حربنا الدائرة ضد داعش حرب وجودية ، فداعش ليس عدوا لأحد ،انه وباءٌ يصيب من يُمهلُه ويقتلُ من يُهمِلُه ،هذه العقيدة الشيطانية المريضة التي انتجت مصاصي الدماء وبعثت روح الكراهية ضد كل ماهو انساني طبيعي ، محاربتُها انجازٌ وجوديٌ فعلا واختبار ايضا لصبر الدولة ، الدولة التي تقتص وتعاقب مقابل العصابات التي تنتقم ، الدولة التي ترعى المدنيين مقابل وحشية الجماعة التي تختطفهم وتستخدمهم رهائن ولاتبالي بتعريضهم لقصف الحرب ومواجهاتها ، الدولة،القانون والمؤسسات التي تتعامل مع الاسير كمصدر مهم للمعلومات فتحفاظ على حياته حتى يحاكم، مقابل مجرمين يَذبحون الاعزل الذي يقع بايديهم في صورة اسطورية للنذالة .
مسؤولية كبيرة اذن ان تكون (دولة) ، واختبار شديد كونك محاربا نظاميا ، ومشكلة وقيد ان تكون امام مجرمين قتلة وانت مكتف باتفاقيات جنيف وحقوق الاسير والشرائع الانسانية الوضعية والمُنزلة ، واختبار اكبر يحتاج الى صبر غزير جزيل ان تكون طبيبا تعالج اسيرا قتل ابنك او أباك ، فالدولة لاتخضع لمنطق الغضب الذي يسود الشارع في زمن الحرب ، نعم الدولة لاتنتقم انها تعاقب وفق الضوابط والقانون ، وتحفظ الكرامة الانسانية حسب شرائع العقائد المسالمة و حقوق الانسان التي حتى وان توقفت في حالات الحرب والطواريء يظل بعض بنودها ساريا كحفظ الكرامة الانسانية وحق الاسير والحق بمحاكمة عادلة . وعليه تحاول الدول المحترفة ان لاتخسر معايير السمعة التاريخية ومعايير الاخلاق التقليدية والقانون فيفسد تفوقها العسكري ،لان خسارة الاولى تظل تلاحقها كما حصل في استخدام الاسلحة المحرمة والمقابر الجماعية وحملات ابادة الجنس البشري في اكثر من حرب قذرة على سطح الارض .
وفي زمن الحرب عليك ان تتصدى لاكثر من اتجاه اخطرها حرب الدعاية والتضليل واللعب على (شعرة) الفرق بين القتل المشروع والقتل الاجرامي وهما يحدثان في آن واحد وساحة واحدة. حيث تقيد الحريات وتنشط المعلومات . – طبعا ليس المعلومات عن التنمية والبناء ومراكز البحوث والتطوير – بل معلومات عما يدور على الجبهات واروقة السياسات التي تحرّكها ، وهي معلومات مهما كانت دقيقة ليست دقيقة، ومهما كانت طازجة جديدة ليست طازجة جديدة مع تسارع المتغيرات وتقلب المواقف – و تعدد مصادر البيان الرسمي – مقابل تضليل ، وايهام ، تنتجه حشود من افواج الدعايات في سوق المعلومات المتضاربة تذبح في زحمتها الحقائق ، وتقمع الاراء ، ويصنف الناس فئات وعناوين عامة .
كل من يدفع لذلك ويشجعه ويوفر بيئة له ، هو عدو ، عدو للدولة وليس معارضا للسلطة ، الدولة التي تحمي الناس وتؤتمن على اموالهم وتضمن حقوق المعارض وحقوق المخالف وحقوق المجرم ايضا باقامة العدل والتربية والاصلاح والقصاص حسب الشرع والقانون ، من الواجب نصرتها ، وتحشيد كل شيء لبسط نفوذها، من سعة العقل الى قوة القلب ،فالحرب في النهاية اختبارٌ لشرف ابناء البلاد جميعهم في دعمها واعانتها على (صبر الدولة ).