22 نوفمبر، 2024 8:27 م
Search
Close this search box.

الغبان وعجوز نازحة!!

الغبان وعجوز نازحة!!

كنت أسمع عن مفارقات كبيرة في العراق، مثلما أقرأ عن استثناءات غير متوقعة في بلد تتجاذبه الهموم من كل جانب، و تشيع بين ظهرانيه المظالم بكل الاحجام و النتائج بعد تشكيل حكومة الطوائف على انقاض دولة المؤسسات، لكني في المقابل لم افكر يوما بسماع رواية من وزير داخلية العراق محمد الغبان يؤكد فيها عدم قدرته على انقاذ عجوز نازحة لأن عبورها جسر بزيبز ليس من صلاحياته، مشيرا الى أنه أستحى من نفسه و موكبه عندما ذهبت به السيارات بعيدا عن معاناة هذه العراقية، التي ظلمها الارهاب و تخلت عنها سلطة القانون المحكومة باجتهادات و تداخل في المسؤوليات أفقد الدولة هيبيتها.
أعجبتني صراحة الغبان و التي كنت أتمنى سماعها و هو في مركز القرار و المسؤولية كي يتعرف المواطن على ما يدور حوله من تشظي للمسؤوليات و ترهل خطير للمعالجات، بعد أن بات المسؤول ضيفا ثقيل الظل و غريبا عن أبناء شعبه أو جمهوره الانتخابي، لكن ذلك لا يلغي شفافية كبيرة تستحق الثناء تحلى بها الغبان، ما يحسب اليه اكثر من ضرره، خاصة وأن غيره مروا بأسوء من هذا الموقف لكن أخذتهم العزة بالأثم فتخلوا عن قول الحقيقة لصالح هيبة مفقودة بسبب امتيارات المنصب لا الكفاءة و الخوف من الله.
يعترف الغبان بأن التداخل في الصلاحيات ألحق ضررا كبيرا بالقدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، مثلما يقر بطريقة لا تقبل اللبس أن الحلول مؤجلة مع استمرار دوران العجلة بالمقلوب، وهي دعوة للغبان بأن يقدم توضيحات اضافية لأسباب تردي الوضع الأمني وبما يحرك مياه راكدة بسبب المجاملات الحزبية و الشخصية، وأن يشخص الخلل بهذه الشفافية كي يعرف المواطن أن المواكب الرسمية تخفي بين أركانها صناعة قرار مفقودة، و هوة عميقة بين معاناة المواطن و ترف المسؤول ، حيث الشخص اهم من الجماعة و المنصب أكثر هيبة من مقام المسؤول، لذلك تبخرت الحلول و تعقدت مشاكل الوطن، بسبب فلسفة حكم لا توازن بين المسؤولية و الكفاءة و لا ترحم الفقير على حساب المتسيد للمشهد حتى بدون صلاحيات.
ان صناعة القرار المفقودة و محاولة توزيع ” دم الفشل على القبائل الحزبية” لا يمكن أن تبني وطنا، كما أن فلسفة رمي الآخرين بحجر جاهز لكل مرحلة أثبتت عدم نضوج تجربة غالبية المتصدين للمسؤولية، لذلك يتعمق الشطط على حساب الكفاءة و تتنوع قنوات الفشل على أنقاض غياب المواجهة ضمن مبدأ الثواب و العقاب، لذلك لا يجوز المرور سريعا على تصريحات الغبان أو النظر اليها من زاوية خسارة المنصب و بالتالي توجيه السهام اليه من باب التشفي، فالقضية أعمق من ذلك بكثير لأنها تكشف عن أداء حكومي مترهل و خلافات
على مستوى التخطيط و القيادة و الأخطر من ذلك تفصيل هموم المواطنين على مزاجيات مسؤولين يختلفون في الصلاحية و الكفاءة و التخصص، فاستمرار التداخل بالمسؤولية سيعمق هوة الفشل الأمني، لأن الجيش كان صديقا مقربا للشعب عندما كان حاميا لحدود الوطن، بينما اصبح جزءا من مشكلة اجتماعية باقحامه بملف المدن، بالمقابل لم تكن الشرطة قوة قتالية بديلة للجيش، ما يكشف عن انقلاب مآساوي في المهام و الواجبات و التخصص المتراكم، لذلك لن ينجح الغبان بانقاذ عجوزنازحة من الانبار، مثلما سيفشل غيره في اشاعة أجواء السلم المجتمعي عندما ينافسه قائد الجيش على أمن الأحياء السكنية!! فهل من مدكر!!

Shaljuboriyahoo.com

أحدث المقالات