26 نوفمبر، 2024 2:32 م
Search
Close this search box.

الانتهازيون ووسائل التغرير والجذب الطائفي

الانتهازيون ووسائل التغرير والجذب الطائفي

الدين والطائفة والمذهب والمعتقد، قضايا ومفاهيم وحقائق ترتبط بها المجتمعات البشرية ارتباطا فطريا شرعيا أخلاقيا إنسانيا حضاريا، وتمثل أغلى ما تمتلكه، وما يستحق أن تضحي من أجله، وإذا ما شعرت أنها تعرضت إلى الخطر، لم تدخر جهدا في سبيل حمايتها، ودرأ الخطر عنها، سالكة كل السبل والطرق التي تستطيع بواسطتها الدفاع عنها، لقد استغل الانتهازيون من رجال دين وسياسيين، هذه القضية ووظفوها بما يحقق لهم أهدافهم وأجنداتهم، ويحفظ مصالحهم ومكاسبهم وعروشهم، فراحوا يتخذون من الدين أو الطائفة وسيلة للتغرير ودرِّ الأموال والتسلط، وأفيونا لتخدير الشعوب والاستخفاف بها، فنراهم يعزفون على الوتر الديني أو المذهبي أو الطائفي، ويلعبون على أوراقه معتمدين على مسلك التأجيج والتحريك والحقن، لكي يسيطروا على المجتمعات ويتحكموا بمشاعرها وإرادتها وطريقة تفكيرها وسلوكها، ويحركونها كيفما يشاؤون وأنى يشاؤون، وجعلوا منها وقودا لتسيير قافلة مصالحهم وأجنداتهم وأطماعهم، وحطب نار صراعاتهم النفعية الانتهازية السلطوية.من ابرز تطبيقات مسلك التوظيف والتأجيج والشحن الديني والطائفي والمذهبي الواضحة الجلية هو ما جرى ويجري في اغلب البلدان العربية والإسلامية، وفي طليعتها سوريا والعراق، ففي سوريا كان المذهب والمقدسات هما الأفيون الذي سيطر ويسيطر على تفكير ومواقف وسلوك المجتمعات، إذ استطاع النظام القمعي في سوريا ومن خلفه إيران وحلفاؤها في العراق أن يضفوا على الصراع القائم هناك بُعدا طائفيا ومذهبيا مقيتا، وهكذا صار الشعب حطب نار الصراع السلطوي الإمبراطوري الذي تخوضه إيران في سوريا.ونفس الأسلوب ومنهج التأجيج والشحن الطائفي المقيت وبصورة أبشع وأقبح تم تطبيقه في العراق، فباسم الدين والمذهب والمقدسات، وخوفا عليها ومن اجل حمايتها والدفاع عنها، صدرت الفتاوى الطائفية فتاوى السلب والنهب والحرق، واستعرت نار الفتنة الكبرى المحرقة المهلكة، وقودها وحطبها الشعب العراقي، فارتُكِبت المحرمات، وانتُهِكت الأعراض، ودُنسِت المقدسات، وسُفِكت الدماء، وأحرِقت الجثث، وهُدِّمت المساجد والدور والآثار، وهُجِّرت وشردت العوائل…، وباسم الدين أو المذهب أو الطائفة تُسرَق الأموال والخيرات والثروات وتذهب إلى جيوب أولئك الانتهازيين وأسيادهم، والشعوب تعاني من الفقر والحرمان من أبسط مستلزمات الحياة الضرورية ناهيك عن ملايين المهجرين الذي يعانون من مآسي التهجير وولاياته… لقد تناول المرجع العراقي الصرخي الحسني هذه القضية في خطاباته وبياناته ومحاضراته مرارً وتكرارً، وحذر منها ومن تداعياتها المهلكة المدمرة على واقع الشعوب والأوطان، ومنها ما جاء في سياق الحوار الذي أجرته معه صحيفة الوطن المصرية بتاريخ 21-02-2015 حيث قال: ((ان ‫‏السياسيين‬ والانتهازيين يتخذون ‏الإسلام‬ و ‏الطائفة‬ و ‫‏المذهب‬ للتغرير والاِرتزاق والاستئكال والتسلط وتخدير ‏الشعوب‬ والاستخفاف بها وسلب مقدراتها وحتى الوصول بها الى الانحراف الفكري والأخلاقي…وهذا لا يختص به مذهب دون آخر ، بل لا يختص به دين دون آخر ، ولا تختص به قومية دون أخرى.))

أحدث المقالات