اليوم مقالي مختلف عما أعتدت ان اكتب في كل مرة , مقالي اليوم هو موضوع بسيط خطر في بالي وأنا عائد من العمل .. فاليوم هو الاول من تموز وهذا اليوم هو يوم ميلاد كندا كدولة مستقلة حيث التأسيس في الأول من تموز عام 1867 . أنهيت عملي وخرجت متوجها ً الى البيت لأرى أن الشارع العام مقطوع وقد إصطف المئات من العامة على جانبي الرصيف وهم يصفقون ويلوحون بالأعلام الصغيرة للمواكب المارة والعربات المزينة التي تحمل الرموز والشعارات والتراث الذي يمثل كندا , هذه الدولة الفتية والحديثة قياسا ً بالتاريخ والتي تعد من الدول الأولى في العالم بدءا ً من إحترام حقوق الإنسان الى تطبيق النظام والقانون والمساواة وعدم التمييز من منطلق الحقوق والواجبات .
العديد من المواكب والكثير من المركبات المختلفة التي تمثل الاكثرية من المؤسسات والدوائر والمدارس والجهات العامة والخاصة إضافة الى المواكب التي تمثل المجتمع الكندي بكل مكوناته حيث الازياء التقليدية والرقصات الفولكلورية والتراث الذي يعكس ثقافاتهم المختلفة وهويات بلدانهم الاصلية التي اجتمعت كلها في هذا البلد الذي يعطي الاولوية للأنسان ويحترم أنسانيته دون النظر الى اللون والجنس والدين او القومية والخ …… وقفت على الرصيف والحقيقة فقد إندمجت مع جو الإحتفال البسيط والرائع في نفس الوقت ..
جمال المواكب وتنظيمها والمشاركين فيها من كل الأعمار والأجناس .. حيث الكل مبتسم ومنطلق ومندفع للإحتفال والمشاركة وشعور الفرح المرسوم على كل الوجوه , فهذا موكب يمثل جالية معينة وهنا جوقة موسيقية تعزف وهناك موكب يمثل دائرة أو مؤسسة .. رجال ونساء .. شباب من كل الاعمار وبالعديد من الازياء ملوحين ومبتهجين .. حيث المرح والبهجة على وجوه الكل ..
ليندمجوا ويفرحوا إحتفالا بميلاد دولة وبلد ضمهم جميعا ً بكل إختلافاتهم . الكل يحتفل بيوم كندا والكل يعبر ويشارك .. دون تمييز ودون تحيز ودون تفضيل أحد على أحد !! وأنا أشاهد الأحتفال حيث لا حراسات ولا حمايات ولا صور لرئيس أو قائد أو سياسي ولا مظاهر العسكرة التي تشوه كل المناسبات ..ولا عبارات ممنوع الدخول او ممنوع التصوير .. الكل حر في أن يحتفل ويعبر .. والكل حر في أن يشارك ( الحرية ) بمعناها الحقيقي .. مختلف الاجناس , مختلف الثقافات ومختلف الاعمار ومن مختلف البلدان .. يجمعهم رابط واحد وهو أنهم احرار في بلد حر وهذا كافي جدا ً .. يحتفلون بميلاد بلد لم يكمل القرن ونصف القرن على تأسيسه .. فأخذني الواقع وقارنت حال بلدنا حيث تاريخنا يمتد لستة آلاف عام وأكثر .. والتعايش السلمي من أصعب الامور ! وألأعتراف بالآخر مشكلة لاحل لها ! واحترام الإنسان كإنسان مفقود بل لا وجود له أساسا ً !
أناس يحتفلون لأجل الاحتفال فقط .. بساطة وجمال وفرح لا مثيل له .. فتسائلت مع نفسي , ترى هل سنحتفل يوما ً ما هكذا ؟ هل سنتفق ونتحد ونتعاون ؟ ونحتفل بيوم مميز للعراق .. أتمنى ذلك .