19 ديسمبر، 2024 1:00 ص

الوقت صار اقصر في يومنا وشهرنا وسنتنا

الوقت صار اقصر في يومنا وشهرنا وسنتنا

الوقت يلاحقنا كعداء يسبقنا في كل مرة ولا يتعب من عدوه كأنه يتربص بنا لإيقاعنا في فخ الضيق والارتباك وعدم الإيفاء بالوعود لنخرج دوما بحصيلة لا بأس بها من متطلبات مهمة وأساسية لم نستوفها  قد تفقدنا أحيانا بعض مكاسبنا الحياتية التي حصلنا عليها بصعوبة . فقد أصبحت متطلبات حياتنا اكبر بكثير من الوقت المتاح لنا والذي قررته الطبيعة والبشرية واتفقتا عليه منذ بدء الحضارات،  حيث تشير المراجع التاريخية أن بلاد بابل هي أول ما ظهر فيها النظام الستيني المعمول به حاليا في حساب الوقت، الساعة ستون دقيقة والدقيقة ستون ثانية وهكذا .
حين يصبح كل شيء ضروريا وكل شيء مطلوبا وبشدة وحين تتحول معظم الأشياء من ثانويات واكسسوارت إلى الصف الأول من الأهمية، ينقلب هنا الضيق في الوقت إلى قصور واضح فيه بحسب متطلبات العصر الراهن . إن من أهم الأمور التي صار على حسابها ضيق وقتنا هو الوقت المخصص للانفراد بالنفس والتفكر والتأمل وإراحة البال من مشاغل الحياة .. هذا المطلب الذي يؤكد عليه علماء النفس ولو في اقل تقدير إنفاق ساعة في اليوم لأجلنا،   لما له من تأثير ايجابي على صحة الفرد وبالأخص المرأة حيث تكوينها البايولوجي يحتم عليها أن لا تجهد نفسها في دوامة وحلقة مفرغة لا حدود لها من روتين يومي يضّيق الخناق على شعورها بالاسترخاء كلما مرت ساعات النهار باتجاه الليل . لا وقت لجلسة هادئة مع الشريك لشرب الشاي أو القهوة ولا وقت للسؤال عن أحوال الأهل والأصدقاء و لا وقت حتى لسماع الأولاد في شكواهم الخاصة والدقيقة … إذن فاليوم مزدحم دوما وعليك ِ انجاز كل شيء دون عون أو مساعدة . لا العمل سينتهي ولا الوقت سيتمدد ليصبح سبعيني أو تسعيني … ما كان في السابق ليس موجودا أصبح اليوم من ضروريات الحياة ولابد من تأمينه وكل فرد في العائلة باتت له حياة خاصة وضروريات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها إما بشرائها أو تحضيرها .
البعض صار يتكلم بشكل جدي عن أن الوقت بحسب العلم صار اقصر من السابق طبقا لحركة الأرض ودوران القمر بالنسبة للدقائق وذلك سينسحب على الساعة واليوم والسنة … فهل الوقت بالفعل قصر إلى هذا الحد الذي بات يحرجنا ويجعلنا كثيري الاعتذار من الأهل والأصدقاء لعدم الإيفاء بوعودنا بلقائهم وصحبتهم لأن وقتنا ضيق وهناك أمور أكثر أهمية لا زلنا نستجدي الوقت لإنجازها ؟ .
أشهر نموذج سريالي عرض صورة ذوبان ساعات الجيب ، وهي تمثل رأي دالي في الليونة والصلابة التي كانت تشغل تفكيره في ذلك الوقت .الفكرة التي أراد دالي إيصالها من خلال هذه اللوحة هي أن الزمن أقل صلابةً مما يفترضه الناس عادة .