باتت الشعارات البراقة كالدعوة إلى الإصلاح وحب والوطن والتضحية من أجله والدفاع عن الدين والمذهب والإنتماء الإسلامي عموماً, فكل تلك الشعارات التي يعج بها الشارع العراقي والتي تطلقها المؤسسات السياسية و الحزبية ومن قبلها المؤسسة الدينية التي وقفت موقف مساند لتلك المؤسسات الفاسدة التي نخرت في جسد العراق, باتت هذه الشعارات هي اللغة السائدة اليوم حتى في ما يخص تسقيط الخصوم, فهذا السياسي يُسقط ذاك السياسي برفع شعار الوطنية والإصلاح والإنتماء الديني والمذهبي وينسب كل ذلك لنفسه ويجرد خصمه منها, وكذا الحال بالنسبة للسياسي المقابل أو الخصم.
وهذا لم يأتِ من فراغ وإنما جاء نتيجة التثقيف الذي تبنته المؤسسة الدينية في النجف وبالتحديد مرجعية السيستاني, فهذه المرجعية هي من عودت هذه الطبقة الفاسدة من إستخدام هكذا إسلوب في الخطاب المنمق الذي يؤثر في الشارع, فهذه الخطابات والفتاوى والتوجيهات والتوصيات التي صدرت من مرجعية السيستاني والموثقة على موقعه الإلكتروني تحمل الكثير من هذه الشعارات البراقة, لكن هذا ما يدفعنا إلى أن نسأل ونتساءل لماذا بقيت هذه الشعارات حبيسة الأوراق التي خطت عليها ولم تطبق على أرض الواقع ؟ أليس كل شعار يُرفع يدل على مشروع مستقبلي يخدم الوطن والشعب ؟ وكل مشروع فيه نظرية وهذه النظرية بطبيعة الحال تحتاج إلى تطبيق ؟ فأين النظرية وأين التطبيق ؟.
للتوضيح أكثر, أي إنسان لديه مشروع – أي مشروع – وكخطوة أولى يرفع شعار خاص بهذا المشروع وفيه دلالة على أهمية وأهداف المشروع, وكخطوة أخرى يضع الخطوط العامة لهذا المشروع وينظرها ويناقشها ويهذبها بشكل يجعلها ذات فائدة كبيرة, وبالتالي يقوم بترجمة هذه النظرية وهذه الفكرة على أرض الواقع لتحقق الهدف المبتغى منها, فكل نظرية تحتاج إلى تطبيق, وكل شعارات يجب أن تحتوي على نظرية وتطبيق, وخصوصاً إذا كان من يرفع الشعار أو تلك الشعارات هو ممن يدعي القيادة الدينية والسياسية, وكما بينا إن مرجعية السيستاني هي الجهة الدينية التي عودت السياسيين على رفع شعارات الوطنية والإصلاح والإنتماء الديني والمذهبي, من خلال كل ما صدر منها من فتاوى ومواقف, حيث جعلت من الولاء للوطن والإصلاح السياسي والتدين هو العذر في تعاونها مع المحتل ومع الحكومات الفاسدة, ورفعت الشعارات البراقة في ما يخص ذلك الأمر.
وهذا ما يجعلنا نسأل أين التطبيق الفعلي لهذه الشعارات ؟ لماذا لم تتحول هذه الشعارات على أقل تقدير إلى نظريات ؟ لماذا بقيت فقط شعارات ولم تنظر ولم تطبق على أرض الواقع, بل الأدهى من ذلك إن كل ما يحصل الآن في العراق هو نتيجة لتطبيقات مخالفة لكل الشعارات المرفوعة, وعلى سبيل المثال, يقول السيستاني ” السنة أنفسنا ” وهذا شعار مؤثر, لكن نجد إن هناك تطبيق مغاير تماماً لهذا الشعار وهو فتوى الجهاد الكفائي التي أباحت الأعراض والأموال والحرمات, فكل إدعاءات السيستاني ومن بعده إدعاءات السياسيين هي مجرد إدعاءات خاوية فارغة لا واقع لها, فعندما يدعي التشيع فهو بعيد عن هذا الإدعاء, لعدم وجود أي دليل يؤكد إنه على مذهب التشيع, وعندما يدعي الوطنية فهو غير وطني لعدم وجود ما يثبت وطنيته, وأفعاله تؤكد عدم وطنيته, وعندما يدعي العلم فهو غير عالم لأنه لا يمتلك الدليل الذي يثبت ذلك, وعندما يدعي الإصلاح فهو غير مصلح لأن كل ما رفعه من شعارات الإصلاح نتيجتها كانت هي الفساد والإفساد.
وهنا نسأل ونستفهم بما سأل وإستفهم به المرجع العراقي الصرخي في المحاضرة السادسة من بحث ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” حيث قال …
{{… إذن هل يكفي أن نرفع عنوان التشيع أو عنوان الوطنية أو عنوان الإصلاح وهو لا يوجد في فكره لا يوجد في منظومته الفكرية لا يوجد في ثقافته أي شيء يدل على التشيع أو أي شيء يدل على الإصلاح أو أي شيء يدل على الوطنية فالذي يدعي التشيع ويقود حركة التشيع المفروض يملك نظريات يملك رؤية يملك منظومة فكرية صالحة للتطبيق أو ممكنة التطبيق وكذلك من يتحدث يريد قيادة الإصلاح هل عنده فكر الإصلاح؟ هل عنده منظومة الإصلاح ؟ هل عنده أساس الإصلاح؟ والذي يدعي الوطنية هل يحمل الفكر الوطني؟ هل عنده المنظومة الفكرية التي تحقق الوطنية التي تنظر للوطنية التي بتطبيقها تجسد النظرية والنظرية تجسد الوطنية حقيقة وواقعا؟ هل السلوك الذي مرّ به يدل على انه وطني على انه مصلح على أنه يقود إلى الخير يقود إلى الأمان يقود إلى الخلاص …}}.
فلو كان السيستاني ومؤسسته يملكون المنظومة الفكرية للإصلاح لماذا العراق الآن يرزح تحت الفساد وثلة من المفسدين الذين جاء به السيستاني ؟ وإن كان السيستاني ومؤسسته يملكون الولاء للوطن لماذا رفض الجنسية العراقية على أقل تقدير وباع الوطن للمحتلين بحفنة من الدولارات ؟ وإن كان السيستاني ومؤسسته بالفعل من الشيعة الإمامية الإثني عشرية لوجدناه قد ضحى بالغالي والنفيس من أجل مذهب التشيع في دفع الشبهات وتقويم الإعوجاج ولأصبح زيناً لا شيناً على آل البيت الطاهرين وجدهم الأمين محمد ” صلى الله عليه وآله وسلم ” فكل ما صدر ويصدر من السيستاني من مواقف وخطابات لا تتعدى أن تكون شعارات خاوية فارغة من كل نظرية وتطبيق