أينشتاين أول من تنبأ بوجود الثقوب السوداء ، وقد أثبتتها تقنيات المراصد المتطورة وجودها منذ زمن قريب ، والثقب الأسود وحش فضائي نهم ، يبتلع كل الموجودات من حوله ، ويتراوح حجمه من حبة الحمص الى ما يعادل حجم المجموعة الشمسية بأكملها ! ، ولكن أيا كان حجمه ، فأنه قادر على ابتلاع شموس بأكملها ، فيشوّه مظهرها الكروي ، جاعلا منها مسارا لولبيا بمستوى افقي وهو يلتهمها ببطء ، والثقب الأسود ذو كثافة وجاذبية خيالية تفوق مستوى ادراكنا المحدود ، ولو تسنى له ابتلاع كوكب بحجم الأرض ، فسيضغطها محولا اياها الى حجم كرة (البليارد) وهي تدخل جوفه ! ، ولكن اين ستذهب مادتها ؟ .
نحن نعرف أن (الذرةAtom) ، مكونة من نواة موجبة تدور حولها الكترونات سالبة ، ولوجود التجاذب بين الشحنتين ، فعلى الالكترون الدوران حول النواة لتوليد قوة طرد مركزي (Centrifugal force) ليكافئ قوة جذب النواة له ، والذرة من الصغر بحيث اذا اصطفت مليون ذرة بخط مستقيم ، فأنها ستعادل قطر شعرة الأنسان ! ، فسبحان الله ، وكأنه ناموس موحّد ، فهذا ما تفعله الأرض وقمرها والكواكب السيارة تجاه جذب الشمس لها ، مع الفرق الهائل بين المقياسين ! ، لكن هناك فراغ بيني كبير بين النواة وأغلفتها الكروية من الالكترونات ، كبير الى درجة أن هذا الفراغ يشكل أكثر من 99% من حجم الذرة ، وهنا يقوم الثقب الأسود بضغط هذه الذرات الى درجة الغاء هذه المسافات البينية فتندمج مع بعضها ، محولة الأرض الى هذا الحجم الصغير ، لكن بنفس كتلتها البالغة 6000 مليار مليار الطن ! .
لاحظ العلماء من مراصدهم ، ان مجرة درب التبانة (أو الأصح درب اللبانة Milky Way Galaxy) ، والتي تتواجد مجموعتنا الشمسية كلها مثل حبة غبار على حافتها ، انها ايضا تدور ومركزها ساطع جدا ، ثم اتضح انها ملايين الشموس ، متقاربة وكأنها تنتظر حتوفها حول ثقب أسود عملاق في مركزها ! ، ويعتقد علماء الفلك ، رغم وحشية الثقوب السوداء اللامتناهية ، انها ضرورية لتوازن الكون ، مثل ظاهرة الحياة والموت لدينا ، فالكون يتجدد بأستمرار ، هنالك نجوم تولد ، ونجوم تموت !.
لو قُدّر لأنسان ، الدخول في الثقب الأسود ، وهو يسبح مع حطام وغبار مخلفات الكواكب التي يلتهمها ، وسيقترب من حافة الثقب الأسود والمسمى (أفق الحدث Event Of Horizon) ، فمن المستحيل عليه (بايولوجيا) البقاء على قيد الحياة ، لأنه سيضغطه محولا أياه الى ما يشبه الخيط قبل ابتلاعه ، ولا شك انها سنكون ميتة عنيفة ، حتى يأتي عليه بالكامل ، ويمتلك الثقب الأسود من الجاذبية ، بحيث لا يفلت منه حتى الضوء لهذا نراه أسودا ، فالسواد في مفهوم الفيزياء ليس لونا ، انما ببساطة ، لاضوء ! ، لكن ماذا يحدث بعدها ؟ .
أينشتاين تنبأ أيضا بوجود (كائن) فضائي اسمه (ضديد المادة ، اوالمادة السالبة Antimatter) ، وهي من الصعب تصورها من غير الأكاديميين ، لكن هذه المادة هي التوأم الند والمضاد للمادة السّوية التي تعرفها ، ويدعي أينشتاين أن مهندس الكون (الله) ، خلق المادة من العدم ، تاركا مكانها (ثغرة) هي ضديد المادة ، اي أن الأمر يشبه رفع كمية من طين الأرض (المادة) ، تاركا خلفها حفرة (ضديد المادة) ، وعند اتحادهما ، ينتج العدم ! ، مع انبعاث طاقة هائلة على شكل اشعة (غاما Gamma) ، وان احد النظريات تقول ، أنها موجودة بداخل الثقب الاسود ، حيث يتم اتحاد المواد التي يبتلعها الثقب الأسود مع ضديد مادتها ، منتجة العدم مع انبعاث اشعة غاما خيطية من قطبي الثقب الأسود لمسافة مليارات الكيلومترات ، واذا وقعت الأرض على طريق هذه الأشعة ، كانت تبدو وكأنها نجم ساطع ، لكن الذي حيرهم انه مع دوران الأرض يروا هذه (النجوم) وكأنها تختفي ، لأن عدسات المراصد تحيد عن تلك الأشعة الخيطية بسبب دوران الأرض ، رغم يقينهم بمكانها ، لهذا أسموها (النجوم الكاذبة False Stars) ، لكن تبين فيما بعد ، انها ثقوب سوداء !.