رابعاً:موقفه من الفساد
بسمه تعالى:((وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)).
خمسون مرة ورد لفظ”الفساد”في القرآن الكريم،ووفق الآيات القرآنية، ان الفساد موجود في كل المجتمعات والأمم السابقة، ومن الصعوبة اجتثاثه ولكن يمكن الوقوف بوجه والحد منه، وكان من أولويات الرسل والأنبياء بعد الدعوة الى التوحيد، محاربة الفساد والمفسدين في الأرض،وهو على ثلاثة أشكال:فساد أخلاقي، ومالي واداري، وفساد سياسي.
لماذا شددت المرجعية الدينية العليا على محاربة الفساد، ودعت الى ضربه بيد من حديد، وإنها ستقف وتساند الدولة إذا أرادت القضاء على الفساد؟
ما سنكتبه في هذا المقال، هو خلاصة بحوث ودراسات، قدمها أساتذة مختصين في الشأن الاجتماعي والاقتصادي. ما يهمنا هنا،هو الفساد المالي والإداري، وتداعياته على المجتمع، واقتصاد البلد، وان كان الفساد السياسي، والاخلاقي، جزء لايتجزء من الفساد المالي والاداري.
منظمة الشفافية الدولية،تعرّف الفساد بأنه:(كل عمل يتضمن سوء أستخدام المنصب، لتحقيق مصحلة ومكسب خاص، لنفسه، او جماعته)، والتقرير الذي اصدرته المنظمة عام 2015، احتل العراق فيه المركز 161 من اصل 167، وقيل:170 من أصل 174 دولة.
الأسباب الرئيسية للفساد المالي والإداري، هي:سياسية، وحضرية، واقتصادية، وادارية، واخلاقية، وقانونية.
من أمثلة هذه الأسباب:أنتشار الخلافات، والنزاعات، والاضطرابات، في الأنظمة الحاكمة. أبتعاد المسؤول عن المواطن وعدم اهتمامه به. تفشي الجهل، وفقدان الوعي الثقافي في المجتمع بشكل عام، وعند الموظف والمسؤول بالدولة بشكل خاص. عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإعطاء مسؤليات متعددة لشخص واحد. عدم توزيع ثروات البلد بشكل عادل. اللامبالاة، والاسراف، والتبذير، والهدر بالمال العام. تساهل وتسامح القضاء مع الفاسدين، ومحاباته للمسؤول.
تداعيات هذه الاسباب:زيادة الفقر، والبطالة- بيع الاملاك العامة بشكل شخصي،أو استخدامها لاغراض شخصية كالسيارات- تمزيق النسيح الاجتماعي- الابتزاز-الرشوة- الواسطة-المحسوبية- تبييض وغسيل الاموال بأسماء الاقارب- فساد في الصفقات العمومية وإسنادها لمقربين من الحاكم-فرض ضرائب وغرامات على المواطنين بدون تقديم خدمات لهم-ضعف في النمو الاقتصادي- عرقلة الاصلاح ..الخ.
المواطن البسيط لا يعلم سبب معاناته، فهو دائماً يتظلم ويتشكى من الحكومات، رغم ان السبب الرئيسي في بؤسه، وفقره، وتعاسته في الحياة،هو الفساد الموجود في إدارة الدولة،
يعتبر( الاقتصاد والإدارة) العمود الفقري،لكل دولة، وإذا ضربه الفساد وتغلغل فيه، انهارت الدولة بأكملها، وانهار المجتمع معها، لذا حارب الفساد جميع الأنبياء، وشجبه الله عز وجل، ودعى للقضاء عليه في خمسين مرة، من كتابه العزيز.
الإمام السبستاني-دامت بركاته-في كثير من أسئلة الأستفتاءات التي وجهت إليه، حرّم فيها الفساد بكل أشكاله، وحرّم فيها مخالفة القوانين، والتجاوز على المال العام، والمال المأخوذ سحت وحرام.
الآن هل عرفت لماذا طالبت المرجعية الدينية، بالقضاء على الفساد،وضرب الفاسدين بيد من حديد !؟