ما يجري في العراق من إثم ومظالم لم تكن محض صدفة فهي من فعل البشر ومن بينهم نحن العراقيين ، فضلا عن تآمر المتأمرين إقليميين ودوليين ، فلتتملكنا الجرأة ونكون صريحين في كشف ما اقترفناه نحن العراقيين من إثم وعدوان بحق بلدنا قبل غيرنا ، فكثير من بيننا مَن صفق وهلّل للمحتل باعتباره “محررا” ، وفينا من زعم خاسئاً أن العراقيات سيستقبلن المحتل بالورود والأرز ، وفينا أيضا من دعا وهو معمم بالسواد لأن يكون يوم التاسع من نيسان عيداً وطنياً بدل يوم شؤم ونكسة ، والأكثر إثماً أن من جاء بهم الاحتلال اتضح أنهم على خلاف مع الوطن لا مع النظام السابق، وتجلى ذلك من خلال شراهتهم وتسابقهم على سرقة المال العام وكأنه غنيمة حرب ، فضلا عن إشاعتهم الطائفية المقيتة التي رسخوا وجودهم من خلالها وآلت البلاد الى الوضع الذي أصبحت عليه من قتل وتهجير على الهوية ، حتى تشظى النسيج العراقي ، الذي عاش كما هو معلوم للقاصي والداني في وئام وسلام طيلة عقوة غابرة ، حيث لم يحدث أن قتل شخص ما لإنتسابه الى هذا المذهب أو ذاك العرق ، ومع كل هذا يُعاد انتخابهم مرة اخرى ، وَمِمَّا زاد من تشظي النسيج العراقي اضافة الى ثلة السياسيين بكافة مذاهبهم وقومياتهم ممن تعاونوا على تدمير العراق ، هو فتوى عدم محاربة المحتل مقابل حفنة دولارات أضيفت الى أرصدة مرجعية النجف ، التي لم تجرؤ على دحض ما ذكر على لسان الأمريكيين بهذا الخصوص ، هذه المرجعية لم تكتف بذلك بل زادت بدق أسفين في الجسد العراقي من خلال ما عرف بفتوى “الجهاد الكفائي” والتي ظاهرها لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي ، بينما اثبتت الأحداث والوقائع أن تلك الفتوى شرعنت ممارسات وجرائم مليشيا الحشد الطائفي بحق الأبرياء ، والتي لم تكلف نفسها أي المرجعية من إدانة تلك الجرائم أو حتى الإشارة اليها ، وهذا خدم بشكل كبير المشروع الإيراني في العراق من خلال تمكين أذرعه .
نعم ، فأن ما يجري من قتل وتحريق وتهجير وتجهيل بحق الشعب العراقي بكامل ألوانه هو من صنع أيدينا نحن العراقيين ، أليس منا مَن ما زال يقتل ويلعن الآخر على خلفية حادثة سياسية وقعت قبل الف واربعمائة عام ، ألسنا من قتل بَعضُنَا البعض على الهوية ، ألسنا من أدخل داعش ، وصرنا نقتل الآخرين بتهمة التعاطف معه ، ألسنا من يفجر المساجد بجريرتهم ولم نكن نعرفهم من قبل ، ألسنا من ارتضى بأن تكون المليشيات القذرة بديلا عن المؤسسات العسكرية والأمنية ، السنا نحن الذين نرقص برعونة في كل تظاهرة ونعود خائبين ، ألسنا من نتظاهر على توفير الماء والكهرباء بدل أن نخرج في ثورة عارمة ضد العملاء والفاسدين . هل عرفتم لماذا كل ذلك ، إنها حوبة العراق لأننا ارتكبنا الخطايا بحقه ، والحوبة الأكبر ستحل علينا إن لم نطهر قلوبنا من الضغينة ونتصالح مع أنفسنا .