أظهرت الأيام الأخيرة في الأسبوع الماضي ، مدى ما تضمره الأيام القادمة من خلافات لا زالت قائمة بسبب جدل المطالبات الشعبية و النخبوية بإجراء إصلاحات في عموم مؤسسات الدولة ، فبعد أن تصور البعض أن الانجازات العسكرية العظيمة في تحرير أقضية مهمة في محافظة الانبار ، و على رأسها قضاء الفلوجة ؛ بالاضافة الى العمليات الناجحة في نينوى و التي افضت الى تحرير قاعدة القيارة الجوية ذات الاهمية الاستراتيجية خاصة في عمليات تحرير مدينة الموصل ثاني اكبر المدن العراقية ، إلا أن تحشيد زعيم التيار الصدري لاتباعه بكل قوة من اجل تظاهرة سعى من اجل ان تكون مليونية ، أثبتت أن هذا الجدل الذي يخشى من مدياته لا زال قائم و بكل قوته ، لا يمكن إنكار مدى فوضوية الاجراءات التي رافقت أيام الجدل الاخيرة ، خاصة فيما يرتبط بالتعامل مع موضوع التظاهرة ، إلا أن ذلك ليس مهما في التحليل ، بقدر ما ينفع للتعريف بمدى حجم الخلافات الحاصلة بين الاطراف السياسية ، خاصة و نحن نتحدث عن حزبين داخل تحالف واحد ، و هو أمر يعبر عن أن الكتل الاخرى تقف بإنتظار أكمال دورة الخلاف الصدري الحكومي ، من أجل دخول كل واحدة منها الى منطقة المطالبات و في النتيجة الخلافات ، و قد يقول قائل أن ليس في هذه الدورة الخلافية من غريب في مشهد فتي يعيش ظروف كالتي يعيشها العراق ، إلا أن ذلك يقبل إذا ما كان الخلاف محكوم بقواعد و أعراف سلمية ، فضلا عن ضرورة قراءة هذه التفاعلات في ضوء قساوة المعركة التي تخوضها القوات المسلحة في أكثر من مكان ضد جماعة داعش الارهابية .
و هنا سنعود إلى سياق حديثنا عن مفاتيح الانتصار ، عن طريق السؤال ، أليس حريا بالأطراف المختلفة التي تشترك في هذه المرحلة بِهمْ القضاء على تنظيم داعش الإرهابي ، أن تتجاوز هذه الخلافات في الرؤى و الافكار و حتى المصالح ، و أليس هنالك من حلول أو صيغ للاتفاق بإمكانها أن تكفي جميع الاطراف شرور الخلاف ، و توحد الجهود لمساندة الحرب على داعش و اصلاح ما فسد في مؤسسات الدولة ، التي لا يختلف أي طرف من الاطراف على ضرورة إجراء إصلاحات حقيقية و شاملة فيها ، مؤكدا أن هذا ليس من الاماني مستحيلة التحقق ، إلا أنها تبقى مرتبطة بالارادة الصادقة والواعية الوطنية ، و هنا يأتي دور الحكماء ، و هذا ما لمسناه مؤخرا في حكمة القضاء ممثلا بالمحكمة الاتحادية العليا التي أستطاعت أن تحسم ملف تسبب بالكثير من الاحداث المؤسفة على مدى شهور ، و هو موضوع البت بشرعية جلستين لمجلس النواب العراقي ، و بذلك يمكن الاستفادة من تجربة الحل القضائي إذا جازت هذه التسمية في الاستفادة من تحكيم الاطراف للصيغ الدستورية و القانونية في تحقيق ما يطالب به أبناء الشعب العراقي و تجاوز حالة الخلافات التي صارت كأنها مزمنة .