18 ديسمبر، 2024 8:22 م

( أب العراقيين ) يتأمر على ( ابنائه )!!

( أب العراقيين ) يتأمر على ( ابنائه )!!

ماكان احد يتوقع ، ان يزيد الطالباني الطين بلة ويقدم الى مجلس النواب ، في هذا الوضع السياسي المضطرب ، مشروع قانون ترسيم الحدود بين المحافظات! فالطالباني يدرك بأن مثل هكذا قانون سيدفع الى الساحة السياسية العراقية بأزمة جديدة تضاف الى ازماتها ، خصوصا وأن الشد بين محافظ صلاح الدين ومجلس المحافظة من جهة والحكومة المركزية من جهة اخرى قد خرج عن نطاق العقلانية والحوار الموضوعي ليتحول الى عراك اعلامي!
وجاءت قنبلة الطالباني الصوتية في هذا الوقت بالذات لتزيد من الضجيج وتخلط الاوراق . فالطالباني ب( مبادرته) غير المتوقعة وغير القانونية بأعتبار ان المادة(140) لم تلغ ، أراد من وراء تقديم مشروع رسم الحدود الى مجلس النواب ان يدفع بالطرفين العربيين المتنازعين الى حلبة الملاكمة ، وقد رمى (فخامته) بعد اكثر من الف عام بسهم مروان الذي (اينما وقع اصاب) !
ذكر لي احد السياسيين بأن الطالباني قد أوقع نفسه في الخطأ القاتل إذ أبان عن عنصرية مقيتة طالما اشتكى منها واتهم بعض الساسة العرب بها، وإذا به يوغل في الشوفينية ويتصيد في الماء العكر! وقد فقد ـ يقول السياسي ـ حياديته وكذب بنفسه مزاعمة وانصاره التي كانوا يرددنها بأنه (أب العراقيين) – حاشانا من ذلك – واكد انه لا يهتم بمصالح الوطن حينما انصاع لأمر امريكي باختلاق أزمة جديدة تربك الوضع السياسي وتجعل الناس يظنون بأن رحيل القوات الامريكية عن العراق سيدخل هذا البلد في فوضى تنتهي بأقتتال طائفي وعرقي.
كثيرا ما تشدق (فخامته) بأن المادة (140) كافية وافية لحل مشاكل العراقيين المتعلقة بكركوك والمناطق (المتنازع عليها). لكنه ، وهو راعي الدستور تجاوز هذه المادة الى المطالبة بأصدار قانون بترسيم الحدود بين المحافظات واعادة الاراضي التي الحقها صدام بمحافظات اخرى!!
وقال لي مصدر سياسي مطلع بأن سياسيا معروفا من احد الاحزاب قد زار اربيل والسليمانية مؤخرا من دون التنسيق مع حزبه قد ابلغ البارازاني والطالباني بتأييده لهما وحثهم على طرح  فكرة ترسيم الحدود من قبل الاكراد ، مما يزيد من صراعات الاحزاب العربية فيما بينها ، لأن ترسيم الحدود هذا يشمل اراضَ في محافظات اخرى غير كردية، وهي محل نزاع مسيطر عليه حاليا. وان اثارته ودفع العراقيين العرب الى التناحر يضعف الحكومة الحالية التي يتربص هذا السياسي بها الفرص ليقفز الى كرسي رئاسة الحكومة . وقد وعد الزعيميين الكرديين بأنه ملزم امامهما بألحاق أقضيه ونواح في نينوى وديالى وصلاح الدين مع كركوك بكاملها بأقليم كردستان .
ولكن ، ما كل مايتمناه السياسيون ذو الاغراض السيئة يتحقق ، فقد اهمل مجلس النواب مذكرة الطالباني ، ولم يضعها موضع نقاش يفضي الى شقاق! وخابت بذلك دعوة (فخامته) التي اراد بها تفجير صراع مرير لا يبقي ولا يذر بين عرب العراق .