الحاج حسين ..وما أدراك ما الحاج حسين غائب رحمه الله ، واحد من أفضل المصححين والمقومين اللغويين في العراق وأزعم في الوطن العربي ايضا، كان حاد المزاج فيما يتعلق بأخطاء الكتاب والصحفيين ولا تأخذه في الحق لومة لائم وكان يعيب على نشرات الأخبار العراقية والعربية – اطنان الأخطاء اللغوية والنحوية والبلاغية والإملائية من خلف الكواليس قبل البث ايضا – التي تتداعى على ألسنة مقدمي نشراتها ممن زجوا في دورات بألاف الدولارات داخل البلاد وخارجها لو أن – حمارا – أقحم فيها لأصبح ندا لسيبويه ونفطويه وخمارويه وابن خالويه وووبهمن جاذويه !! ، على فكرة الدور الذي قدمه المرحوم ، كامل القيسي ، حين أدى شخصية القائد الفارسي ، بهمن جاذويه ، بصوته الأجش وبطريقة غاية في السذاجة رغما عن انف المخرج ” صلاح ابو سيف ” في فيلم ” القادسية ” كان واحدا من اسباب فشل الفيلم واغلاق سينما النصر ساعة عرضه الأول وكنت هناك ، أعقبه دخول عناصر الأمن اليها بعد ان ضجت القاعة بالضحك والصفير والتصفيق ليس اعجابا بالفيلم وانما كرد فعل طبيعي على – زييييييج طووووويل جدا ولمدة نصف دقيقة من دون مبالغة – لأحد المتفرجين امتعاضا من أداء القيسي الباهت بلحيته الاصطناعية التي تهتز مع الريح برغم – اللاستيك – المربوط برقبته لتثبيتها (بس لو اعرف ليش الدراما العراقية لا ترغم الممثلين على اطالة لحاهم قبل أداء الدور بدلا من لصقها لهم بالصمغ او تثبيتها بـ – اللاستيك – كان حيل ارتاحيت ..يعني حتى هاي ما دبرتوهه !!) .
الحاج حسين وكنت أجالسه طويلا بحكم عملنا سوية في عدد من الصحف والمجلات المحلية ، سألني ذات مرة، لماذا تلتف الجماهير حول أشهدهم صراخا وجعجعة وإدعاء للوطنية والنزاهة والشرف ولو كانت خطاباته وكلماته – فالصو – لا تعدو ان تكون مجرد حبر على ورق ، جعجعة من غير طحين ، هواء في شبك ، زوبعة في فنجان ، بل وربما رأوا صورته في القمر الذي اظهر صورا لزعماء سابقين بزعمهم ايضا ، رغما عن – ابو جد – ارمسترونغ الذي هبط على القمر فيما لم تظهر صورته على وجهه سواء داخل الأستوديو كما يقول المخرج الفرنسي ، وليام كارل، في فيلمه ( الجانب المظلم للقمر ) او على سطحه فعلا ؟ !قلت لو وقف الان شخص معروف بالسرقة أبا عن جد وتحدث بصوت مرتفع عن السراق ووجه لهم النقد اللاذع للألتف حوله الناس من دون وعي منهم كأنهم ( سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) ، ولنظروا اليه على انه – فاتح جنة قلعة – من دون ان يسألوه ” من أين اكتسبت مالك الحرام وفيم انفقته في الحرام ..يا هذا ؟ وأين أولادك يا مسعر الحروب ، ألا تريد ان يتشرفوا بمعارك المصير كما تشرف اولادنا ..فقتلوا او أحرقوا أو فقدوا او اسروا او نزحوا او فروا ، لو على رأسك وولدك في لندن وباريس وميشيغان وستوكهولم وكوبنهاغن وبرلين ودبي وطهران وبيروت …..ريشة ؟!
لو وقف شخص – يلطع – حذاء ( بلبلي كرواني ) ويلمعه صباح مساء ، موثقة بالصور ومقاطع الفيديو ثم شتمه بصوت عال وسط حشد من الناس لأصبح بطلا قوميا لدى السنة من دون ان يسأله احد منهم على الإطلاق ” العفو ..هذا الفيديو وعشرات الصور .. شنو ، منو، ليش ممكن نعرف ؟ !!
لو قام آخر خطيبا وشتم تركيا وقطر والأمارات والسعودية والأردن والبحرين – بعد استثناء سوريا بطبيعة الحال بعد ان كانت تتصدر قائمة الشتائم والاتهامات الحادة حتى عام 2012 – لأصبح ” دون كيشوت ” لدى الشيعة ولو أن البوما للصور منشورا على محرك البحث غوغل تظهره وهو يقبل ايادي ملوكها ورؤسائها وأمرائها ويتملقهم من قبل ومن بعد واحدا تلو الآخر !!
لو ان قاتلا معروفا هاجم القتلة بصوت مسموع في – فضائية حواسم – فأن الجماهير ستلهج باسمه وتعلق صوره حتى في – التواليت – !!
لو ان رفيقا حزبيا سابقا وبدرجة متقدمة وبالصور وأشرطة – VHS او Video Home System- صوت وصورة طالب بحظر الحزب الذي كان ينتمي اليه سابقا بعد تحوله الى رفيق في حزب آخر يعاكسه بالاتجاه والايدلوجيا بـ 180 درجة وبدرجة متقدمة ايضا – في العراق فقط لأن نسخته السورية طبق الأصل غير مشمولة حاليا بكل ما ينسب الى نظيريها العراقي من مثالب وطعون – فأنه سيتحول الى ” هرقل الجبار ” من دون ان يقول له اي كان من المخدوعين به ” كلي بلا زحمة رفيق كوركيس …البدلة الزيتوني اللي ظهرت بها في السابع من نيسان بحسب الأشرطة التلفزيونية المصورة لك ولأكثر من 50 مرة ورآها الملايين وين صارت ؟ ” .
شخص معلوم لدى القاصي والداني بانه مهرب نفط وآثار وتاجر سلاح ومخدرات وأعضاء بشرية وادوية منتهية الصلاحية ومواد غذائية تالفة ومزور انتخابات وعقود وشهادات جامعية واولية يظهر وهو يوزع – فلافل او شاورما او شاي مهيل – في احدى المناسبات الشعائرية فأنه سيتحول الى ” روبن هود ” من دون ان يسأله أحد ” أصحوة ضمير بعد سبات طويل جدا …يا عندليب الضيعة وحارة كلمن ايدو الو ؟؟.
لو ان قاتلا ماجورا ومعذبا مشهورا تحدث عن حقوق الأنسان في فضائية ما او محطة اذاعية ما او كتب في صحيفة ما مملوكة للص ومنتهك لحقوق الناس مثله بصوت عال فانه سيتحول بنظر بعض العراقيين الى ” طرزان حامي حمى الحيوان والأنسان والبلبل الفتان ” !وقس على ذلك ما شئت من امثلة ، هل تعلم … لماذا ؟ لأن الناس استمرأت الخداع وألفته بل قل عشقته ..لأن ما يجري في العراق من فتن متتابعة كمسبحة انقطع سلكها ينسي بعضها بعضا ….لأن مداعبة المنافق – صاحب الخطب النارية – لمشاعر الناس الطائفية والأثنية والدينية باتت لعبة مكشوفة يجيد تحريك خيوطها بحكم الممارسة العملية او التلقين من خلف الكواليس ممن سبقوه و رأسوه في حزب او كتلة او تيار ينتمي اليه …لأن الناس تضاءلت بفعل التقتير والمعاناة والحصار أحلامها وبات اكثرهم كما قال الشاعر ” اجسام البغال وأحلام العصافير ” … أقصى أمانيها ” خبزتنا تكفينا … تيار كهربائي لا يتعدى 5 امبير … عقد او اجر يومي في مؤسسة حكومية …علاكة مسواك بـ 10 الاف دينار …حصة رمضانية مجانية …سيت اقلام جاف ..نص ربع كيلو لحم غنم اضاحي بلوشي ” وليكن بعدنا الطوفان ولا أحد يسأل بعد ذلك عن شيء ولو ” كام الداس وراح النفط والآثار والغاز والكبريت والفوسفات والصناعة والزراعة والتجارة والدين والأخلاق والنزاهة والشرف والأخوة والمحبة وروح المواطنة وووالوطن يا عباس ” تماما كـ – زيج – سينما النصر الساخر من دور كامل القيسي او ” بهمن جاذويه ” الذي ظن عناصر الأمن حينئذ انه انقلاب شعبي على السلطة وفيلمها الذي بلغت تكلفة إنتاجه وقتها عام 1981 نحو 4 ملايين دينار عراقي مضروب في 3 دولارات وربع سعر التصريف آنذاك = اكثر من 12مليون دولار بما يكفي آنذاك لبناء مدينة انتاج ضخمة ربما تضاهي بوليووود الهندية او 6 اكتوبر المصرية ، بمشاركة نحو 300 ممثل عربي وعراقي برغم فشله الذريع جدا وعلى المستويات كافة .
وختاما قلت للحاج حسين رحمه الله واسكنه فسيح جناته …دعني اقول للناس استيقظوا ولا تصدقوا بتاتا كل من صرخ بما يعشقه هواكم وتستطيبه آذانكم ويختلج في دواخلكم ويداعب مشاعركم من دون قدرتكم على الأفصاح عنه قبل النظر الى أفعاله وأعماله ، فأنكم لن تجنوا من الشوك عنبا ولا من العليق تينا ، استيقظوا قبل ان – تسرق – شمسكم على يد من يمنونكم بغد افضل بلا سراق وهم من الكاذبين فلا نهار يضيء دربكم بعدها ابدا ، ولله در القائل : فما كلُّ مَن يَشري القَنا يَطْعنُ العِدى …..وَلا كلُّ مَن يلقى الرِّجالَ بفَارسِ
اودعناكم اغاتي