23 نوفمبر، 2024 1:23 ص
Search
Close this search box.

اذا الفيلةُ طارتْ والديكةُ قد باضت

اذا الفيلةُ طارتْ والديكةُ قد باضت

فلا تستغربوا ولاتعجبوا فقد ولّت الازمنة التي عجزت فيها العقول البشرية عن تفسير الظواهر الطبيعية أوالتي تحدث بفعل التاريخ الانساني وتاثيراته فبعض الشعوب تقوم بأستحضار تاريخها لما تمتلكه من اساطير واحداث وبطولات لكي تستنهض واقعها بالشكل الذي يعيد بعض من امجادها في زمان ما كانت في أوج القها , فقد نستغرب حين تواصلت تلك الشعوب مع تأريخها واحدثت انقلاب في مفاهيمها الفكرية والحضارية وارتقت الى ما يتطلبه عصرها الحالي من تطور وتقدم في مجمل المسارت والانماط التي تميز كيانها المتمدن وتجعل لها خصوصية واضحة لمفردات ذلك التواصل الحضاري مع بقية الشعوب والبلدان الذي اصبح واقعا متسلسلا ضمن حلقات لايمكن كسر طوقها والانعزال بحلقة تكون بمنأى عن مجريات الحدث والتطور والحضارة , أما في بلاد السواد والحضارات الاصيلة فلم يعد استحضار التاريخ يشكل أي تحول في مجريات الاحداث لقدرة العقول المعاصرة لدينا على فك الرموز وتفسير كل الاحداث والوقائع وبهذا فقدنا القدرة على خاصية الشعور بالاستغراب والتعجب .
أحداث كثيرة تمرُّ على ارض الانبياء والحضارات لم تدخل في موسوعة التعجب فقد استطاع الحكماء والسادات والمفكرين من كشف المستور والمخفي بما امتلكوا من اشارات ارتفعت عن القدرات الانسانية وارتبطت بعوالم ما فوق العقل , فلم يعد تفسير ارتفاع درجة الحرارة الى مستويات غير مألوفة سراً من اسرار الطبيعة او التغيير المناخي بل انه بفعل مؤامرة كبرى تقودها الدول الكافرة لحرف مسير العدالة والنزاهة والاحسان التي تتبناها القيادات على اختلاف انماطها وملبسها ودرجاتها في الدنيا والاخرة وما نعلم من شئ ولكنهم يعلمون , وقد انكشف الغطاء الذي اكتنف سر التدهور في اقتصادنا وتراجعه الى الهاوية والاستقراض بالفائدة او الربا فقد ابلغنا فلان عن فلان عن فلان ان السبب الرئيس كان بسبب تفشي ظاهرة تعاطي النستلة وانتشارها بالاوساط الشعبية مما ادى الى تراجع معدلات النمو الاقتصادي بسسب تعطل الزراعة والصناعات الغذائية التي نزلت مؤشراتها الى الصفر لما تمتلك النستلة من مكونات قادرة على الاشباع بمجرد تناولها , وقد صدق احد الحكماء حين اظهر علينا وبعد تأملات فكرية وروحية ومصالح فوق العادية بان كل ما جرى على العراق واهله من مصيبة وخيبة وخراب كان من تأثيرات النزعة الطائفية السياسية التي ترافقت مع عصر الخيبة في العراق الجديد , فاطلق لنا منهج العوابر فما أن تمسكنا به فلن نتفرق ونختصم بعده ولذا علينا أن نتهيأ ونعدُّ العدة لركوب سفينة النجاة التي تحمل يافطة كبيرة بلونها الاصفر البراق ” الكتلة العابرة للقارات والمحيطات والكواكب ” وستحوي السفينة كل الاطياف وكل الاسماء , عبد الزهرة وعمر وبنيامين وجوتيار واسماء أخرى لانعرفها هو يعرفها وسترتفع الراية الصفراء على الصارية لتعبر بنا من تلك الضفة المتهاوية التي وصل الصدع فيها الى قواعدها بعد أن تفشى في بنانها وأصبح الطوفان قاب قوسين أو أدنى , ولاتستغربوا على الاطلاق اذا تكاثر علينا دعاة الاصلاح وقياداتهم بالوانهم الفاتحة والمعتمة وصاروا امواج تتلاطم على الشاطئ بلا هدف ولا منهج فهم لايعرفون الى أين يتجهون وعلى اي مسار هم راكبون وبأي فكر هم يعتقدون , فالزعامات هي التي تدير العامة من الناس وليس العكس وعلينا واجب الطاعة وعدم الخروج عليهم فذلك ليس من الاسلام بشئ فعليهم الامر وعلينا السمع والتنفيذ فأن قالوا أقعدوا قعدنا وان قالوا قوموا قمنا وما بين الامرين فاننا تائهون معطلون ولكننا لن نخرج عن خطوطهم وسنظل تابعين ومقلدين مخلصين حتى وان تخبطوا فينا أو بحت اصواتهم عنا , فهم ضالتنا يوم لايعرف المرء اخيه ولا ابيه ويلجأ الى من تملك او تولّى عليه .
ومن الغريب جدا أن نستغرب اليوم من تكالب الواقع السياسي بقياداته ورموزه على عكس ما كان يتمنى الشعب ويدركه وان المجريات اصبحت مالوفة في قياساتها المعتادة لكثرتها وتكرارها مع مراعاة اختلاف مشاهد التصوير والمونتاج وتبادل الادوار بين الممثلين بأحترافية عالية لما تراكمت لديها من خبرة مكثفة خلال عهد يكنى بأسم دولة السراق بالعراق فكل الطبقات والمسميات وحتى الشعب فالكل متهم والكل برئ هو التفسير الظاهر لما يدور في اروقة وكواليس التعبد وفي كتب التنافع والمصالح , ولمن في قلبه شك من الاستغراب والعجب فليشاهد اخر اسطورة باربعة أجزاء كل جزء يحمل حرف من حروف الهجاء اولها الفاء وثانيها السين اما الاجزاء الاخرى فعليكم توقعها حتى تتفاعلوا معها ولا تصيبكم المفاجئات بالدهشة والذهول مما جرى ويجري وسيجري من سيناريوهات مفبركة واخرى واقعية تجري بفعل نقيضين لايلتقيان الا على شعب العراق هما التحالف والتصارع السياسي , كل تلك المشاهد الطبيعية تخرج من المنطقة التي أسسها من كان للبقر رعاة والتي تحوي كل المؤسسات والهيئات والرئاسات ومن يخضعون لهم ومن يتبعهم وهم لايفقهون من الامر شيئا , وكثير من تلك الحلقات تكون برعاية من ملوك وسلاطين و ولاة هم علينا غرباء .
ولأن في العجلة الندامة ولأن التعجب والدهشة هي من شيم اهل الجهالة والسذاجة فلا غرابة ولاعجب أن طارت الفيلة وأن باضت الديكة لذا فعلى المتلقي الكريم ان لايستغرب تماماً من الاحداث التي تجري تحت القباب الحكومية ومنها القبة التشريعية والرقابية مهما وصلت الامور فيها من تكاثر النطحات والرفسات ومهما اشتبك المتخاصمون والمتنازعون فذلك ليس بالامر الغريب ولا هو بالموضوع المستجد علينا فقد رأينا ما هو أفظع وأقسى , فقد أنهار جيش كامل بين ليلة واخرى وذُبح المئات من الشباب على ضفة النهر فناحت الثكالى , وتشرد الملايين فهم اليوم بلا مأوى , ولم ينفع في الامر شيئا لا عطوى ولا فتوى , وستمر الايام وينجلي الخلاف ولن يكون له أي مغزى وسينسى كل ما أُسر منه وما خفى وهم قادرون على ذلك بما ملكوا من حيلة وحبكة ومن خلالها يمكنهم التنصل من كل اتهام أو اثبات يطالهم فهذا شرعهم
وذاك ملعبهم وكل شئ عليهم هين , وسيبقون في عليائهم متنعمين ومترفين غير آبهين بمن هم دونهم من العامة الذين ما برحوا تائهين بين مناشدة ومطالبة وشكوى , أما وقد طال حديثنا بعض من الاحداث التي نستغرب لمن يستغربها ويندهش لها فلنمسح من عقولنا كل علامات التعجب التي كتبت في عصر الخيبة والذلة ولنتفكر ونتدبر بواحدة من تلك العلامات التي لاتمحى ولا تتلاشى ونستحضر تاريخ بلادنا التي كانت بأرجائها نور العدالة يسطع فما بال هذا الشعب اليوم يستقبل الضيم بالرضا ويعنو لحكم العمامة والزعامة والجهالة ويخضع فلا تستغربوا ولا تعجبوا إلا من شعب يعرف الباطل وظلامه ويسكت عن الحق ونوره .

أحدث المقالات

أحدث المقالات