دعوني اعرج قليلا باتجاه النهار الذي قضم جزءا كبيرا من خارطة العراق في ليلة واحده،تحديدا الساعه التاسعه من مساء التاسع من حزيران 2014كنت في ضيافة احد الاقارب في مكتبه الرسمي في تكريت عندما كان يشغل منصبا أمنيا مهما يتيح له متابعة كل حدث صغيرا كان ام كبيرا ويفرض عليه ذلك ابلاغ الجهات العليا بما حدث او يحدث ،يسمون هذا الموقع مركز التنسيق المشترك وهو اسم أستحدث من قبل الامريكان لاجل التنسيق بينهم وبين المؤسسات الامنيه وبقي ثابتا حتى بعد انسحاب القوات الامريكيه وان قل الاهتمام به من قبل الدوله ولكنه ظل شكليا وربما لااحد يدري او يعرف اهميته حتى من قبل الحكومه نفسها،كنت في مكتب مدير التنسيق المشترك وبعد تناولنا العشاء بساعه كنا نتابع مصادفة اجتماعا مهما لمدير شرطة نينوى مع ضباطه يتحدث فيه عن البطولة والشرف وماالى ذلك في القناة الرسميه،
كان احد الجنود من مكتب المدير يدخل علينا ليقدم لنا الشاي او الفاكهة وكنت ارى انه يريد ان يقول شيئا لكنه لايجرأ على النطق به لاسيما ان مديره كانت له مآثر كثيره في محاربة التنظيم تمتد منذ 2004 حتى كتابة هذا المنشور مما جعل من الصعب محاورته او اخباره عن تقدم لداعش فهو يفهم ان الذي يخبره ان هناك تقدما لداعش على انه اهانه لكرامته وهذه نقطة الخلاف بيننا والتي تمتد لسنوات كبيره،اي انني كنت اشاهد الامور من ابعاد عده وهو وينظر اليه من منظار عسكري بحت،انا اتحدث علميا لاني على ثقه ان العواطف هي التي فتكت بالعراق واهله،حاولت ان اتقرب من الجندي متيحا له فرصة التحدث وافراغ مايود افراغه في اذني من معلومات فهمس بصوت خافت مرتبك (عمي الموصل سقطت )!!!
لم يهمس في اذني كلاما عاديا بل حزمة سكاكين انغرست في القلب وشعرت بالدوار وكان الكلام الذي سمعته اكبر من ان يستوعبه العقل البشري لاسيما ان الكوارث دائما تسبقها اشارات كبيره وان لاأشارة توحي بقدرة احد على اسقاط الموصل دفعة واحده وان كانت الاحداث التي سبق وان ذكرتها في الحلقة الاولى توحي بحدوث شيئا ما يوما ما.مسكت الجندي من ذراعه وهمست في اذنه(ماهي مصادرك ومن اخبرك بهذا؟)فاتصل مباشرة بشقيقه الذي يعمل مرافقا لقائد شرطة نينوى ( الو ،معك عمي حسين )
*مرحبا ،اخبارك وضعك اين انت الانانا في النمرود شرق الموصل عمي*ماذا تفعل واين قائد الشرطه نحن مع القائد والموصل سقطت منذ الصباح!!!*ولكني الان اشاهد اجتماع قائدكم مع ضباطه في التلفزيوننعم صحيح هذا اللقاء قبل السقوط بساعات*شلون سقطت الموصل فهمني واختصرعمي الجيش كام يضرب بينه عبالنه انقلاب او مؤامره اثاري الجيش منهزم والارهابيه صاعدين بالهمرات وهجمو عالقياده من 3 جهات وفلتنه من الجهه الرابعه!*شكرا دير بالك على نفسك مع السلامهدائما اتحكم بالامور بطريقة عقلانيه فقد علمنا الشعر والفن اساليب التحدث وامتصاص الصدمات وسلك الدروب الممكنه،لذلك بهدوء جدا طلبت من المدير ان يتصل بعمليات الموصل للتاكد من حدث معين مثلا دون ان اشير اليه ،التلفونات مغلقه،
الاستخبارات لااحد يرد،الهواتف الشخصيه للقاده مغلقه او لااحد يرد،في صلاح الدين كل القيادات اما هواتفها مشغوله او لاترد او ان لديها اخبار مرتبكه!!أنذاك تأكد لي اكثر من اي وقت مضى ان العراق يتجه نحو الهاويه وان البلد يقاد من مجموعة فتيان اسكرتهم مناصب الصدفهبقيت يقظا حتى ساعة متأخره ممدا على السرير وعيني ثابته على السقف الذي غطته سحب الدخان وكان الرجل يتابع مايصله من اخبار متواتره عبر جهاز الاتصال العسكري،واظن ان اخر مااتذكره هو ندائه بعصبية واضحه الى جنده باتخاذ الحيطة والحذر واظن ايضا انه نام جالسا على كرسيه مسندا راسه على المنضده،كنت متوترا جدا لسبب ان الذي حدث لم يكن قابلا للتصديق ابدا بعد تضحيات قاربت الثلاثة عشر عاما فكيف يذهب هدرا كل ذلك في ليلة وضحاها ،اقول تضحيات واعني قرية واحده عدد سكانها لايتجاوز الخمسة الاف انسان فقدت 700 شهيد في قتال مباشر مع عناصر التنظيم او منفرد او تعرضت للاغتيال.استيقظت بحدود الساعة الثامنه بعد نوم مرتبك ،وكان اهم مايشغلني هو معرفة تطورات الوضع في الساعات الفائته،لذلك اتجهت الى التلفزيون وضغطت زر التشغيل في قناة (العراقيه) الرسميه الوحيده التي تتحدث باسم الحكومه (برنامج يتحدث عن اعداد طبق لذيذ من شرائح اللحم والبطاطا)!!!
اخبرني الجندي ان مديره في اجتماع مع ضباطه في غرفة الحركات وان التنظيم يتقدم باتجاه ناحية القياره التي تبعد 40 كم جنوب الموصل وسالته غاضبا ان كان هناك اي اجراء او قطعات تحركت من قبل الحكومه فاخبرني ان ليس هناك اي اجراء غير (الحيطة والحذر)!!!!
اتصلت باهلي في قضاء الشرقاط منطقة (اسديره)يسمونه ادرايا الساحل الايسر لنهر دجله وهي مجموعة قرى متمدنه نوعا ما تمكث على امتداد النهر من الجهة الشرقيه وقد قاتلت التنظيم قتالا شرسا مع اقرانها من القرى الممتده غرب النهر على مدار 13 عاما حد انها عدت في ادبيات التنظيم من المناطق المرتده وقد علمت بدوائر حمراء في خرائط التنظيم التي يتم الاستيلاء عليها من قبل القوات الامنيه اثناء المعارك .كنت فقط اريد ان اعرف مايجري بدقة ومن مصادري المقربه فاخبروني ان الوضع يزداد قلقا والشرطة والاهالي مستعدون للقتال حتى الموت فليس هناك مجال للتردد او الاستسلام لعدو لايمكن ان يرحم احدا وبينه وبينهم ثأرات تمتد ل 13 عاما ولكن (الارهابيون) يتقدمون والمناطق القريبه تستسلم بدون قتال.. فمالذي يجري!!