كنا وما زلنا نشدد على اهمية دور التربية والتعليم في تأريخ ألامم وبناء الاوطان , ومما لا شك فيه ان اي خلل في منظومة التعليم ستنعكس سلبا على نواحي الحياة المختلفة , ابتداء من سلوكيات المجتمع أفرادا وجماعات وانتهاء بتطور البلد وتقدمه , وفي بلد مثل العراق عانى ما عانى لسنوات طوال من اهمال وتدمير وعدم تخطيط بل صار حقلا لكثير من التجارب القديمة الفاشلة , والتجاذبات والتقاطعات العقيمة , وتدخلات الاحزاب ذات الرؤية الضيقة حتى تراجعنا كثيرا وصرنا في مؤخرة الركب العالمي بعدما كنا نصنف عالميا من احسن دول المنطقة في التعليم وبعدما كانت جامعاتنا قبلة لأنظار طلاب الدول المجاورة وخير دليل على مستوى التعليم في العراق أنذاك هو الكم الهائل من خريجي الجامعات العراقية المنتشرون في أرقى التخصصات العلمية المختلفة في مختلف دول العالم .
ولقد نبهت أنا وغيري ,مرارا وتكرارا بضرورة ابعاد قطاع التربية والتعليم عن مخالب السياسة وكعكة الاحزاب وتقاطعات ومساومات المصالح الضيقة , حتى يعود العراق الى مكانه الريادي الطبيعي , خصوصا ونحن نعلم أن الشعب العراقي من اذكى الشعوب في العالم وهذا ما جاء في احدث نشرة عالمية تهتم بتصنيف معدل الذكاء وفق نظام ( IQ ) حيث احتل العراق المرتبة الاولى عربيا والعشرون عالميا في نسبة ذكاء شعبه بين شعوب العالم ؟؟ تصوروا رغم كل ما عانا ويعانيه الشعب العراقي بمختلف فئاته من كوارث ومصائب وحروب حتى بلقمة عيشه, وبرغم الفساد والاهمال والتقشف , يبقى العراقيون في مقدمة أذكى الشعوب في العالم ولكننا في النهاية لا نمتلك ذلك التطور العلمي الهائل الذي يتوفر لغيرنا والا كنا اصبحنا في مقدمة الركب العالمي بلا منازع .
ولذلك نحن نحتاج الى ثورة في التربية والتعليم , ثورة حقيقية تغير كل الانظمة البالية , وتعتمد كل ما هو حديث ومبتكر لتطوير العملية التربوية بمختلف اتجاهاتها . ولقد استبشرنا خيرا حينما تم اختيار رئيس جامعة الكوفة وزيرا للتعليم العالي فالرجل انا لا اعرفه ولكن سبقته سمعته الطيبة وادراكه العمبق لأهمية التخطيط العلمي للأرتقاء بالتعليم العالي ولقد حققت جامعة الكوفة في عهده طفرات نوعية في تسلسل الجامعات العربية والدولية ولذا صرنا نتأمل كل الخير من خلال وجوده على رأس هرم التعليم ولذلك أضع عدة ملاحظات امام نصب عينيه أملا ألالتفات لها ودراستها بعناية ومنها : غياب التخطيط المبرمج العلمي لمسار التعليم العالي العراقي ؟ فأنت لا تجد خطة قصيرة الأمد أو طويلة يرسمها خبراء التعليم لتكون خارطة طريق للأرتقاء بالعملية التعليمية في الجامعات والمعاهد تنهض بواقع التعليم وتجعله ينافس دول الجوار على اقل تقدير ولا ضير أن نأخذ تجارب عالمية في نظر الاعتبار مثل ماليزيا وسنغافورة التي بفضل خططها المدروسة في جامعاتها أرتقت بلدانها وتطورت كثيرا وصارت من البلدان التي يشار لها بالبنان . فالى متى نعاني من القرارت الأرتجالية والمتسرعة غير المدروسة والتي احيانا تتخذ لخاطر فئة معينة أو حزب في قمة السلطة ؟ ما نحتاجه يا سادة التخطيط ثم التخطيط في اطار خطة طويلة الآمد تقر من قبل خبراء التعليم وتدرج ضمن مجلس النواب لتكن قانونا ثابتا غير تابع لآمزجة الحكومات المتعاقبة وتخضع للتطوير حسب المتغيرات .
ثم نحن نحتاج الى تطوير ملاكاتنا التدريسية في الجامعات والمعاهد من خلال برامج تدريب عالية المستوى في دول تمنح العراق الافضلية في برامجها العلمية , وكلي أمل أن تعمد الحكومة العراقية الى فرض بند مع أي دولة تعقد معها صفقات تجارية ,ينص البند على تدريب
ملاكات التعليم العالي في تلك الدول مقابل عقدنا تلك الصفقات معهم, فتصوروا لو فرضنا تدريب اساتذتنا مع صفقات الاسلحة المستوردة من مناشئ عالمية فكيف ستكون الفائدة عظيمة ؟. ولقد نبهنا لمرات عديدة لجعل نسبة من التعيينات في ملاكات جامعاتنا لذوي المهارات الخاصة وأصحاب براءات الاختراع الحقيقية لا الشكلية يخضعون لأختبارات حقيقية ومن ثم تعيينهم على الملاك الدائم .
الاهتمام بتطوير مناهج التعليم والاعتماد على طرق التكنولوجيا الحديثة فالمعرفة فن ولكن التعليم فن اخر قائم بذاته , وتفعيل برامج التعليم المستمر التي صارت حاليا حبرا على ورق , وتفعيل دور المكتبات الالكترونية التي تجعل العلم بمتناول الجميع , وتفعيل برامج ايفاد الطلبة المتفوقون في المراحل الاخيرة مع اساتذتهم للتدريب في دول متقدمة لتعميق الاطلاع على تجارب الغير, وتفعيل دور التدريب الصيفي الفعلي لا الشكلي لطلابنا .
سيادة الوزير : صار الجانب العملي في بعض كلياتنا مجرد وقت للنزهة وتضييع الوقت , والسبب عدم تهيئة مستلزمات التجارب العملية وتلك من أكبر المشاكل الحالية في جامعاتنا ومعاهدنا العريقة , فصار طالبنا لا يعرف سوى بعض المعلومات النظرية , رغم أن العملي صار الجانب الاهم في جامعات العالم المتطورة ثم تفعيل التفرغ الجامعي ليتمكن الطالب من رؤية اساتذته والاستفادة من علومهم والاحتكاك أطول فترة ممكنة معهم , ولا اخفيك سرا انني احلم برؤية بعض أساتذة الكليات ولو مرة في الشهر ؟ غير أنني تمكنت أخيرا أن أكون صديقهم في الفيس بوك لآنهم في دول ثانية مجاورة لبلدنا يعملون بنظام العقود المؤقتة؟ . ويقبضون رواتبهم من جامعاتنا بالكي كارد دون ان يروا طلابهم لشهور ثم حينما يحضرون في مرات نادرة يتكلمون عن مشروعية استلام راتبهم بالكي كارد حلال أم حرام ؟.
سيادة الوزير : ننتظر منكم التطوير الفعلي لعملية البحث العلمي في جامعاتنا وتخصيص الاموال اللازمة التي ترتقي بعملية البحث العلمي , فجامعاتنا انتجت قطاعات عريضة من البشر قادرة على القراءة ولكنها غير قادرة على تمييز ما يستحق القراءة ؟ ثم هناك ظاهرة يجب ان تنتهي الا وهي فك الاشتباك , حيث أن هناك من يشغل اكثر من موقع في ان واحد؟ فمن غير المفهوم ان يتم تكليف نفس الرجل لآكثر من منصب في ذات الوقت ؟ ثم الى متى تستمر عملية التكليف في المناصب , وما الفائدة منها ؟ انظر الى عدد المكلفين وكالة في التعليم العالي من رؤوساء جامعات وعمداء كليات وستصاب بالحيرة والذهول ؟ وجامعتا الانبار والفلوجة مثالا , ان عملية التكليف المزدوج لها اضرارها الواضحة , فلا يستطيع المكلف ان يقوم بواجبه على اكمل وجه بين المنصبين وسيتشتت تركيزه وابداعه , ومن المؤكد انها عملية عبثية لا علمية , فيجب فك الارتباط للتفرغ الكامل لمنصب واحد .
سيادة الوزير : كلنا امل ان تصبح الجامعات منابرا للتعليم فقط لا يتدخل باستقلاليتها اي فرد او مجموعة ومن اي جهة كانت , وعلينا ان نركز على حصول الطالب على تعليم جيد لا درجة جيدة , فالفرق شاسع بين الاثنين؟.
علينا اتخاذ قرارات علمية فنية جريئة بتقليص عدد معين من الكليات التي لا نحتاج اعداد خريجيها الهائل ؟ , وعلينا دمج بعض الكليات لنوفر للطالب الكادر التدريسي المتكامل , فاكون امينا حينما اقول ان هناك كليات تم استحداثها لاغراض بعيدة عن متطلبات التعليم , فقط لتحمل
اسم تلك المنطقة , او لكي يتباهى احدهم ان الفضل يعود اليه بانشائها تحسبا للدعاية الانتخابية ؟ والا فما معنى هذا الكم الغير مبرر من الجامعات والكليات وبعضها لا يحتوي الحد الادنى لفتح ربع كلية لا كلية كاملة , ولقد راينا كليات مستحدثة تستجدي من غيرها كادرا للتدريس ؟ أن البناء الافقي اكبر خطا في التوسع التعليمى ويجب التركيز على البناء العمودي , ياسادة : نحن نتعامل مع اصعب الاجيال تعليما , لان عقولهم ارتدت افضل الملابس بدون ان تعرف الى اين ستذهب ؟ وللحديث بقية …