17 نوفمبر، 2024 9:48 م
Search
Close this search box.

الدولة بين الآمي وسيد الحكمة علي ,وأفلاطون …والسيد السيستاني

الدولة بين الآمي وسيد الحكمة علي ,وأفلاطون …والسيد السيستاني

أنني اعلم جيداً وأدرك حجم التحديات والمؤامرات التي تحيط بالبلد يا سيدي السيستاني,وأن المستقبل صعب وتحقيق الامل يحتاج لتظافر جهود الخيرين الذي تتوافر فيهم مقومات بناء الدولة التي كنا ولازلنا نحلم بها …دولة ٌتعيد لنا الكرامة والحرية التي سلبت منا في وضح النهار بأسم القومية وحماية البوابة الشرقية ,والثبات على المواقف في اوقات الشدائد والأزمات اصعب عندما يتخلى من كنا ننتظره عن حمل معاناتنا ويتخذ الصعود على التلِ وسيلة لتجنب المشاكل ويظهر بعدها بأنه صانع المآثر عندما تنتهي المعركة ,سيدي التركة التي ورثناها ثقيلة جداً ومقامكم المكرم يعي جسامتها ,ويعرف اكثر من غيره معنى العزلة عندما يتهم الرجال بسمعتهم لتسقيطهم ,وأنين الامهات الثكلى ونوحها على ما فقدن من ابنائهن مابين زنزانات ,ومقابر جماعية ,ومشانق وضعت بدون خوف في ساحات الشوارع ,ويعلق المشنوق لعدة أيام والناس تنظر اليه ,ليعطي لهم رسالة ان هذا مصير من يفكر في الاختلاف مع السلطة …اختلاف الفكر والرأي والمعتقد وحتى وجهات النظر كانت لها ضريبة ,كان ذلك يؤرق نشوة سلطته ويرعب حكمه ,فكانت المحصلة الشهادة لقوافل من الرجال والنساء والأطفال الذين غيبوا دون معرفة مصيرهم واقتيدوا للعالم المجهول ولم يبقى منهم سوى ذكريات الجميلة وابتساماتهم المشرقة ,أوليس الامام علي منهجنا ورمزنا الذي نستمد منه الإيثار بمختلف جوانب حياتنا وعلى وجه الخصوص والتحديد من هم في دفة الحكم والمسؤولية الآن …أيثار في التضحية والبطولة والزهد والتواضع ونكران الذات والترفع عن مغريات الدنيا ,ومتابعة شؤون المستضعفين ومنحهم العزيمة والقوة حتى يأخذوا دورهم بعد الاقصاء الذي طالهم بسبب موقفهم من الحق ,ونصرة الضعفاء على الاقوياء والإتيان بحقوقهم المستلبة ليتنفس الصعداء ,كان لا ينام ويغمض له جفن وهنالك من يتلوى من الجوع ,كان لا يعرف الحياد والمساومة مع الباطل فثوابته تأبى له ذلك ,لم ولن نسمع أنه جاء بفاسد ووضعه في غير موضعه ليمارس ثقافة الفساد على الأمة ويحقق مآربه الدنيئة ,سيدي يذكر سيد المحنة والألم علي (ع) في احدى خطبه التي يؤكد فيها أن قتاله ضد الفاسدين والباطلين ليس لمبتغى معين وإنما
لأجل الإصلاح في البلاد وكشر شوكة الباطل وهو يقول :{ أيَّتُهَا النُّفُوسُ الْمُخْتَلِفَةُ وَالْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ وَالْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ أَظْأَرُكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ الْمِعْزَى مِنْ وَعْوَعَةِ الْأَسَدِ هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ الْعَدْلِ أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ وَلَا الْتِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ وَلَكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ وَنُظْهِرَ الْإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ وَسَمِعَ وَأَجَابَ لَمْ يَسْبِقْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله بِالصَّلَاةِ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالْمَغَانِمِ وَالْأَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ وَلَا الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ وَلَا الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ وَلَا الْحَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ وَلَا الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَيَقِفَ بِهَا دُونَ الْمَقَاطِعِ وَلَا الْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الْأُمَّةَ } سيدي كنت أقرأ في كتاب المدينة الفاضلة بما ذكره افلاطون في كتابه (المدينة الفاضلة )على لسان استاذه سقراط :أن رجال الصناعة والمال ينتجون ولا يحكمون, ورجال الحرب يحمون الدولة ولا يتسلمون مقاليد الحكم, ورجال الحكمة والمعرفة والعلم , يطعمون ويلبسون ويحمون من قبل الدولة , ليحكموا…لأن الناس إذا لم يهدهم العلم كانوا جمهورا من الرعاع من غير نظام , كالشهوات اذا اطلق العنان لها ,الناس في حاجة الى هدى الفلسفة والحكمة.
سيدي لقد جاؤوا بسفهاء القوم وزعاطيطهم وقدموا لهم مناصب مهمة تتعلق بمصائرنا وهم غير مدركين لحجم المسؤولية التي منحوا لها وللمقدرات التي وضعت بأيديهم ,لأن السلطة في نظرهم كنز يكتنزون منه ويغتنون بواسطته ويملئوا اجوافهم ويتركوا الناس تتحسر لتأكل رغيف خبز وهم متنعمين بالذات ,أو لإضفاء صبغة اجتماعية عليهم بين المجتمع يرتفعوا بها ,وهنالك من كان يمثل المنصب له مسوؤلية شرعية وأخلاقية ووسيلة وغاية في آن واحد لقضاء حوائج المحتاجين وفعلاً أبرؤوا ذمتهم في تحملهم المتاعب استرضاءاً لرضا الخالق ,وكان لهم دور مؤثر في دعم عجلة التغيير لأنهم يحملون مشروع أمة تريد الرقي بأبنائها, سيدي لا اريد أن أطيل في الحديث حتى لا أرهقك وأزيد من همك هماً آخر ,لكني اقول لمقامكم وأخاطبك بأبويتك أنه لم يعد لي صبراً وتحملاً فجراحي تنزف وأنت تعرف
يا عالم لا يٌعلم .

أحدث المقالات