ان ما حصل تحت قبة البرلمان العراقي ، من غوغاء وبلطجة وقلة ادب ووقاحة ، ممن يسمون انفسهم اعضاءا في مجلس النواب لم يحصل في اي برلمان في العالم حتى في برلمان الصومال،هو عار على امريكا وعلى رموز العملية السياسية ،واحزابها الفاسدة الطائفية، التي همها الوحيد حصد غنائم السلطة ومناصبها فقط،وترك العراق يحترق بنيران الميليشيات وداعش ،لان امريكا تريد ادامة الفوضى الخلاقة الى اقصى مدياتها التي تسميها (الديمقراطية )، في حين تراها ايران فرصة تاريخية لتحقيق مآربها واهدافها ومشروعها التوسعي التدميري في العراق، مستغلة ميليشياتها واحزابها لتنفيذ ما خططت له في العراق، لهذا نرى ان المسرحية التي شاهدنا فصولها على المسرح السياسي العراقي ،هي نوع تراجيدي ، كتبت فصولها ايران واخرجها حيدر العبادي ونوري المالكي ذراعا ايران في العراق ، وقام ببطولتها مقتدى الصدر وعمار الحكيم وسليم الجبوري، ولكن كيف كانت النهاية الدرامية ، اكيد شاهدتم ما حصل داخل قبة البرلمان من مهزلة سياسية (لعجايا) البرلمان ، ولكي نقرب المشهد السياسي الان الى واجهة الاحداث ونضع المواطن العراقي بالصورة المأساوية ، التي كان هو سببا فيها، لانه انتخب( عجايا) واشباه رجال ، فما جرى قبل انعقاد جلسة البرلمان ،كان كالاتي، اجتماعات مكثفة في بيت رئيس البرلمان المقال سليم الجبوري لكل رؤساء الكتل(عدا المالكي وعلاوي)، لانهم يستصغران سليم وحزبه، وتم في اجتماعات رؤساء الكتل ،الاتفاق على عقد جلسة يشترك فيها المعتصمون ، ويصوتون على كابينة العبادي الثالثة ، المتفق عليها في هذه الاجتماعات ، وحينما دخل مقتدى الصدر على خط الازمة بعد انسحابه من العمل السياسي وبراءته من التيار الصدري، هدد بالنزول الى الشارع ثانية ودعا انصاره الى مليونية لاقتحام مجلس النواب ، اذا لم يصوت على القائمة الاولى التي وضعها الصدر بنفسه، وعودة الصدر جاءت بعد تعرضه الى نقد شديد من انصاره ومريديه لانه خذلهم وانه تركهم لوحدهم فريسة للمالكي واتباعه المعتصمون داخل البرلمان ، الذين سيستحوذون على المناصب كلها اذا نجح انقلابهم ، وهكذا جيش مقتدى ملايينه في ساحة التحرير ثانية ، وتم انعقاد جلسة لمجلس النواب على اساس التصويت على شرعية رئاسة المجلس ونائبيه، وعلى قائمة مقتدى الصدر التي قدمها حيدر العبادي للمجلس، وحينما رأى المعتصمون ، اكتمال النصاب القانوني بوجود كتلة الصدر وانضمامها للسليم ، ثارت ثائرة دولة القانون، وهكذا حينما جاء العبادي ودخل قبة البرلمان تم رميه بقناني الماء من قبل غوغاء دولة القانون وسنة المالكي، مع شتائم وهتافات(زعاطيط المحلة ) وتكسيرالمايكرفونات والمناضد واللاقطات والضرب على الكراسي والمناضد والصراخ برة برة لحيدر العبادي، هنا سقطت شرعية البرلمان كله وحكومة العبادي المفلشة اصلا والمقالة ،لانهم الجميع داخل قبة البرلمان يفتقرون الى (القانونية الدستورية ) كما يؤكد دستور بريمر المسخ ، كيف، ففي الجلسة الاولى للمعتصمين ،تم اقالة سليم ونائبيه بأكتمال النصاب ،بواقع (200) عضو برلماني، وتم انتخاب عدنان الجنابي رئيسا ، وانتهت الجلسة واصبح سليم عضوا فقط في المجلس، وحينما عاد المجلس امس ، للانعقاد ،( دستوريا سليم عضوا وليس رئيس)، ويفترض يقدم شكوى للمحكمة الاتحادية لحسم الامرضد المعتصمين، وهو لم يفعل ، وبقي يرأس جلسة البرلمان رئيسا مزورا ، بعد اكتمال النصاب القانوني ، وهكذا فالجميع فاقدوا الشرعية الدستورية، وهذا لايهم ، فالازمة ما زالت تتصاعد منها ادخنة المعتصمين بعد فشلهم وصراخهم ، ولكن ماذا تحقق وكيف هو مستقبل العملية السياسية،ان فشل نوري المالكي( وكتلته وسنته )في العودة للسلطة، امر بات واقعا لان امريكا ترفض عودته وتدعم العبادي لانه شريك جيد حسب قول اوباما شخصيا، وهذا امر يبقي الاوضاع محتملة الانفجار باية لحظة ، لان المالكي لن يسكت على مثل هكذا فضيحة بجلاجل وفشل واحتقار،في حين تشكيل حكومة العبادي يتعثر لعدم اتفاق الكتل على توزيع المناصب والهيئات المستقلة والوكلاء والمدراء العامين وغيرها، وهذا ايضا يبقي الباب مفتوحا على مصراعيه نحو الفشل والمماطلة والتسويف ، والانغماس الاكثر في عمق الفساد، والبلاد تشهد وغارقة في الخراب وتهديدات داعش باجتياح مدن اخرى ، وهي عازمة على التمدد والبقاء اكثر فترة ممكنة ، وسبب بقاؤها وتمددها هو الصراع السياسي للاحزاب والكتل على السلطة والمناصب والمغانم، وهو ما تريده ادارة اوباما تماما ، لمشروعها في العراق، فهي لاتريد حكومة وطنية ترفض اي نوع من الاحتلال والتلبعية والتدخل، ولذلك تمسك العصا من الوسط، فهي تدعم كل الاطراف في العملية السياسية ولاتريد ان تزعل اي طرف او حزب او كتلة، حتى تنظيم داعش لها خطوط داعمة له وكذلك الميليشيات(زيارة القنصل الامريكي لجرحى الميليشيات في البصرة) ، اعتقد ان العملية السسياسية لا تنتج الا حكومة محاصصة فاشلة كسابقاتها ، وسيبقى الوضع كما هو عليه الان ،حتى تستنزف امريكا من عملائها وترميهم رمي في مزبلة التاريخ ،مثلما عملت مع رموز الاحتلال(الباججي والجلبي وباقر الحكيم وبحر العلوم وغيرهم الكثير )، عندها فقط تفكر في ايجاد من يقوم بدور العميل لها ، وهكذا ، امريكا تحتاج الى حكومة تساعدها في مواجهة ارهاب داعش، وتضرب الميليشيات مع داعش، للتخلص من الطرفين ، بعد ان تورطت في صنع ودعم وتمويل وتسليح الطرفين ، مناصفة مع ايران ، كل حسب مصلحتها في انجاح مشروعها في العراق وسوريا، وهذا ما يتجسد الان وبتسابق نحو التعجيل في تحقيق الهدف ،قبل فوات الاوان وتغيير الاوضاع في غير صالحهما، فالمشروع الامريكي يمضي قدما في العراق وسوريا وتعمل على ارسال قوات برية للتحضير لمعركتي الرقة والموصل ، مع حلفائها، ومنهم التحالف الاسلامي العسكري، وايران تريد ان تكون لها حصة من هذا الاحتلال من خلال اذرعها في العراق وسوريا، بعد ان خسرت ذراعها القوى المعول عليه وسقط الى الابد في اليمن ، واقصد به جماعة الحوثي، اما حزب الله فهو في الهدف العربي والامريكي، والعمل على محاربته والقضاء عليه حاله حال داعش امر مؤكد والدلائل كثيرة ،منها توصيفه تنظيما ارهابيا عالميا كداعش، واجراءات دول الخليج العربي ضده واثبات تهمة احداث برج التجارة العالمي وادراج اسم خامنئي وحسن نصرالله كاف لاستهدافه ومعرفة السيناريو الامريكي وتحالفاته المقبلة ضد ايران وتقويض مشروعها في الشرق الاوسط، وقصقصة اذرعها التي تقاتل بها في العراق واليمن ولبنان وسوريا وغيرها، اصبح امرا في غاية الاهمية، لذلك فان ما يجري في العراق هو جزء من سيناريو امريكي هدفه تسويف واشغال الاحزاب والكتل في صرعات جانبية مع بعضها البعض، واجتراح حرب شيعية-شيعية وحرب شيعية –كردية أو حرب شيعية-سنية ، وهكذا تبقى العملية السياسية في حالة دوارن وفراغ واحتراب ، لتنفيذ ما تريده وتخطط له ادارة اوباما، حتى لفترة ما بعد رحيل اوباما عن سدة الحكم ، ان عملية تشكيل حكومة بقيادة العبادي ، وازمة البرلمان العراقي، ومهاترات اعضاءه، هي جزء من مسلسل فوضوي لادامة الفشل الحكومي، والابتعاد عن جوهرالازمات الكارثية ، وهي اعادة النازحين والمهجرين ، وايقاف نزيف الدم العراقي، وفرض الامن والاستقرار والقضاء على سرطان الفساد، ومحابة الميليشسيات التي اصبحت هي السلطة بيدها الحل والربط ،اما البرلمان والحكومة فلا سلطة لهما عليها ، امريكا تبحث عن شركاء لادامة الفوضى لا للقضاء عليها ، وتصحيح المسار كما تزعم ، لذا سيبقى الدم العراقي والمهجرون والنازحون في ديار الغربة والذل يعانون الامرين، دون ان تلتفت حكومة لهم او برلمان يرفع الظلم عنهم ويعيدهم الى ديارهم، وهو ايضا جزء من مشروع ايران التوسيعي في افراغ المناطق وتطهير طائفي لها ،لاستيطان ما تريده في مخططها التوسعي ومشروعها الكوني في التشيع الصفوي، وهكذا فحكومة العبادي الولهان لن ترى النور بدون ان يقدم الولاء والطاعة لاسياده امريكا وايران، وسيبقى البرلمان العراقي ضعيفا وهزيلا ، طالما فيه غوغاء وبلطجية دولة القانون في البرلمان، ولايرجى منهم خير للعباد والبلاد …