكانت (النُصرة) ، فرع القاعدة ، وأعداء الأمس القريب جدا ، من الجماعات المحسوبة في نظر الأمريكان على المعارضة المعتدلة ، حتى ظهر فيديو نحر الطفل الفلسطيني بوحشية مقززة قل نظيرها على يد عناصرها ، فأحرج ذلك أمريكا – راعية حقوق الأنسان !، فاضطرت لأدراجها ضمن الجماعات الأرهابية ، وقطع تمويلها بالسلاح !، وفي اليوم التالي ، غيّرت (النُصرة) اسمها الى (فتح الشام) ، فأعلنت أمريكا اعادة ادراجها ضمن (المعارضة المعتدلة) ! ، وكأن كل ما يهم هؤلاء الأوغاد ، المسميات فقط !.كنت أعلم ، ومنذ مقالاتي السابقة ، ان الدول الكبرى بأجمعها ومنظماتها السرية ، تقف وراء الخراب والذبح والتدمير على أيدي هذه الجماعات ، لكن وكالة (سبوتنك) الروسية الأخبارية ، أماطت اللثام منذ يومين عن مفاجأة (وان كانت ليست كذلك بالنسبة لي) ، عن قيام روسيا بضرب غرف عمليات مشتركة في حلب بثلاث صواريخ من طراز (كاليبر) انطلقت من سفن في البحر الأسود ، غرف العمليات هذه ضمت كبار الضباط من الأمريكان ، والسعوديون ، والقطريون ، والموساد الأسرائيلي ، والأردنيون، والبريطانيون ، والأتراك ، لأدارة عمليات الجماعات الأرهابية ، وتوجد غرفة أخرى في (انطاكية) التركية ، ويعلم الله ، كم غرفة من هذه الغرف موزعة من (البنتاغون) وحتى (جدة) ! ، هكذا تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، هكذا أجابت هذ العملية عن أكبر علامات الأستفهام ، ان كل الدول الكبرى وأقزامهم الذليلة من المحسوبين على العرب ، هم داعش ، وهذا سر قوته ! ، بل فسرت سيناريو احتلال الموصل ، وتعَجُب انسان الشارع العادي ، كيف لم تلاحظ الأقمار الصناعية الأمريكية ، أرتال داعش ؟، فلديهم من التكنولوجيا والأنظمة المعلوماتية ما يفحص كل سنتمتر مربع من ساحة العمليات المحتملة ، وهذه ليست مبالغة .
فالأمر كان معد مسبقا ، لقد وجدوا أن اسهل طريقة لتجهيز داعش وملء ترسانته بالسلاح على المدى الطويل عند دخول الموصل هو بترك الجيش المرابط في الموصل لكامل سلاحه الخفيف والثقيل وآلياته ودروعه وعتاده ، بأصدار أمر للجيش (من أعلى المراجع) بالانسحاب وترك كل معداته ، لقد درست أمريكا الوضع مليا ، وخرجت باستنتاج صحيح (بل ربما تم بأرادتها) ، من أن القوة العسكرية التي تسمى (جيشا) في الموصل كان معظمه من الفضائيين ، وقادته فاسدون ، وأن حكومتنا لا تمتلك الحدود الدنيا من السيادة ، الى درجة عدم قدرتها حتى على محاسبة القادة الفارّين والخونة وعرّابي تسليمها ، حكومة كالأقزام ، لا يتصرفون الا بما يُملى عليهم من هذه المراجع ! ، يقول الوافدون العسكريون ، ان مهمة الأمر بترك السلاح وأستلامه وجمعه كانت من مهام (البيش مرگة) !!.
الحكومة الروسية كانت أذكى من أن تؤكد أو تنفي الخبر الذي أوردته وكالة (سبوتنك) ، ونعلم جيدا ، ان حرية الصحافة في روسيا ، مسألة غامضة ، هذا يعني انه لم يُنشر الا بناءً على ضوء أخضر من الحكومة الروسية ! ، انه احراج آخر لما يسمى بالمجتمع الدولي ، الى درجة قد لا يتمخض عنه هو الآخر التأكيد أو النفي من قبله ! ، رغم كون هذا المجتمع كالعاهرات التي تمتلك مناعة من الأحراج !، وبغض النظر عن صحة خبر (سبوتنك) ، لكني اجده الأكثر واقعية لتفسير ما يحصل ، السعودية وقطر تضعان أيديهما بأيدِ الموساد لأجل دمار سوريا والعراق ، ونحن نعلم ، ان السعودية (تستجدي) رضا (اسرائيل ) للتطبيع معها ، هذا ما تناقلته الأخبار ، السعودية التي شكلت تحالف (العار) العربي ، وهي تقود عاصفة (اثمها) لقتل أطفال اليمن الجوعى ، وهدم المستشفيات والمدارس ، وهي على أبواب ابرام أكبر صفقة للسلاح بقيمة 1.3 مليار دولار مع أمريكا !، ولكن لأجل مَنْ ؟ لحرب اسرائيل ؟ ام لبث المزيد من الفوضى والأقتتال ، فالأقربون أولى بالذبح ! والجوع في العالم بلغ مستوىً قياسيا ، وان 1% من سكان الأرض ، من اللاجئين والفارين والنازحين بعد أن استحالت بلدانهم الى جحيم ، هم أجّجوه ! .
الا تلاحظون ، ان داعش ما دخل منطقة وخرج منها (بقتال أم بدون قتال) ، الا تركها قاعا صفصفا ، ومهدمة بالكامل ، لتضيف عبئا ثقيلا على الدول المبتلاة المنهارة اقتصاديا ، لأعادة بناءها ، بالأضافة لضمان حاجة تلك الدول المستمرة للسلاح والحماية وعدم الخروج من مظلة هذا (المجتمع الدولي ) ، ولضمان ابقاءها فقيرة ، ترزح تحت رحمة مرابيهم من عتاة المصارف العالمية ، ومحاربتها في قوتها ومواردها ، كالنفط الذي انهار سعره بدون أي مسوّغ اقتصادي ! ، وصرنا كالدجاجة التي تطلب الرحمة من ذابحها !.
والسؤال المُلِح هو : وماذا بعد ذلك ، ما هو مصيرنا ، وحكومتنا لا تمثلنا ، بل هي مجرد صنيعة لما يُملى عليها ، ونحن محاطون ببحر من الأعداء ، كما دأبت اسرائيل على ابتزاز العالم من خلال هذا المبدأ ! ، بل أن الأعداء بيننا ، وهو مصداق لما تنبأ به (مظفر النواب ) حينما قال (سنُصبح نحن يهود التاريخ ، ونعوي في الصحراء بلا مأوى)! ، سؤال من الصعب الأجابة عليه ، ونحن نشهد عصر انقراض القومية ، والمبادئ الأنسانية بأسم المصالح ، وأزاء عدو بلا ضمير ولا قبل لنا بمواجهته ، هذا هو الأمر الواقع ، وأمامنا مسيرة آلاف الأميال ، ولا بد أن تبدأ بخطوة ، أن نستعيد وطنيتنا ، وننبذ تناحرنا ، ونوجه جهودنا كلها باتجاه واحد لرسم مستقبلنا من جديد ، فهل نحن على قدر المسؤولية ؟ اشك في ذلك كثيرا ، ولا زلنا لم نخطُ خطوتنا تلك الى الأمام ، بل بدلا من ذلك ، خطونا أجيالا الى الوراء ، فلك الله يا عراق .