23 نوفمبر، 2024 1:09 ص
Search
Close this search box.

الأقليات بين المطرقة و السندان

الأقليات بين المطرقة و السندان

بعد سقوط نظام الحكم في العراق سنة 2003 وسقوط جميع موسسات وانظمة الدولة العراقية وبالاخص الامنية منها والقضائية بات الشعب ضحية السراق واللصوص والعصابات الاجرامية في ظل غياب تام لسلطة القانون وفي ظل غياب المؤسسة الدفاعية المتمثلة بالجيش وتشكيلاته مما ادى هذا الى جعل الحدود مفتوحة امام العصابات الاجرامية الامر الذي ادى ايضا الى افساح المجال لدخول افكار تعصبية رجعية لاتمت للمجتمع العراقي باية صلة هذا من جهة ،من جهة اخرى افتقار العراق الى قوى الامن الداخلي التي تحفظ ارواح واملاك المواطنين .
لذلك اصبح الشعب العراقي في مهب الريح ككل والاقليات بشكل خاص ودخلت الاقليات في سلسلة من الدوامات ما تلبث تخرج من واحدة حتى تدخل في دوامة اخرى .
استهداف الاقليات الغير مسلمة بالاخص بدأ منذ سقوط النظام البعثي ولحد اللحظة مازال مستمرا
نستطيع ان نقول انه عبارة عن مسلسل، للاسف فان الدولة العراقية الجديدة وقفت متفرجة على معاناة الاقليات دون اتخاذ اجراءات رادعة .
فبين استهداف الاقليات في بغداد وتهجيرهم بدات موجة غير طبيعية من الكراهية بالتصاعد وبداءت الاغتيالات في كل مكان لكن الموجة الاكثر دمارا كانت في عقر دار الاقليات في سهل نينوى وباحداث متتالية وبتخطيط منظم وامام انظار السلطات ابتداء من قتل العمال الايزيدين واعدامهم بطريقة شنيعة في 22 نيسان 2007 منذ تلك اللحظة ولم تحرك الحكومة ساكنا تجاه القضية ثم تلقي طلبة الايزيدية تهديدا بالقتل والاختطاف في جامعة الموصل في حال مواصلة دراستهم ،ثم كارثة سنجار الاولى بعد انفجار اربعة شاحنات ملغومة لتحدث خرابا ودمار وتخلف الالاف من القتلى والمفقودين والجرحى واستهداف طلاب الاخوة المسيحية
واغتيال المطران بولص فرج رحو واستهداف الشبك والكاكئين واغتيال رجال الدين وعناصر الشرطة والجيش والموظفين والكودار الاخرى من الاقليات بذلك اصبحت محافظة الموصل خالية من الاقليات وخلت جميع موسساتها من الاقليات الامر الذي ابعدالاقليات عن جميع مفاصل الحياة مما ادى الى حصر السلطة في المحافظة بيد احزاب راديكالية تمول فكريا وماليا من خارج العراق وبالاخص الحزب الاسلامي .
كما مع استخدام مصطلح الدين اساسا لاختيار الاشخاص لادارة المناصب بذلك لم تحصل الاقليات على اي منصب في ادارة مفاصل الدولة حتى في قراهم ومدنهم مما ادى الى ابتعاد الدولة عن الاقليات واهمال معاناتهم .
ليستمر مسلسل الاجحاف بحق الاقليات حتى في مجال السياسة لم يفسح المجال امام سياسي الاقليات وبالاخص المستقلين منهم مع
تقليل تمثيلهم في اهم موسسة ،البرلمان حسب القانون العراقي فانه لكل 100 الف شخص عضو يمثلهم في البرلمان لكن للاسف لم يطبق ذلك ،فعدد الايزيدية كان يتجاوز ال 650 الف نسمة في البداية الا انهم لم يحصلوا الا على عضوين فقط بالكوتا بالدورة الاولى ومن ثم في الدورة الثانية على عضو واحد بعدما تم توزيع الحصص بموجب قانون مجحف بواسطة حيتان الفساد في العراق
، كما لم يختلف الامر مع المسيحية .
لم يحصل الايزيدية على منصب وزير ، بتاريخهم حتى منصب وكيل وزير لم يكن ضمن حصتهم طوال 13 سنة من حكم الحكومة الجديدة.الامر عينه في برلمان اقليم كوردستان للاسف لم يحصل الايزيدية على اية مقاعد كما وعدم شمولهم بالكوتا ليستمر مسلسل الاقصاء واخرها قضية البطاقة الموحدة ماتسمى بالبطاقة الوطنية ومافيها من اجحاف بحق غير المسلمين من الاقليات.كما وحرمان الاقليات الغير المسلمة خاصة من المناصب العسكرية و القيادية لاسيما العليا منها حتى جهاز الشرطة في مناطقهم بات شبه خالي من الاقليات ليقتصر وجودهم فقط على بعض الجنود البسطاء .
ومن الناحية التجارية فقد تم القضاء على الحركة التجارية بعد حرمانهم من حرية الحركة وعدم افساح المجال ليدخلوا محافظتهم والمثير للسخرية صدور بعض الفتاوى تمنع وتحرم التعامل مع الاقليات وخاص الايزيدية لانهم ليسوا باهل كتاب حتى في كردستان لذلك حتى وصل الحال الى اغلاق مطاعمهم لان طعامهم محرم.
من الناحية العلمية فقد تم القضاء على الحركة العلمية من خلال قتل وملاحقة طلاب الاقليات في الجامعات بذلك اصبحت الاقليات محرومة من اهم المصادر العلمية..
ان جميع الامور التي حصلت اعلاها من قبل الحكومة والشعب والجماعات الارهابية كانت كافية لابعاد الاقليات عن نواحي الحياة كافة وابعادهم عن الادوار الريادية الامر الذي جعلهم مسجونين في مناطقهم
الى حين قدوم داعش لتعطي الجرعة الكاملة من التعصب وعدم تقبل غير المسلمين باي شكل من الاشكال. وبعد احتلال مناطق كبيرة في العراق وخاصة في سهل نينوى بعد انسحاب القوات الامنية المشتركة دون ان تطلق رصاصة واحدة
لتترك تلك القوات اهالي المنطقة فريسة سهلة بين فكي التنظيم الارهابي مما ادى الى قتل وتهجير وذبح الالاف منهم وخاصة في سنجار بعدما ارتكب التنظيم الارهابي ابشع الجرائم بحق الايزيدية بعد خيانة جيرانهم من العشائر العربية السنية وخاصة المتيوت والخاتونية وعشائر اخرى ويذكر ان العشيرتين يمتلكون مناصب حيوية في الدولة العراقية للاسف الامر الذي ادى الى مقتل اكثر من 2000 شخص واختطاف اكثر من 5000 الغالبية منهم نساء واطفال مع تهجير المسيحين والشبك الشيعة من مناطقهم وسلب ونهم اموالهم بوصفها غنائم حرب.
لكن للاسف فان الكثيريين من اهالي تلك المنطقة والعشائر العربية وقفوا مع التنظيم وبالاخص في محافظة الموصل التي اصبحت فيما بعد قاعدة وعاصمة التنظيم لوجود قاعدة فكرية واسعة وبيئة خصبة للفكر الرجعي المتعجرف القائم على قطع الرقاب.
لذلك وفي ظل الظروف الراهنة وماتعيشها المنطقة من حرب ضد الدولة الاسلامية (داعش) تنتظر الاقليات بفارغ الصبر العودة الى مناطقها بعدما خسرو كل شي،لكن هناك عدة اسئلةتطرح نفسها هنا،
* هل ستعود الاقليات كالسابق؟
* ماذا ستفعل الحكومة او الحكومتان تجاههم؟
* هل ستراجع مواقفها السابقة؟
* الى اي مدى الحكومة مستعدة لمحاسبة المتخاذلين؟
* من سيعوض الاضرار التي حدثت؟
* هل الحكومة على دراية بمدى الدمار الذي حدث؟
* ا ليس من الواجب احلال تغيير جذري في مناطق الاقليات؟
لذا من الواجب على الحكومة العراقية جعل امور مهمة ضمن اولويات برامجها القادمة،نفس الامر ينطبق عى حكومة اقليم كردستان.طبعا اذا كان في نية الحكومتين تغيير واصلاح الاضرار التي حدثت نفسيا ومعنويا وماديا.
لكي نتجنب تكراراخطاء الماضي يجب تعديل بعض القوانين في الدستور وتغييرها جذريا وخاصة تلك التي تمس كرامة الاقليات وتعتبرهم خارج درجة المواطنة.
*اهمها العمل على الجانب المعنوي للاقليات بعدما تضرر بشكل كبير طوال 13 سنة بسبب السياسة الخاطئة للحكومة وبسبب اعتداءات الجماعات الارهابيه المتطرفة كما لاتخفى النظرة المجتمعية البغيضة تجاه الاقليات .
*معالجة خطابات الكراهية وابطال فتاوى مجحفة صدرت بحق الاقليات دون مبرر .
*القضاء على مصادر الافكار الرجعية وتجفيف مصادر الارهاب وبالاخص التي تتستر تحت غطاء الدين وتتخذ من المساجد والمراكز الدينية مراكزا لنشاطها.
*القضاء على القنوات الاعلامية التكفيرية التي تبث سموم التكفير والتفرقة وتطبيق افكار واجندات السعودية وغير ها من الدول الخارجية.
*محاسبة المتخاذلين مع داعش وانزال اقصى العقوبات بحقهم ليكونوا عبرة لغيرهم .
*بناء الدور والدوائر في تلك المناطق ،كما اهم الامور بناء المزارات الدينية التي فجرها داعش .
تكليف ابناء المناطق نفسها لحماية مناطقهم واعطاء المناصب الامنية والحساسة الى ابناء المنطقة .
*تقوية دور الاقليات في مجالس المحافظات ومجلس النواب.
*يجب ان ياخذ القانون مجراه دون وضع اعتبارات تستثني اي احد حتى لو كانوا رجال دين كبار او موظفين حكوميين سابقين بذلك لا يجب مسامحة الاشخاص والعشائر التي نهبت وسرقت املاك المواطنين والاهم من شارك بقتل واغتصاب المواطنين من الاقليات.
*تعويض الضحايا وخاصة الناجيات الايزديات ماديا ومعنويا وفتح دورات تنمية والعمل على اندماجهم في المجتمع من جديد.
*ادخال نبذة تعريفية في المناهج الدراسية الجامعية منها والابتدائية حول الاديان العراقية القديمة اصحاب الارض والذين اصبحوا اقليات اليوم بفعل الابادات والهجرة المستمرة لمسح الفكرة الخاطئة حول الاقليات.
*افتتاح ورش عمل مشتركة في مجال السلام والتعايش وخلق قنوات تواصل مع المجتمع العراقي ككل.
*على الحكومة مساعدة اللجان الدولية والاجنبية القادمة من الخارج لتثبيت التجازوات التي حصلت بحق الاقليات وبالاخص فيمايخص مسالة الابادة الجماعية(الجينوسايد) وخاصة ماحصل للايزيدية وفسح المجال لتلك اللجان بالتحقيق كما تقديم الطلب للانضمام الى المحكمة الدولية لتثبيت الابادة.
*حماية المقابر الجماعية التي اكتشفت وخاصة في سنجار ومنع التلاعب بها .
*تخصيص ميزانية خاصةلاعادة الاعمار مناطق الاقليات.
*العمل على ايجاد سبل العيش في مناطق الاقليات والعراق عامة عبر خلق فرص عمل وتقوية النشاط التجاري والصناعي.
النقاط اعلاها هي لاصلاح ما افسده داعش واعوانه لكن هناك اشياء اهم الا وهي الامور التي حدثت قبل داعش لذا يجب ان تعود الحكومة الى بداية المسلسل وتبحث عن الخلل في اساس هذه المعضلة الا وهي الكراهية المتزايدة تجاه الاقليات بشكل خاص تجاه الاقليات الغير المسلمة لذا فان الحكومتين يجب ان يعيدان النظر في جميع المشاكل السابقة وبالتحقيق المحايدو الدقيق من شانه كشف اسباب هذه الكراهية .
كما هنا يجب ان تاخذ الحكومة بعض النقاط المهمة بنظر الاعتبار
وهي :
* رفع التجاوزات التي حصلت قبل مجي داعش من قبل بعض المسؤولين والمحسوبين على الدولة على اراضي واملاك الاقليات في جميع المناطق من ضمنها مناطق التي تعرضت للتعريب وفيما بعد تم تزوير عائدية تلك الاملاك الى اشخاص لا يمتون باية صلة بتلك الاملاك سوى ا كانوا رجال دين او مسؤولين.
*تشكيل لجان قانونية من الاقليات حصرالاجل البحث والتقصي في الملفات التي تخص الاقليات في جميع النواحي لاجل حيادية التحقيقات وشفافيتها.
*انهاء الصراع المدمر بين المركز والاقليم والازمات السياسية المستمرة. والمساهمة في بناء المناطق المتضررة بالتعاون المشترك لا يخفى ان هذا الصراع والادارة الثانوية ومصطلح 140 دمر مناطق الاقليات والضحية كان المواطن لا غير .
* وضع قانون خاص وعادل فيما يخص الموارد الطبيعية بوصف مناطق الاقليات الاغلبية منها تحتوي على موارد طبيعية وفيرة وفيما يخص الشركات الاجنبية العاملة وتوزيع فرص عمل تلك الشركات على الاقليات الساكنة في تلك المناطق.
سن قوانين خاصة في مناطق الاقليات وفتح تحقيق حول الانتهاكات التي حصلت في الفترات الماضية التي حصلت بحق الاقليات والوصول الى المجرمين وانزال اقصى العقوبات .
توزيع المناصب الحيوية والادارية فيما يخص مجالس المحافظات بشكل عادل بما يضمن حق الاقليات .
*عدم اعتماد الدين عنصرا اساسيا في اختيار المواطن لمهنة او اي منصب اخر.
الزام الجوامع والمراكز الدينية على اتخاذ نهج معتدل بعيدا عن التهجم والتهكم تجاه الاديان الاخرى كما وضرورة محاسبة رجال الدين الذين ساهموا في تخريب وقتل ونهب املاك المواطنين الابرياء بذلك مسح الفكرة التي تعتبر املاك الاقليات غنائم .
بوصف الاعلام عنصرا مهما وعامل اساسيا في جميع المجتمعات البشرية لذا فان من الواجب على الاعلام العراقي بكل اللغات توجيه خطاب معتدل وادخال نبذات تعريفية ضمن برامجها بشان ما حصل من جرائم ومجازر بحق الاقليات لاجل تعريف المجتمع العراقي والخارجي بهذه الفئة المظلومة المسحوقة
وفي حال عدم الاخذ بنظر الاعتبار بالامور اعلاها لن يبقى شي اسمه اقليات بعد الان في العراق وسوف يستمر مسلسل الابادةوالحرمان والهجرة.
والاهم فان خيار تدخل قوة اجنبية لحماية الاقليات وارد وبقوة او على الاغلب قيام اقليم يضمن ابسط حقوقهم انذاك لن يبقى امام الحكومة العراقية والكردية الا القبول بالامر الواقع .

أحدث المقالات

أحدث المقالات