وللكتابة اخلاقيات في احترام الذات واحترام القارىْ,لان الكتابة ونشرها للملاْ هي قيمة اخلاقية قبل ان تكون قيمة فكرية او ثقافية. وببساطة شديدة ان ما نكتبه, تقدمنا للقارىْ كصاحب فكرة وشخصية وكصاحب صورة انسانية وتعرفنا بهم على اسس مبدئية من غير اللائق الاستهانة بها او الاستخفاف بجوهرها الفكري والاخلاقي .وربما اهم الاخلاقيات التي تجسدها الكتابة هي الذاكرة الثقافية التي تختزن رؤيتنا للحياة وللاخرين,لانها تمثل في الوقت نفسه الذاكرة الانسانية والاخلاقية للكاتب,فكيف الحفاظ على هذه الاخلاقيات وقد تشربت الكتابات بالازدواجية والتراجع والخذلان مما كتبناه امس وما نكتبه اليوم,لان فقدان ثقة الاخر باراءنا وتقديم نفسنا لهم بشخصيات متعددة وباْفكارمتناقضة,تقلل من القيم الانسانية التي تربط الكاتب بالقارىْ. ؟ ولعل مقال (الرئيس سهواً جلال الطالباني من جاش 1966 إلى رئيس 2011 ) والتي نشرها السيد اْغري في موقع الكتابات في 16تشرين الثاني خير دليل على الاستخفاف بعقل القارىْ والاستهانة بالعلاقة الاخلاقية بين الكاتب والقارىْ الذي هو ايضا مسؤل عن الحفاظ على هذه الاخلاقيات والدفاع عنهاا نفهم. من عنوان المقال ,ان السيد جلال الطالباني قد وصل الى سدة الحكم في العراق بالصدفة نن مجرد وجوده في اجتماع لساسة العراق مع بول بريمر وحركاته في القيام والجلوس هي التي جلبت الانتباه و دفعت ببريمر ان يختاره رئيسا للعراق عندما كتب يقول:
(حين إنتهت مدة رئاسة غازي الياور، أول رئيس للعراق في ظل الإحتلال الأميركي، حدث فراغ في الرئاسة وإحتار بول بريمر والمتعاونون معه من العراقيين في العثور على شخص يسد الفراغ. وفجأة إنتبه الجميع إلى جلال الطالباني وهو ينهض ويجلس كأن ثعباناً لدغه. إبتسم بريمر وخاطب الجمع: لقد وجدته.
هكذا صار جلال الطالباني، سهواً، رئيساً لدولة عريقة كان حلمه أن يكون موظفاً في إقليمها الشمالي ذي الحكم الذاتي.هكذا صار جلال الطالباني، سهواً، رئيساً لدولة عريقة كان حلمه أن يكون موظفاً في إقليمها الشمالي ذي الحكم الذاتي.)
وبالرغم من سذاجة تحليله لكيفية اختيار السيد جلال الطالباني رئيسا لدولة العراق والذي يدل على التهكم والاستهزاء المقصود لشخصيته فنحن القراء,الذين نحترم راْي الكتاب ونتابع افكارهم يهمنا جدا ما يقدمونه من فكر جديد ,فكيف كان ينظر السيد الاغري الى السيد جلال الطالباني في السنوات القلية الماضية؟ حين تصفحت ارشيف كتابات الكاتب وما كتبه عن الرئيس جلال الطالباني انتابني حزن عميق ,ليس بسبب ازدواجية الكاتب والاستهانة بي كقارىْ ومضعيته لوقتي ,ولكن بسبب التفكيرالملي بالسؤال الضروري ,لماذا يقدم الكاتب نفسه كشخصين ما الذي اجبلره على ذلك وماذا سيستفيد من ذلك؟ فاْنظر عزيزي القارىْ ما كتبه الاغري عن السيد جلال الطالباني:
(ويفترض هذا التصور انتفاء تمركز الحكومة في قومية بعينها وتذرر السلطة لتكون متاحة لجميع العراقيين بغض النظر عن أروماتهم العراقية. ومن اثر ذلك أصبح ممكناً أن يقف السيد جلال الطالباني على رأس جمهورية العراق، وهو الكردي الذي حارب السلطة المركزية، العربية، عقوداً طويلة من الزمن.) نزار اغري .المستقبل – الاربعاء 16 تشرين الثاني 2005) اذا ان السيد جلال الطالباني قد استحق بجدارة ان يكون رئيسا للعراق لانه الشخص الذي حارب ولعقود طويلة السلطة العراقية وهذا سبب كافي لاختياره لانه كافح وناضل من اجل الحرية والاستقلال.
ونفهم من هذا السيد ايضا ومما يقوله الان , ان الرئيس جلال الطالباني لايستحق هذا المنصب لانه ليس لديه الكفاءة الكافية والشخصية السياسية الرزينة لتشغيل هذا المنصب في دولة عريقة لانه شخص متامرمنذ صغره وحتى الان كما كتب:
(جلال حسام الدين الطالباني يتقن اللعب على الحبال ولايتورع عن القيام بأي شيء للوصول إلى ما يصبو إليه، ففي بداية شبابه وحين كان طالباً في المراحل الإبتدائية والمتوسطة، كان يمارس الألاعيب وينسج المؤامرات على رفاقه في المدرسة من أجل أن يكون محط أنظار المعلمين.) ولكنه نسي انه هو الشخص الذي تملق للسيد جلال الطالباني وحزبه كاْقوى جهة سياسية قارعت الظلم البعثي للاكراد وانه الشخص الذي دام كفاحه من اجل الحرية ربع قرن ! فلنتمعن فيما كتبه عن الرئيس جلال الطالباني :
(والحال هذه، أن الحركة الكردية توقفت عن كونها حركة تحرر نابذة للمركز وصارت عنصراً من عناصر الجذب بل صارت هي المركز نفسه. أليس رئيس العراق الآن هو زعيم حركة سياسية كردية قارعت الحكم المركزي لما يقارب ربع قرن من الزمان؟) نزار الاغري الحياة – 30/10/ 2005 و اْيضا:
(وغاية كهذه تدفع برئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني لأن يدير دفة الدولة بأناقة ورزانة ويعدل بين الناس جميعاً ويحث الأطراف كلها للمشاركة في صوغ وجه العراق الحديث. إنه يعمل لتكون البلاد فسحة مشتهاة للعيش فيها لا مكاناً للمطاردة والتنابذ. ربما لهذا أخذت الحركة الكردية على عاتقها مسؤولية البناء السلمي لدولة تنهض من بين الأنقاض وتسلم أمرها لرئيس تحول من ثائر إلى سياسي مدني من الطراز الأول.) نزار الاغري الحياة – 30/10/2005
اذا فهو رجل مكافح ومناضل عتيد.وانه يحكم برزانة وعدل وانه السياسي المدني من الطراز الاول,وانه لم يكن ابدا شخصا متامرا ,ولماذا لايكون شخص مثله رئيسا لدولة العراق؟ فمن يقراْ هذه الاوصاف سيقبل به رئيسا للولاياة المتحدة وليس رئيسا لدولة صغيرة مثل العراق,
يوصف الكاتب القيادة الكردية,كقيادة انتهازية ما يهمها فقط هو تكديس الاموال والهيمنة والعمل على تثبيت اركان السلطة بالاستيلاء على مصادر الاموال في البلاد كما يوصفهم
(في البدء كانت الأرزاق. لم يقم الدافع إلى العمل السياسي، لدى إغلب الساسة الكرد، في التعطش للحرية أو تحقيق الرفاه للناس البسطاء من الشعب الكردي بل هو كمن في التعطش للمال والسلطة. ومنذ بداية المشوار كانت المصلحة الشخصية، ومن ثم العائلية، هي البوصلة الرئيسية التي تقود الخطوات. كان العمل الحزبي و”النضال” التحرري نوعاً من سلوك يغوص في المقاولات والسمسرة والمنافع الضخمة. وعليه فقد كان الحزب والوطن مصطلحات رمزية جوهرها الرزق والكسب والإنتفاع.)وفي نفس المقال يقول السيد (وليست بعيدة عن أذهاننا الصراعات الضارية بين حزبي البرزاني والطالباني(إقرأ: عائلتي البرزاني والطالباني) على الموارد والنفوذ والتي لم يتورع فيها الجانبان من إقتراف جرائم حرب بحق الناس من الطرفين. كما لم يتورع كل منهما من الإلتجاء إلى “أعداء” الشعب الكردي لحماية مصالحهما الخاصة)ويامرنا الكاتب ان نقراْ مقال اخر له اثبت فيه ما يدعيه حول الزعيمين الكرديين جلال الطالباني ومسعود البارزاني ,باْنهما استوليا على مقدرات وثروات شعب كردستان بسياسات الارهاب والترهيب ,وبكتم لجام الاقلام الحرة والمستقلة في كردستان .
.حسنا ,الست انت الذي كتبت عنهم:
(وتحسن القادات الكردية إذ تعتبر الأولوية في عملها هي رؤية المواطن الكردي وقد ظفر بحقوقه وتخلص من أشكال القمع والترهيب والاستحقار وتخطى مرحلة كونه ضحية هشة ينقض عليها طاغية دموي فينهش جسده ويحول حياته إلى جحيم. إذا كان الإتحاد الفيديرالي يوفر هذا المجال الآمن الذي يهيأ للأكراد) نزار الاغريالحياة – 30/10/2005 وايضا:
(كان الزعماء الكرد يسعون لأن تكون كردستان بؤرة ثورية ونوعاً من فيتنام جديدة، الآن هم يسعون لأن تصير كردستان بؤرة للمشاريع الاقتصادية ومركز جذب للاستثمارات الخارجية ونوعاً من دبي أو أبوظبي جديدة.)نفس المصدر.
وايضا(مهمة التحالف الكردستاني كان، ومايزال، المشاركة الفعلية في رسم صورة العراق الجديد من خلال صيغة حكومية منفتحة وديمقراطية لاتغمط الحقوق ولا تتهرب من المسؤوليات.) نزار الاغري الحياة 4/4/2005 وايضا:
(غير أن النظر في السياق الذي يبذل فيه القادة الكرد جهودهم لإنجاح العملية السياسية العراقية يمنحهم قدراً من المصداقية ويكشف عندهم عن مستوى من النضج بعد كل المرارات التي مروّا بها في علاقتهم بالمركز وبعد المآسي المروعة التي سببها المركز للأكراد.)
فهل يعقل ان يكون الزعيم الفاسدوالمحتكر والاناني والخائن الذي يرتمي في احضان اعداء الشعب الكردي. الزعيم الذي ازال الظلم على شعبه ووفر الحياة والحرية للناس وعمد الى ارتقاء مكانة كردستان الى مصافي دول متقدمة في البناء والحضارة كدولتي دبي وابو ظبي؟
وفي وصف مدينة السليمانية يطلعنا الكاتب على بؤر من الماسي والنكبات والركود .وكاْنها مدينة تورا بورا الافغانية ,او مملكة الفقراء والمعوزين عندما كتب:
(في مدينة السليمانية، معقل جلال الطالباني وعائلته وحزبه، تغيرت الأشياء في السنوات الأخيرةبشكل مذهل. كانت المدينة تعتبر، منذ نشوء الدولة العراقية وحتى آخر يوم من حكم صدام حسين، مركزاً للثقافة والفنون الكردية ونموذجاً للنظافة والرقي، وهي أصبحت الآن بؤرة للركود والتفسخ ومرتعاً للوساخة.)
فهل نسي الكاتب ما قاله عن مدينة السليمانية والمدن الاخرى من كردستان عندما كتب:
(في العاصمتين (يقصد السليمانية واربيل-الكاتب) ينهض العمران وينتعش الإقتصاد وتتحرك التجارة وتتكاثر الشركات والمعامل والمراكز التجارية. هناك حركة دائبة تحاول السباق مع الزمن) نزار الاغري النهار” – الاربعاء 21 ايلول 2005
وايضا:
(والحال أن السليمانية، مقارنة مع المناطق الأخرى من الإقليم، تتمتع بقدر من الحريات الفردية وتنشط فيها الصحافة المستقلة والمؤسسات الأهلية غير الخاضعة للنفوذ الحزبي وتحظى المرأة بمساحة واسعة من الحرية في ممارسة النشاط السياسي وفي التعبير عن الذات. ) نفس المصدر.
ويتبين من اقواله ان الحكومة البعثية في العراق والحكومات السابقة كانت تهتم اكثر من السلطة الكردية بتطور مدينة السليمانية وحتى اخر ايام(حكم صدام حسين)بحيث اصبحت مدن كردستان كمدينة السليمانية مركزا للفنون والثقافة الكردية .ومثالا للرقي والنظافة,اي ان حكومة البعث اهتمت بمدن كردستان اكثر ما اهتمت بها السلطة الكردية,وبالتالي ان نظام البعث كان يهمه تقدم الكرد في كافة الميادين وتهمه الحياة الكريمة للكرد بشكل عام.فها هم الساسة الكرد الذين جعلوا من المدينة مرتعا للفساد والركود والتخلف,فلنقراْ ما كتبه السيد عن النظام العراقي وعن سلطة الدكتاتور صدام حسين وعن حزب البعث:
)أقامت حكومة البعث العراقية مستوطنات عربية في قلب المناطق الكردية. تم جلب عشائر عربية من الجنوب. دُفعت لهم مبالغ مغرية. أُقتطعت لهم الأراضي الكردية. وُفرت لهم تسهيلات النقل والإقامة. أقيمت لهم الدور وشكلت من أجلهم مفارز من الجنود لتحميهم وتصون راحة بالهم. في كركوك وخانقين ومندلي وسنجار وزمار نهضت عشرات المستوطنات بعد أن طُرد السكان الأكراد منها. (نترك هنا جانباً الممارسات الأكثر فظاعة: الأنفال، تهديم القرى، المجازر، القبور الجماعية، الأسلحة الكيميائية، طرد الأكراد الفيليين من بغداد ورميهم على الح.دوجد الإيرانية).نزار الاغري “النهار” – الاثنين 7 تشرين الثاني 2005
(كان العراق يطبق الأفكار الشوفينية العروبية لميشال عفلق وعبدالله العلايلي (الذي دعا إلى طرد غير العرب من “الوطن العربي”) وساطع الحصري.) انظر نفس المصدر ’ وايضا:
(متى سيلجأ البعثيون إلى إزالة مستوطناتهم والتخلص من عنصريتهم ومنح الأكراد ما سُلب منهم، من أرض وأملاك و… وحرية؟) نفس المصدر وايضا:
(وقد دأبت حكومة صدام حسين على وسم الحركات السياسية الكردية بأقذع النعوت. ووصفت الادبيات البعثية، وسواها من التيارات القومية العروبية، كردستان العراق بالجيب العميل، الانفصالي، الرجعي، الاستعماري، الصهيوني الخ.) نزار الاغري, النهار 13/8/2004
كيف بالامكان تصور التقدم والرفاهية وترسيخ الثفافة والفنون في السليمانية ووصف العراق باْنه بلد تاريخي وعريق وفيها سلطة كهذه السلطة وتهتم بالثقافة الكردية ورقي مدنها وفنونها ونظافتها؟؟ من الادب والفضيلة اذا ما تراجع كاتب من اراءه السابقة ومن احكامه على الاشخاص والاشياء,ان يحترم راْيه الشخصي في المقام الاول وان يحترم القراء الذين تابعوا كتاباته في المقام الثاني ويعتذر عما بدرمنه من اخطاء والاهم يبين السبب من وراء ذلك ,وان الكاتب الذي ينسى تاريخه ومواقفه بهذا الشكل الصارخ لابد من وجود خلل كبير في سلوكه ومواقفه,فهو يقول عن الذين كتبوا عنه باْنهم لم يتعرضوا لطروحاته قط,بل اثروا ان يشتموه .فها انت يا اخي تشتم وتسب تمدح وتعلي ,تتهم وتبراْ فهل من رادع اخلاقي ؟؟ .