المقدمة :
هذه المقولة / النص ” المسيح كلمة الله ” ، تعتبر من العقائد اللاهوتية المركزية و الأساسية في المسيحية ، وقد ورد هذا وفق أنجيل يوحنا / مثلا ، ” في البدء كان الكلمة …وكان الكلمة الله ” (يوحنا1: 1) ، والذي يعزز هذا ويمتن من هذا المعتقد أيمانا و مصداقية وقبولا وتأكيدا ، هو النص القرأني ، بقوله { إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } (آل عِمْرَان 3 ، 45) .. أذن نحن أمام نص مسيحي ، مؤكد وموثق بصحته بعد مجئ الرسول محمد والقرأن ، أي بعد حوالي 6 قرون من المسيح ، فبحثنا هنا هو مجادلة بين النصوص مسيحيا وأسلاميا ، لنرى الى أي مقصد ترمي هذه النصوص ، وماذا تؤكد ، والى أي غاية تصل .. سأعرض في هذا البحث المختصر ، أولا المقولة وفق المسيحية ، ثم سأبين ما ورد بشأنها في النصوص الأسلامية ، هذا ثانيا ، ثم سأسرد بعضا من التفاسير لبعض المفسرين والفقهاء المسلمين وبعض الفرق الأسلامية ، ثالثا ، محرصا على نوع من التوازن الكمي بين تفاسير المسيحية والأسلام ، ثم سأختم بقراءتي الخاصة للمقولة .. ولأن الموضوع لاهوتي ودقيق .. فسأسرد فيما يخص أولا وثانيا وثالثا ، النصوص والتفاسير والقول / تقريبا ، كما سردت النصوص مسيحيا وأسلاميا ، دون أضافات ، أما قرأتي فهي تعبر عن رأي الحداثوي للنص ، التي تضم الكثير من التساؤلات اللاهوتية والعقائدية ! .
النص :
” الكلمة ” هي أسم ، وبعض المصادر تشير الى أن للكلمة لها معان منها ” ؛ تَعَهّد ؛ تَعْبِير ؛ حَدِيث ؛ عَهْد ؛ عِبَارَة ؛ قَوْل “، أما في علم المعنى / العلوم اللغوية ، علم الدِّلالة وهو مختصّ بدرس معاني الألفاظ والعبارات والتراكيب ، فيبين أن للكلمة أربعة معان : 1 – الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلْكَلِمَةِ : التَّصَوُّرُ الذِّهْنِيُّ الْمُرْتَبِطُ بِالكَلِمَةِ ارْتِبَاطاً بِالْمُطَابَقَةِ . 2- الْمَعْنَى الضِّمْنِيُّ : التَّصَوُّرُ الذِّهْنِيُّ الْمُرْتَبِطُ بِالكَلِمَةِ بِالتَّضَمُّنِ أَوِ اللُّزُومِ . 3- الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ : التَّصَوُّرُ الذِّهْنِيُّ الْمُرْتَبِطُ بِالكَلِمَةِ مَجَازِيّاً ً. 4 – الْمَعْنَى الطَّبِيعِيُّ : التَّصَوُّرُ الْمُرْتَبِطُ بِالكَلِمَةِ عَلَى سَبِيلِ حِكَايَةِ الصَّوْتِ لِلْمَعْنَى . / نقل بتصرف من موقع قاموس المعاني .
** أضاءة : أشارة الى ماسبق فأن تفسير ومعنى الكلمة ، لو ربط التفسير بالمقولة / النص الأنجيلي أو القرأني ، فهو يعني أو يفيد ما يلي ، بأن ( المسيح هو ” تَعَهّد ؛ تَعْبِير ؛ حَدِيث ؛ عَهْد ؛ عِبَارَة ؛ قَوْل ” الله ) ، وهذا ينطبق بنفس الصدد والمعني بالمفهوم اللغوي للكلمة حقيقيا و ضمنيا ومجازيا وطبيعيا .
( أولا ) – المقولة وفق العقيدة المسيحية : أولا ، تعبر العقيدة المسيحية عن “مراحل أنتقال الكلمة أي المسيح ” ، حيث تبين أن ( في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله . هذا كان في البدء عند الله . كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان . فيه كانت الحياة والحياة كانت نورالناس . والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه .. ) نقل بتصرف من الموقع www.thegrace.com/magazine/issue01/a_quira.htm . ثانيا ، قد دعي السيد المسيح بـ ” الكلمة ” أي( اللوغوس ) λόγος في ثلاثة مواضع هامة : 1. (يو1: 1) ” في البدء كان الكلمة والكلمة عند الله . وكان الكلمة الله ” وهنا الحديث عن لاهوته واضح تمامًا . 2. (1يو5: 7) ” اللذين يشهدون في السماء هم ثلاثة : الآب والكلمة والروح القدس . وهؤلاء الثلاثة هم واحد ” ( وهنا اللاهوت واضح أيضًا ) . والكلمة هنا بدلًا من ( الابن ) في ( متى28: 19) . 3. ( رؤ19: 13) وهو متسربل بثوب مغسول بدم . ويدعى اسمه كلمة الله . و”اللوغوس” لا تعنى لفظة . وإنما لها معنى لغوى وفلسفي واصطلاحي . كلمة لوغوس مأخوذة من الفعل اليوناني ومعناه ينطق .. وجاء منه كلمة المنطق أي / Pronunciation إنما يعنى النطق المعقول أو العقل المنطوق به . ومن هنا كانت عبارة الكلمة تعنى عقل الله الناطق أو نطق الله العاقل . فهي تعنى العقل والنطق معًا . وهذا هو موضع الابن الثالوث القدوس . وطبيعي أن عقل الله لا ينفصل عن الله . والله وعقله كيان واحد . / نقل بتصرف من موقع سان تكلا ، لمقال بعنوان ” لاهوت المسيح ” ل البابا شنودة الثالث. ثالثا ، وقد عبر القديس بولس الرسول عن المسيح / وفق هذا الصدد ، بما يلي ( .. وهكذا فإن الأقنوم الثاني ، اللوجوس ، الكلمة ، هو أقنوم المعرفة أو العقل أو النطق في الثالوث القدوس ، هو ” المسيح المدخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم ” (كو2: 3)، أو هو أقنوم الحكمة في الثالوث ، لذلك قال القديس بولس الرسول عن السيد المسيح إنه “حكمة الله” (1كو1: 24). لذلك لما تجسد ، رأينا الله فيه ، الله لم يره أحد قط (يو1: 18) أي لم يره أحد في لاهوته . ولكنه لما تجسد ، لما ظهر في الجسد (1تى3: 16) رأيناه في هذا الجسد ، رأيناه متجسدًا .. ) وبين أيضا الرسول بولس في بدء رسالته إلى العبرانيين ( .. الذي به أيضًا عمل العالمين . الذي بهاء مجده ورسم جوهره جلس في يمين العظمة في الأعالي ، صائرًا أعظم من الملائكة (عب10: 2-4). عبارة “رسم جوهره” أي الصورة التي تجسد بها الله ، أي المسيح . ولذلك قال المسيح “من رآني الآب” (يو14: 9). تجسد لأجل فدائنا ، وقد أخلى ذاته مع أنه بهاء مجد الله ، وصورة الله (2كو4: 4). وهنا يقدم لنا الرسول صفة من صفات المسيح الإلهية ، وهي كونه الخالق . وقد خلق الكون باعتبار أنه اللوجوس : عقل الله وحكمة الله .. ) / نقل بتصرف من نفس المصدر السابق . رابعا ، وتجدر بالملاحظة أن لفظة ( كلمة ) التي ذكرت في الإنجيل هنا يشار إليها على أنها مذكر فيقول ( في البدء كان الكلمة ) وليس ( كانت الكلمة ) وأيضاً في قوله :” والكلمة صار جسداً ” وليس ” الكلمة صارت جسدا ” . فلفظة ” الكلمة ” هنا إذاً تدل على أنها ليست مجرد كلمة عادية ، لأن الكلمة العادية مؤنثة وليست مذكرا . وحيث أن لفظة الكلمة بالإنجيل هنا يشار إليها على أنها مذكر إذن فالمقصود بها هو أنها ( الله نفسه ) كما جاء في الإنجيل المقدس ” وكان الكلمة الله ” (يو1:1) … نقل بتصرف من الموقع التالي : www.alkalema.net/ebnalah/ebnalah2.htm .
( ثانيا )– المقولة وفق المعتقد الأسلامي : أولا – جاء ذكر ان المسيح هو ” كلمة الله ” في في ثلاث أيات وهي : {فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} (آل عِمْرَان 3، 39 ) ، و ، { إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } ( آل عِمْرَان 3، 45 ) ، و ، ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُ وا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِأدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ) 171 سورة النساء .. وٍسأتناول الأية الأخيرة في التفسير والشرح ، (( قال البخاري : حدثنا صدقة بن الفضل ، حدثنا الوليد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني عمير بن هانئ ، حدثني جنادة بن أبي أمية ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي قال : ” من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ” . قال الوليد : فحدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن عمير بن هانئ ، عن جنادة زاد : ” من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء ” ..وقد قال مجاهد في قوله : ( وروح منه ) أي : ورسول منه . وقال غيره . ومحبة منه . والأظهر الأول أنه مخلوق من روح مخلوقة ، وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف . )) / نقل بتصرف من الموقع التالي : quran.ksu.edu.sa/…/sura4-aya17 . ثانيا – ويشرح هذا الأمر / الحديث ، كما يلي ( هذا الحديثُ الصحيحُ اتفق على إخراجهِ البخاريُّ ومسلمٌ في كتابَيهما المعروفَين بين الأمّةِ الإسلامية ، ومعناه يتضمَّنُ أنَّ الإنسانَ إذا ماتَ وهو يشهدُ أن لا إله إلا اللّه وتجنَّبَ عبادةَ غيرِه وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُهُ ، ويشهد أنَّ عيسى عبدُ اللّه ورسولُه وكلمتُهُ ألقَاها إلى مريمَ وروحٌ منه ويشهَدُ أن الجنةَ حقٌّ وأنّ النارَ حقٌ ـ أي موجودتان – يُدخِلُه اللّه الجنةَ على ما كان من العملِ أي ولو كانَ من أهل الكبائر. ومعنى قوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” وكلمته ألقَاها إلى مريمَ ” أنَّ المسيحَ بشارةُ اللّه لمريمَ التي بشَّرتها بها الملائكةُ بأمره قبل أن تحمِلَ به ، فإنَّ المَلَكَ جبريلَ بشَّرها به ، قال لها أنا رسولٌ من اللّه لأعطيَك غلامًا زكيَّا أي طيّبًا. ) / نقل موقع sunni.be – أهل السنة . هذه الآيات القرآنيّة الثلاث هي الوحيدة التي تتكلّم على المسيح كونه “ كلمة الله ” أو “ كلمة من الله”. وفي القرآن نجد أنّ المسيح هو الوحيد الذي يُنسب إليه أنّه ” كلمة الله ” . ثالثا – يوجز” تفسير المنار ” ما ورد عن “ كلمة الله ” في تفاسير القرآن المشهورة قبله بأربعة وجوه هي : الوجه الأوّل : المراد بالكمة كلمة التكوين لا كلمة الوحي . الوجه الثاني : أنّه أُطلق على المسيح للإشارة إلى بشارة الأنبياء به . الوجه الثالث : أنّه أُطلق عليه لفظ الكلمة لمزيد إيضاحه لكلام الله الذي حرّفه قومه اليهود . الوجه الرابع : أنّ المراد بالكلمة كلمة البشارة لأمّه فقوله بكلمة منه معناه بخبر من عنده أو بشارة . رابعا – هل هناك علاقة بين الكلمة / المسيح ، والقرأن ، وما هي هذه العلاقة ! (( العلاقة بين القرآن الذي هو كلام الله والمسيح “ كلمة الله ” ؟ نلاحظ أنّ علماء الكلام الأشعريّين يؤكّدون على أزليّة قول الله في القرآن وتاليًا على عدم جواز القول بخلق القرآن كالمعتزلة . يقول الأشعري ، أبو علم الكلام عند السنّة ، في كتابه “ اللُّمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع ” في معرض ردّه على المعتزلة الذين كانوا يقولون بخلق القرآن ما يلي : “ إنْ قال قائل : لمَ قلتم إنّ الله تعالى لم يزل متكلّمًا ، وإنّ كلام الله تعالى غير مخلوق ؟ قيل له : قلنا ذلك لأنّ الله تعالى قال : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } (النَّحل 16، 40) . فلو كان القرآن مخلوقًا ، لكان الله تعالى قائلاً له “ كن ” ، والقرآن قوله ، ويستحيل أن يكون قوله مقولاً له ، لأنّ هذا يوجب قولاً ثانيًا ، والقول في القول الثاني وفي تعلّقه بقول ثالث كالقول في القول الأوّل وتعلّقه بقول ثانٍ ، وهذا يقتضي ما لا نهاية له من الأقوال ؛ وذلك فاسد . وإذا فسد ذلك فسد أن يكون القرآن مخلوقًا . ولو جاز أن يقول لقوله ، لجاز أي يريد إرادته ، وذلك فاسد عندنا وعندهم وإذا بطل هذا استحال أن يكون مخلوقًا . )) / نقل بتصرف من الموقع التالي mechristian.org/2008/08/04/wordofgod . ( ثالثا ) – تفاسير فقهية أسلامية متفرقة : سأختار بعضا مما قاله رجال الأسلام عن ” المسيح ” بأنه كلمة الله :
من هذه الأقوال وهي الخاصة لبعض علماء الإسلام والفرق الإسلامية التي تشهد لحقيقة أن المسيح هو كلمة الله ، وأن كلمة الله تجسد في مادة ، وبالأخص في شخص المسيح : 1- الشيخ محي الدين العربي قال : ” الكلمة هي الله متجلياً . . وهي عين الذات الإلهية لا غيرها . (كتاب فصوص الحكم الجزء الثاني صفحة 35) . وقال أيضاً ” الكلمة هي اللاهوت ” (المرجع السابق صفحة143) من هذا يتضح أن ” الكلمة ” يقصد به الله أو اللاهوت . 2- المعتزلة : ( وهى فرقة من فرق الإسلام ) : يقولون في شرح حادثة ظهور الله لموسى الواردة في سورة القصص وسورة طه وسورة النمل ( إن كلام الله حل في الشجرة أو تجسد فيها ) . فمن هذا يتضح جلياً إمكانية تجسد كلام الله في شجرة ، فليس إذن بعسير أن يتجسد في جسد إنسان . 3- الحائطية : ( وهى فرقة أخرى من فرق الإسلام ) ، قال الإمام احمد بن الحائط إمام فرقة الحائطية عن المسيح . “إن المسيح تدرع بالجسد الجسماني ( أي لبس جسدا كدرع ) وهو الكلمة القديمة ( الأزلية ) المتجسد كما قالت النصارى” ( كتاب الملل والأهراء والنحل جزء 1 ص 77 ) . مما تقدم يتضح لنا أن : “كلمة الله ” لفظ مذكر يقصد به الله نفسه . وأن “كلمة الله” قد تجسد في أشياء مادية : كما حدث في شجرة موسى ، وفي إنسان : كما حدث في شخص المسيح . وهذا لا يستلزم الكفر ولا الشرك بالله . نقل بتصرف من الموقع التالي www.alkalema.net/ebnalah/ebnalah2.htm .
القراءة :
بعيدا عن كل ما كتب من نصوص وأحاديث ومقولات في أن ” المسيح كلمة الله ” ، في العقائد المسيحية أو الأسلامية ، فأن قراءتي قد نهجت منحا أخر ، حداثويا من الناحية الفكرية والعقائدية ، ولكنها تبقى مبنية أو مؤسسة على وحي من نصوصها .. أولا – تبقى المسيحية في خطها اللاهوتي بالنسبة للمسيح ، موضحة منزلته ، بشكل أكثر عمقا وأغزر عطاءا وأعظم دورا من مفهوم ” الكلمة ” نفسها ، وأرى أن نتيجة كل هذا مذكور بشكل تام وجلي وذلك حسب ما جاء بقانون الأيمان المسيحي ، قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني (*) الذي أقر في المجمع المسكوني الثاني عام 381 م ، الذي يبين أن المسيح ( .. ابن الله الوحيد . المولود من الأب قبل كل الدهور … إله حق من إله حق . مولود غير مخلوق مساوي الأب في الجوهر الذي على يده صار كل شيء .. ) ، أني أرى أن مفهوم ” الكلمة ” مفسر بشكل تفصيلي ومتكامل وذلك بما هو معبر عنه بقانون الأيمان ، وكل ما كتب مما سبق ، حسب رأي يدور في هذا المحور بشكل أو بأخر ، ثانيا – والذي يؤيد علو منزلة المسيح ، وفق قانون الأيمان ، أقامته للموتى / مثلا ، حيث يذكرالعهد الجديد ، ثلاث روايات لأشخاص أقامهم المسيح من الموت هم ” ابنة يائير رئيس المجمع ، وابن أرملة نائين ، ولعازر الذي أقامه المسيح قبيل فترة وجيزة من دخوله القدس ” والفارق بين المسيح ومن أحيا الموتى قبله ، مثلا ( أليشع النبي – الذي أقام الموتى – وفق العهد القديم ) أن للمسيح له سلطان على الموت نفسه ، بدليل أنه قد أقام نفسه بنفسه بعد موته .. من جانب ثان يبين القرآن عن موضوع إحياء الموتى ، بنصوص منها : ” اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ”، “إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ”، “هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”، “اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.. وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ” “وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ”، “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ”، “هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ” (سورة الأعراف 158؛ سورة التوبة 116؛ سورة يونس 56؛ سورة الحج 6، 66؛ سورة المؤمنون 80؛ سورة الروم 40؛ سورة غافر 68) . ويؤكد القرأن أن الذي يحيي الموتى بقوله هو فقط الرب وحده عز وجل ، أذن المسيح له نفس القوة والعزم والسلطان الذي لله ، لأنه أحيا الموتى أيضا . ثالثا – أن المسيحية والأسلام متفقان على تعبير الكلمة / بالرغم من أختلاف المعنى الضمني والمجازي والحقيقي لمفهومها ، ولكن التساؤل المستغرب ، ما دام هما متفقان ، لماذا القرأن لا يتعامل مع أتباع المسيح بشكل سوي / لأنه ينص على أن المسيح كلمة الله وروحه ! ولماذا يعتبر أتباع المسيح كفرة ، وبشر بدرجة أدنى ، وفق الأية التالية ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [29 سورة التوبة ) ، أرى أن هذه التساؤلات تفضي الى تناقضات عقائدية أسلاميا . رابعا – أن الأتفاق المسيحي الأسلامي على أن المسيح هو ” كلمة الله ” يقودنا الى الأستنتاج التالي: ( المسيح الكلمة والقرأن كلام الله ، فأذن المسيح هو من أملأ أو كان هو ملقن الوحي بأعتباره كلمة الله ، أو كان هو الوحي !! ولكن من جانب أخر أن عقلية ومنطق وفكر ونهج المسيح القائمة على المحبة والتسامح والغفران والتضحية تتقاطع وتتخالف مع النص القرأني فكرا و مضمونا وقالبا !! وأذا كان المسيح / كلمة الله ، لم يكتب القرأن ، فمن الذي كتبه أذن !! هذا تساؤل أخر !! . خامسا – فبعد أن أكد القرأن كون أن ” المسيح كلمة الله ” حسب النصوص ، أرى ، أن رجال الأسلام أنجروا / بوعي أو بدون وعي ، الى تفاسير متناقضة ومختلفة تماما عن بعضها البعض / كما رأينا في ما ورد أعلاه . وهذا الأمر يقود الى أستنتاج أخر ، أيوجد كلمة أخرى لله عدا المسيح ، ليكون الله بها كتب القرأن ! ولماذا هكذا موضوع لم يتطرق له عقائديا رجال الأسلام ، وهل يبقون هؤلاء الرجال يغطون في نوم عميق في الفكر الماضوي لحقبة صدر الأسلام !! .
———————————————————————————————————–(*) قانون الأيمان المسيحي ( نؤمن بإله واحد، آب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، كل ما يرى وما لا يرى. وبرب واحد يسوع المسيح ، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور ، إله من إله ، نور من نور ، إله حق من إله حق ، مولود غير مخلوق ، مساوٍ للآب في الجوهر ، الذي به كان كل شيء ، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء ، وصار إنساناً وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي ، تألـم ومات وقُبر ، وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب ، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب وسيأتي أيضاً بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه . وبالروح القدس الرب المحيي ، المنبثق من الآب (والابن) ، الذي هو مع الآب والابن يُسجد له ويُمجد، الناطق بالأنبياء . وبكنيسة واحدة جامعة مقدّسة رسولية ، ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا ، وننتظر قيامة الأموات والحياة في الدهر الآتي آمين ) نقل من الموقع التالي www.christusrex.org/www1/ofm/1god/…/niceno4.htm .