وضحنا في الحلقات السابقة الاسس الفكرية والعقائدية والدستورية للتمدد الايراني في المحيط الاسلامي ولم يفتنا ان نعرج بشكل هامشي على المحاولات التركية في المحيط نفسه والتي هي في بداياتها وكذلك المحاولات الخليجية على نطاق محدود بسبب عم امتلاكها عناصر القوة اللازمة للتمدد 00كي لا نخرج عن عنوان الموضوع اولا ، ولكون النفوذ الايراني هو الاقوى ثانيا كونه يتميز عن باقي مصادر النفوذ بامتلاكه منهج وعقيدة مثبتة بالدستور الايراني ، ولكونه يمتلك استراتيجية واضحة المعالم ومعلنة تحملها مؤسسة دينية شيعية عمرها عدة قرون يقابلها عدم وجود مؤسسة سنية بل عدم وجود اية مرجعية سنية 0 او مرجع سني مؤثر
لعل وجود المرجعية (المؤسسة) هو الضمانة الاساسية لوجود برنامج جدي يترجم الى نشاط جاد ومنظم ،00 لنأخذ الامن القومي العربي كمثل لنجد ان اطنانا من الورق كتبت عنه وتمشدق به الكثيرون الا انه بقى مصطلحا عائما بسبب عدم وجود مؤسسة مسؤولة عنه او تدعمه سوى جامعة الدول العربية الحاضرة الغائبة ، وهكذا هي الحركة السنية (ان صح التعبير) التي لا تمتلك مرجعية واحدة في العالم الاسلامي سوى مؤسسة الازهر التي تقودها (الدولة) المصرية وبقت عبارة عن مؤسسة تنظيرية لا غير ونظرياتها واعلامها لا يسري الا بشكل بسيط على جزء من سنة مصر وباقي السنة لم يسمعوا باسم شيخ الجامع الازهر ومنهم الكاتب الذي هو يؤمن بالدولة المدنية وبالتالي يؤمن بان الدين والمذهب ينبغي ان يأخذا مكانهما الصحيح ودورهما الصحيح خارج مزبلة السياسة ، وبالتالي فأني غير مبتئس لأن السنة لا تظمهم مؤسسة او مرجعية بل اعدها حالة ايجابية باتجاه بناء الدولة المدنية التي نادت بها الجماهير في تظاهراتها بعد ان صار احلى شعاراتها (باسم الدين باكونا الحرامية)
لتوضيح موقفي في اعلاه اذكر اني بعد الاحتلال بأشهرشاهدت احد شيوخ السنة على الشاشة يقول ((ايها السنة التمو حول بعضكم لانه سيأتيكم اليوم الذي تحتاجون فيه وحدتكم )) اجبته بمقال على صفحات الزمان قلت فيه ((ايها السنة لا تلتموا حول بعضكم لأن المخطط يريد ذلك بشدة 00التمو مع اهلكم الشيعة وباقي الوان الطيف العراقي لأفشال المخطط الطائفي وطرد الاحتلال وبناء عراق المستقبل))
ولذلعندم..وهكذا بنى السني شخصيته على ان مرجعيته هي الدولة التي يستلم منها راتبه ومعاشه ويدفع لها الضريبة 00وأذا لم تعجبه تلك الدولة آمن بالامر الواقع او تظاهر او انقلب عليها وكل ذلك يندرج تحت عنوان السياسة او العنف السياسي ، ولذلك لم تكن الرموز الدينية هي التي حركته في ثورة العشرين مثلا كما حصل لدى اهلهم في الوسط والجنوب
الشيعي غير ذلك فلديه التقليد ( وهذا ما يدحض نظرية ولاية الفقيه في الفقه الشيعي كون وجود المقلد مسألة لا تقبل النقاش وولاية الفقيه تتعارض معها ) ولديه الخمس الذي هو تعزيز للمرجعية وترسيخ لاستقلاليتها وبالتالي قوتها ونفوذها، ولديه مؤسستان هما اقوى المؤسسات الدينية في العالم وهما حوزتا النجف وقم فضلا عن مؤسسات كثيرة كمؤسسة السيد الخوئي في لندن وغيرها00بل ان مؤسسة قم هي الوجه الآخرللدولة الايرانية المتمددة بل هي القائدة المطلقة لها00
وللحديث بقية
[email protected]