رحم الله والديً ورحم الله المسلمين والمسلمات في مشارق الارض ومغاربها ورحم الله البشرية جمعاء . في ستينات القرن الماضي كانت والدتي رحمها الله تطلب من والدي رحمه الله شراء التلفاز (للاولاد) كي يتسلوا به وكي لايختلطوا باولاد السوء رغم ندرتهم في ذلك الزمان فكان جواب والدي الرفض قائلا انا لاادخل الشيطان الى بيتي اولا ولسوء الحال ثانيا . ورغم ان الوالدين كانا قد بذرى بذور الايمان فينا حتى باتت من خوف الله تذرف الدمع مأقينا وكان حديثنا دائما هو حب الله والناس وكان والدي يردد دائما (الدين المعاملة) وكان يصحبنا معه الى المسجد كي ننهل من هذه الجامعة الرصينة العريقة فرسخت الثوابت والقيم والايمان والمبادئ فينا وكنا ندعوا الله ان (لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا) . وكنا لانعرف ان فلان ينتمي الى العشيرة الفلانية او المذهب الفلاني حيث كانت (المنطقة) عائلة واحدة تتشارك الافراح والاتراح حتى ان علاقات المنطقة باتت اقوى من علاقات ذوي القربى .وما ان استلمت وظيفتي وانا في العشرينات من عمري حتى عرفت السر في اجابة والدي رحمه الله وما هو التلفاز وماهي مضاره للعوائل غير المحصنة دينيا واخلاقيا وثقافيا فبدون الثوابت والقيم والمبادئ والدين يتحول الانسان الى دمية يسيرها التلفاز دمية غير ناطقة متسمرة العيون نحو الشاشة الصغيرة مستمعة غير ناطقة جامدة غير متحركة مشلولة غير ناصحة راكدة بائسة تعيسة حزينة تجلس امام جهاز كهربائي يسلبها النطق والارادة فتسلخ الانسانية من هذا الكائن العظيم فيتحول الى ببغاء او روبوت يردد الكلام بدون وعي وبدون تفكير كما لو تلاعبت به المقادير.واليوم اصبح للتلفاز ابناء واحفاد فبعد ان ماتت السينما لدينا دخلت بيوتنا اجهزة لم نكن نعرفها من قبل مثل (السي دي ) و (الدي في دي) وجهاز (الحاسوب) وجهاز (اللاب توب) وجهاز (الدي في دي الصغير) ذو السبع والتسع انجات ودخل الانترنيت بيوتنا علما بان العراق هو اول دولة شرق اوسطية يدخلها التلفاز لكنها اخر دولة يدخلها (الستلايت) فكثرت الاقمار الصناعية وكثرت القنوات حتى ان اجهزة التلفاز باتت تحتوي على الاف القنوات وهي تبث صباح مساء ولغير المحصن الف عزاء . فهذه قنوات جنسية هدامة تحول المراة الى بضاعة تتقاذفها الايادي كالسبية او كالحيوان الذي هم القصاب بنحره . وتلك تتلوى كالافعى معلنة عن مطاطية جسدها الفاني غير مكترثة بالحفرة التي تنتظرها ناسية (يوم تشهد عليهم ايديهم وارجلهم ) والمشاهد المسكين الذي لم يحصنه المجتمع والدين يجلس امام التلفاز وها هو التلفاز يصب الزيت على النار والمجتمع على شفا انهيار فاصبحنا على شفا حفرة من نار مالم ينقذنا الله منها . وتلك قناة ماجورة تبث الفرقة بين ابناء الوطن الواحد والشعب الواحد ناسية قول الباري عز وجل (اذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم) وقول الحبيب المصطفى (ص) (من ابطأ به عمله لم يسرع به نسبه) .
وكثرت القنوات وكثرت المعضلات وكثرت الهفوات وليحرسنا رافع السموات . اما ما يباع من اقراص في الاسواق وهو في متناول يد الجميع فهو فج مج فظيع يسير الشباب كالقطيع ويطلق الذئب على الحمل الوديع . (وللجاتنك) (المحادثة غير الرسمية عبر الانترنيت) افات وافات حيث تتحاور الحمامة مع الثعبان ويتحاور الحمل الوديع مع الذئب الرهيب الفظيع اكل القطيع وتتحاور البراءة مع الشر فيعم الشر وينتصر فهل من مُذكِر .ان حصنوا ابناءنا من الروضة الى الكلية ان علموهم الابجدية الانسانية الاسلامية الاخلاقية التربوية والوطنية ان علموهم مخافة الله واستخدموا هذه القنوات للقضايا التثقيفية والتربوية لا للقضايا الاباحية . ان علموهم حب الله وطاعته وخشيته ان علموهم حب الوطن والايثار والتضحية في سبيل الله والوطن لا في سبيل الفرد لأنًَ الله باقٍ والفرد فانٍ ولنعلمهم اغاني واناشيد الخلود وما تغنى به الجدود من حب الديان والاديان والاوطان والله المستعان .
[email protected]