منذ العام 2003 السنة التي جاءت وبجعبتها تغييرات وأحداث جديدة للعراق, منذ ذلك الوقت والعملية السياسية تدور في فلك التوافقات التي افرزت تنازلات وبدورها أفضت لتشكيل حكومات متعاقبة نصف ناجحة!
لا يختلف اثنان عاقلان يفكران بمنطقٍ بعيد عن التعصب ونظرة الحقد ومخلفات الضخ البعثي الشوفيني, لا يختلفان ان ثلاث فقط هم من يتحكم بعراق ما بعد 2003 تحكما كاملا وكأنهم يوجهون البوصلة بجهاز التحكم.
الفصيل الأول هو المكون الشيعي ولا مناص من الإقرار بأن المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة السيد الراحل عبد العزيز الحكيم كان ولا يزال هو الكابيتانو وداينمو العملية السياسية يرافقه بذلك حزب الدعوة الإسلامية وبعض الأحزاب التي توافقت ان تنضم لزعامة سياسية شيعية واحدة بقوة قرار واحد للحصول على رئاسة الحكم, كما لا يخفى ان الأحزاب الشيعية لم تتوافق فيما بينها الا بعد ان اطمئن كل مسمى فيها على استحقاقه فتم التوافق والتوزيع بالتساوي مقتنعين بأن مجالس المحافظات موزعة بين الكبار والزعامة الشيعية السياسية للمجلس الأعلى على ان تذهب رئاسة الوزراء لحزب الدعوة, طبعا حدثت بعض المشاكسات والقفزات على حصة البعض من البعض وبرغم وجود بعض الاختلافات الا ان الانطباع العام هو ما ذكرناه.
الفصيل الثاني الذي يعد تأثيره كتأثير قبة الميزان هو المكون الكردي الذي لم تفارقه لعنة التعنصر والشعور بالمظلومية جراء الإجراءات التعسفية التي اذاقهم إياها نظام البعث, بلحاظ مطالبتهم المستمرة بإقرار ما يضمن عدم تكرار ما تعرضوا له في مقابل ان يقفوا الى جانب الأغلبية الشيعية لتمكنهم من منصب رئاسة الحكومة, لذا فأن وجودهم في الحكومة الاتحادية فيه مصلحة الفصيل الشيعي لتحقيق غالبية مريحة.
الفصيل الثالث الذي لا يريد ان يغادر مرحلة العبودية ويرفض التحرر من قيود الاملاءات الخارجية هو المكون السني والذي يمثل نسبة جيدة لكنه لا يمثل أغلبية في التمثيل النيابي والحكومي, مشكلته انه لا يزال بلا قيادة نتيجة كثرة الخلافات والتزاحم الكبير على المغانم ولتعدد المرجعيات الخارجية والتي أصبحت عنصر اضعاف بدلا من ان تكون عنصر استقواء سيما بعد دخول داعش الى العراق.
بين هذه الفصائل الرئيسية وبين متطلباتها ستكون مطرقة البرلمان بتوجهاته الجديدة ربما قاسية ولربما سنشهد أعادة ترتيب في مسميات الفصائل الثلاث وفقا لما ستفرزه تحركات اقالة هوشيار زيباري وهو خال مسعود البارزاني احد اركان ثلاثي الحكم.
اعتقد ان التسويات ستكون حاضره وسوف يستمر زيباري وزيرا للمالية, والا فأن البارزاني سيغرد وحيدا بعد ان يغادر المشروع السياسي الذي انتج حكومات شيعية.