17 نوفمبر، 2024 11:50 م
Search
Close this search box.

رسائل استغاثة

رسائل استغاثة

خلال اسبوع واحد ، وصلتني رسالة من ناشط مدني شاب في ميسان يدعو فيها معارفه الى التبرع لعلاج اطفال اشقاء اصابهم مرض غريب شوه معالم وجوههم ولايملك ذويهم مايسد تكلفة علاجهم ، كما تلقى الدكتور الكريم ليث شبر رئيس المركز الانمائي للطاقة والمياه رسالة من أحد مقاتلي الحشد الشعبي اصيب اصابة بالغة ويدعو اهل الخير الى مساعدته لحاجته الماسة الى مايعينه على العلاج والمعيشة ، وقبلها وصلتنا رسالة عن الطالب الجامعي الذي يحتاج الى مبلغ كبير لانقاذه من الشلل وكيف هب زملاؤه لجمع تبرعات لاعادته الى مقاعد الدراسة ، ثم تلقينا القصة المأساوية لرحيل الروائي محمد شاكر السبع في الغربة وكيف هبت الجالية العراقية لجمع تبرعات لدفنه وحماية جثته من مصير الحرق ، عدا رسائل اخرى تعرضها وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يومي تدعو الى مساعدة فقير او التبرع لمريض او كفالة ايتام وماشاكل ذلك …
اذكر قبل عقود ، كيف كان العراق يمد يد العون لدول عديدة ويستقبل ابناء دول عديدة ليعملوا فيه ويجمعوا (تحويشة العمر ) ويعودوا الى بلدانهم اغنياء ، اما الطلبة العرب والاجانب فكانوا من المدللين في جامعاتنا فلهم مخصصات مالية كبيرة واقسام داخلية حديثة ومجهزة بكل مايسهل اقامتهم لدينا فضلا عن تخصيص اقسام للمتزوجين منهم عبارة عن منازل مؤثثة وفي افضل احياء العاصمة ..كنا وقتها نعيش باكتفاء وقناعة ولدينا مايكفينا من النفط والمنتجات الزراعية والثروات الحيوانية والصناعة المحلية ..وحين دخلنا نفق الحروب المرعب وخرجنا منه منهكين استقبلنا حصار اقتصادي قاسي حولنا الى مخترعين لكل مانستعيض به عما يوفر لنا الرفاهية والغذاء والدواء فعدنا اولا الى التراث لنستعير منه (اللالة والفانوس وخبز الشعير ) واشياء اخرى ، ثم حصلنا على براءة اختراع حلوى للاطفال من التمر وقمنا باعادة تفصيل ملابسنا لتناسب اولادنا وتحوير اجهزة ومكائن ومنتجات عديدة صناعيا لتخدم المرحلة …كنا نرى حكومتنا تهدي عقود النفط الى دول اخرى وشخصيات معروفة وفنانات
واعلاميين لمساندتهم لها ونحن ننتظر الحصة التموينية ونواصل اختراع مايسد معيشتنا ونجتهد لكيلا نزعج الحكومة بكلمة تخدش مشاعرها …
مع ذلك ، كان العراق يقع ضمن البلدان متوسطة الدخل قبل ان تتلقفه الحروب والحصار والقتال المسلح وجشع الحكومات وفسادها ليهبط تدريجيا الى ماتحت خط الفقر..وبالتدريج ايضا تحولنا من دائنين ومتبرعين الى مدينين ومحتاجين الى التبرعات سواء على مستوى الافراد او الحكومة التي بدأت تستخدم الاقتراض كحل لأزماتها ..
يقال ان الفقر عبودية وانه من صنع البشر ، وفي بلدنا الذي يعوم على آبار النفط وتختزن ارضه الطيبة خيرا وفيرا فيما لم احسن استغلالها ، ستظل الحياة تبتعد عن الرفاهية اميالا والفقر ينشر ظله الثقيل على نسبة كبيرة من السكان والحسرة تملأ النفوس حين نرى كيف انتشلت بعض الحكومات شعوبها من الفقر واشعلت لهم شموع الأمل بينما تطفيء حكوماتنا كل ومضة امل بتغيير الحال الى الافضل وتعدنا بحروب وصدامات جديدة..اذن ، سيبقى المريض بلا علاج واليتيم بلا مورد عيش والمقاتل الذي يبذل روحه للوطن بلا سكن وسيترجم المواطن العراقي معاناته هذه المرة …..عبر رسائل استغاثة فقط !

أحدث المقالات