ربما يكون الحدث الوحيد الذي لفت انتباه العرب ان قمتهم حدثت و لأول مرة منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945 في العاصمة الموريتانية نواكشوط عدا ذلك امرا اعتاد عليه العرب بل صاروا يعرفون جدول اعمال القمة قبل اعلانه و لا نبالغ ان قلنا ان بيانها الختامي هو نفسه لم يتغير منذ سنين مضت و رغم ذلك يبقى اجتماع القمة العربية حدثا يستحق الوقوف عنده ليس للنظر فيما ناقشه قادة العرب بل لمعرفة ما فاتهم ان يناقشوه وكذلك معرفة خططهم و طرق تعاملهم مع الازمات التي تعصف بالمنطقة العربية.
ان البحث في القضايا العربية العالقة ليس انجازا ما لم يتبع بحلول جذرية فمناقشة القضية السورية التي دخلت عامها الخامس امرا مهم لكن الاهم هو ايجاد الحل و وضع الخطط اللازمة لتنفيذه من خلال التحاور مع النظام و المعارضة فإنهاء الحرب و اعادة الشعب السوري الى وطنه افضل بكثير من تقديم المساعدات الانسانية له و هو يبحث عن اللجوء في دول اوربا و الامر كذلك بالنسبة للعراق فإدانة التدخل التركي ليس انجازا لوحده ما لم يتبع بخطوات تجبر الجانب التركي على سحب قواته من العراق و الامر نفسه مع بيان ادانة التدخل الايراني في المنطقة دون برنامج سياسي للتفاوض معها و الوصول الى طريق مشترك لحل الازمات العالقة بل حتى ازمة اليمن لم يحاول المجتمعون في القمة العربية تقديم مقترحاتهم لحلحلتها بل اكتفوا بالإشادة بخطوات مبعوث الامم المتحدة و الاستمرار في الحوار و طبعا قضية العرب المركزية كما باتت تدعي فلسطين فكالعادة تم استنكار العدوان الاسرائيلي و الترحيب بالمبادرة الفرنسية دون اية تعديلات او شروط.
و من جانب اخر غياب قادة الدول العربية الكبار و المؤثرين عن قمة يفترض انها تناقش امن الدول العربية كما صرح الامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط امرا يؤكد ان القمة مجرد اجتماع روتيني فاقد الاهمية او على الاقل غير قادر على توحيد مصالح الدول العربية التي تنظر كل منها الى الازمات من منظور يخدم مصالحها و مواقفها بعيدا عن مصلحة عربية موحدة.
يعرف العرب ان ازمات بلدانهم لا تحل بالمؤتمرات و الاجتماعات المباشرة بل عبر الغرف المغلقة و الاتفاقات السرية لذلك لا احد يعول على القمة العربية فهي ليست مكانا لحل ازمة بل مجرد اجتماعا دوريا يعقد لإسقاط الواجب لا تستمع فيه إلا لضجيج الخطابات المكررة لقضايا لا يملك حلها إلا الدول الكبرى التي تعمل على حل القضايا متى وجدت مصالحها تتطلب ذلك و العكس صحيح.