أشهر حراس الديمقراطية في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، وقد يصدق بعض المغرر بهم، أنها تقسو على الشعوب، لكنها بعد ساعات تحتضن البلدان بحنين دافئ، مفاده الدفاع عن حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب من قبل صناع الغرابة والدهشة المفتعلة، ويفتحون للمراكز الإعلامية نوافذهم كافة، لمَنْ يريد التزود بالمعلومات التي يصطنعها منتجو الإرهاب، فيتحكمون بالعقول، وكأنهم يشتمون رائحة الدم، ويمتطون صهوة القانون في الوقت نفسه، نعم إنها أمريكا!
لنتكلم بجرأة وصراحة، المذابح هي نظام الحياة اليومية، التي تصدرها أمريكا وذيولها القذرة لشعوب العالم، ويبدو أنها تريد حكمه تارة بإسم الإنجيل، وتارة بإسم التوراة، وتارة أخرى بإسم القرآن، ولكن وفق آيات وأسفار تلائم مفاهيمهم الخاصة، المنتجة في مصانع الأرهاب الأسود، أما العربات البيضاء التي يقودها الأحرار والشرفاء، فهم يشقون طريقهم بصعوبة، وسط أرقام الموت وأحكام القوة، وهي ترسم أنهاراً للدم والغرق المدقع في الفساد.
هناك لاءات كثيرة وقفت في الماضي، بوجه محور الشر الأمريكي، وأذنابه المزروعة في كل بقاع العالم، ومازالت هذه الأصوات الشريفة، تطالب الأمريكان بالكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للشعوب، فمن حقها تقرير مصيرها، دون أن تنصب أمريكا نفسها شرطياً على الدول، لتحميها من إرهابها المصنع في أراضيها، وتصدره بإسم حماية المدنيين وحقوق الإنسان، فتزيل طاغية وتضع حاكماً يلبي طموحها، بعيداً عن أراجيف الإنسان ومصيره وكرامته.
ما يحدث من صراعات، ونزاعات، وحروب في مناطق العالم المختلفة، سببها أن أمريكا تلعب جميع الأدوار، وتمثل بجدارة مسرحياتها لتسوق أفلامها السياسية والإرهابية، لتجلب الثروة والنفوذ لبلادها، ولتسيطر على منابع النفط والمعادن الهائلة، وإلا ما همها إن كانت نيجيريا وبورما مسلمتين أم لا؟ لتسكت عن جرائم حكامها بحق مواطنيها، وما سبب التدخل الكبير، لتغيير خارطة الوطن العربي كما كان يسمى؟ إنها لقمة العيش خدمة لإسرائيل.
ما الذي تريده أمريكا من الشرق الأوسط؟ وهل الشعوب أم حكامها، المسؤولون عن هذا الوصاية، حيث تمزق الدول كيفما تشاء، فمرة مع آل خليفة ضد الأغلبية الشيعية البحرينية، ومع حكومة مخلوعة ضد اليمنييين الحوثيين، وأخرى مع الكرد ضد تركيا، ومرة مع أردوغان ضد الإنقلابيين، ومع حكومة جوبا ضد الرئيس البشير في السودان، فلم ولن تتوقف مدونة الموتى عن تسجيل حجم الدمار فالأمر يعود لأمريكا وحدها.
أمريكا لا تملك سوى أولاد السوء، لتنفذ مخططاتها التدميرية وتقسيم العالم، ولن تجد سوى الدين والطائفة، لتفتعل أزمة في أي بلد، تريد إستنزاف موارده وثرواته، فتشق طريقها بواقع الديمقراطية المزيفة، ومستحيل الوحدة والتعايش، رغم أن الوطن يسع جميع الناس، تجمعهم أمانٍ وطنية صادقة، لكنها في الحقيقة تجمع المرارة، والدمع، والأسى، لتترك حروفها على الأبرياء وفق الطريقة الأمريكية، وأن تجعل من الشعوب حميراً لتمنعهم أبسط الأحلام.