· ثمة “براغماتيون” من الداخل يساومون فسادا.. لا يؤجلون منافعهم الشخصية حتى عندما يداهم وجود العراق
· حين يكتشف المشاهد أن الإعلام الحكومي يستغفله.. والريموت بيده.. يحول “الجنل” الى قناة أخرى تحترم وعيه، حتى وهي تحبك الخديعة وتزيف الحقائق.. عملا بالمثل البغدادي: “كذب المسفط أحسن من صدق المخربط”.
· السومرية تفضح “داعش” وفق منهج إعلامي دبلوماسي مدروس لا يخلق خلافات مع المحيط الدولي في هذا الظرف الملتبس الذي يحتاج العراق خلاله دعم العدو والصديق!الآخرون ليسوا معذورين، لكن التعبئة الوطنية لصالح القوات المسلحة، بصنوفها كافة.. الحشد الشعبي والجيش والشرطة والعشائر.. مهمة شبكة الاعلام العراقي؛ بإعتبارها الإعلام الحكومي المكرسة له إمكانات مالية وبشرية وخبرات فائقة، تضيع في صراع المناصب الدائر في الشبكة، يلهيها عن التخطيط المنهجي، لمواجهة الآلة الإعلامية الداعشية، التي تخطط وتنفذ يدقة مؤثرة، تحيل الحق باطلا وتشرعن الجريمة، بتكييف ماهر من عقليات تدعمها إرادات دولية كبرى.
نحن في “السومرية” لم نخضع لمبدأ “هذه مسؤوليتك وتلك مسؤوليتي” عندما يداهم الوطن وجوديا؛ فكلنا مسؤولون.. ننسى صراع المناصب و… مغريات الوظيفة، التي تأخذ مذيعة الى باريس وتشتري منزلا لمراسلة في حي الجامعة وتطعم الضيوف 12 مليون دينار كرزات و9 ملايين لبن، من النثرية الحكومية المخصصة للمؤسسة، إنما نطفئ التكييف ونشمر عن السواعد.. “نسرفن الردان” كي نؤدي واجبنا الوطني، بفضح “داعش” ومن وراءها، وفق منهج إعلامي دبلوماسي مدروس، لا يخلق خلافات مع المحيط الدولي، في هذا الظرف الملتبس، الذي يحتاج العراق خلاله دعم العدو والصديق!
نؤدي دورا إعلاميا وطنيا، بدل آخرين.. حكوميين، يتمتعون بمميزات كسلهم! مكتفين بحركات تشغل الشاشة، بطريقة ساذجة.. مملة، جعلت المواطن ينفر من طريقة وضع المايك أمام فم ضابط لا يجيد الكلام، يظهر الدنيا بردا وسلاما وقواتنا “مخبوصة” بـ “شجم مخربط” إسمهم “داعش” وإن الشباب الذين جاؤوا من عمق الجنوب الى أقاصي الصحراء الغربية، يصلون الليل بالنهار وتسيل دماؤهم ويستشهدون ويتعوقون؛ إنما يقاتلون شبحا غير متعين!
لذلك نفر المشاهدون من الاعلام المحلي الحكومي؛ ملتجئين الى إعلام خارجي، غير أمين على المعلومة؛ لكنه يسقيك من طرف اللسان حلاوة؛ أغرت المشاهد العراقي بمتابعتها.. وشيئا فشيئا، ستجره للتعاطف مع ثمانية شباب، يحتلون الرمادي من حدودها مع السعودية الى حدودها مع الاردن، والقوات المسلحة تاركتهم وتقتل بالأطفال والشيوخ والنساء والرجال الأبرياء!
جيش ومخابرات
قنوات ممولة من دول منتفعة، تسوق خطاب “داعش” بأدق مؤثراته، التي تمنع حتى المقاتلين عن الانخراط في القوات المسلحة؛ لأنها تبلبل الموقف، تساعدها منافذ إعلامية عراقية غافلة.. لا شك بولائها الوطني؛ لكنها سهوا تخدم مشروع “داعش”.. تضر من حيث تريد فائدة!
شخص القائمون على الاستخبارات العسكرية، أن 80% من مقاتلي “داعش” هم ضباط ومرتاب الجيش والمخابرات السابقة.. في عهد صدام حسين.. طيب عرفتوا هذه المعلومة، وأصبحتم تعلنون عنها في البيانات العسكرية (وهذا خطأ مهني جسيم.. بس ماعلينا) عندما عرفتموها، ما هو إجراؤكم لإحتوائها؛ أم إستسلمتم لواقع الحال.. مرددين الجملة الصفيقة: “يطبهم مرض” وفي الحقيقة هم لا مرض يطبهم ولا يحزنون؛ إنما وجدوا مناخا ملائما لمؤهلاتهم الفائقة التي إستغنى عنها النظام الجديد، ولم يفصم عرى صلتهم بصدام، إنما وثقها، عندما لم يستفد منهم، وهم مهنيون ليسو موالين لصدام؛ بل يخدمون بلدا، وكان بالامكان الافادة منهم ريثما يشتد عود الدولة وبعدها لكل حادث حديث، إنما ما حصل هو الاستغناء عنهم، بل وقطع سبل العيش عليهم، وتركهم مكشوفين من دون حماية، بحيث حتى الجندي الذي عاقبه ضابط بالسجن يومين لعدم إلتزامه بالواجب، في الثمانينيات، جاء بعد 2003 وقتله!
بالمقابل دعى البعثيون الجيش السابق للالتحاق في الفلوجة، عام 2004 ونشرتها صحف وطنية مغفلة، خدمت أعداء العراق، من باب السخرية؛ فتوجه الى الفلوجة مبطرو الجيش السابق الذين إستلبتهم الدولة الحديثة لقمة العيش، ووجدوا ترحابا وتكريما و… كل ما يشدهم للتعاون مع القاعدة و”داعش” الان.
إعلام مغفل
تلك المهمات المجانية المغفلة، التي يقدمها إعلام غير إحترافي، تنطبق عليه حكمة الإمام علي.. عليه السلام: “إياك ومصاحبة الأحمق؛ لأنه يضرك من حيث يريد منفعتك” تتضافر مع “لواتة” الاعلام الحكومي الكسول، الذي يلتف على طريقة الاداء، فتبدو مكشوفة.. مراسل على أطراف البصرة، ينهئ ضابطا: “مبارك تحريركم الرمادي؟” ويكتشف المشاهد أنه يستغفل، والريموت بيده؛ فيحول “الجنل” الى قناة أخرى تحترم وعيه، حتى وهي تحبك الخديعة وتزيف الحقائق، عملا بالمثل البغدادي الحصيف: “كذب المسفط أحسن من صدق المخربط”.
نظل.. نحن في السومرية.. نحاول متمنين إلتفاف الاعلام العراقي حولنا يتآزر معنا.. الحكومي والاهلي، كي نقدم خدمة حقيقية، ليس فيها زوائد تفيد العدو، من خلال غرفة عمليات وإدارة أزمة، إقترحتها منذ الشرارة الاولى للمعركة، و”غلس” عليها المنتفعون من الداخل، الذين يساومون فسادا، ولا يؤجلون منافعهم الشخصية، حتى عندما يداهم العراق وجوديا.