المشهد العراقي اليوم هو قاعة سيرك يعرض فيها المهرجون فعالياتهم التي تأتيهم مسلفنة من الأقطاب والمحاور التي تتقن فن إعداد العاب السيرك والمؤثرة في الساحة العراقية بالشكل الذي ينسجم مع مصالحها وأجنداتها وأمنها القومي، كالقطب الأميركي والقطب الإيراني والقطب الجديد السعودي الذي يريد أن يكون له دور مهم في اللعبة العراقية، ولعل أبرز ما يميز فعاليات السيرك الرائجة في هذه الأيام هي ظاهرة الأعتصامات المضحكة والمبكية، لأن الجهات التي تدعوا وتقود تلك الإعتصمامات هي جزء رئيسي وفعال من العملية السياسية التي جاء بها المحتل وشرعنها السيستاني، وهي جزء رئيس من المنظومة السياسية الفاشلة الفاسدة التي قادت البلاد من سيء إلى أسوأ، وكلٌ من تلك الجهات له مناصب ومواقع رئاسية ووزارية وبرلمانية وغيرها من الموقع والدرجات في كل مفاصل الحكومات التي توالت على حكم العراق بما فيها الحكومة الحالية التي يراد إحداث تغيير فيها حسب زعمهم…تفيد القراءة الأولية للأحداث الأخيرة وحسب رؤية المرجع العراقي الصرخي في سياق جواب له على استفتاء رفع إليه إلى:أ ـ إنّ التظاهرات والإعتصامات الأولى عند أبواب الخضراء كانت بتأييد ومباركة ودعم القطب الثالث الجديد المتمثّل بالسعودية ومحورها الذي يحاول أن يدخل بقوةٍ في العراق والتأثير في أحداثه ومجريات الأمور فيه، منافساً لقطبي ومحوري أميركا وإيران.ب ـ أما الإعتصام الثاني للبرلمانيين فالظاهر أنه بتأييد ومباركة ودعم بل وتخطيط إيران لقلب الأحداث رأساً على عقب وإفشال وإبطال مخطط ومشروع محور السعودية وحلفائها، وقد نجحت إيران في تحقيق غايتها إلى حدٍّ كبير.جـ ـ أما الإعتصامات الأخيرة عند الوزارات فلا تختلف عن سابقاتها في دخولها ضمن صراعات أقطاب ومحاور القوى المتدخلة في العراق فلا يُرجى منها أيّ خير لشعب العراق.وفي خِضَّم هذا العرض السيركي لم تبادر تلك الجهات إلى سحب أو عزل وزرائها من الحكومة التي يراد إحداث التغيير المزعوم فيها، فضلاً عن محاسبتهم ومحاكمتهم!!!، ولم نسمع ولا حتى همس بتغيير البرلمان وحلِّه الذي هو مؤسس ومشرع الفساد وحكوماته وقوانينه، ولعل السبب وراء إحجام تلك الجهات عن الدعوة إلى حل البرلمان (كل البرلمان) بات واضحاً وجلياً، كون أن البرلمان قائم على المحاصصة السياسية والطائفية والتوافقات التي لا تخدم إلا مصالح الكتل والقوائم ومن يقف ورائها ويدعمها من الأقطاب والمحاور المتصارعة والمتنافسة، فهي تريد الإبقاء على البرلمان حتى لا تخرج الأمور من يدها، ويبقى الحضور والتمثيل البرلماني ورقة ضغط بيد نفس الكتل والقوائم المعتصمة وغير المعتصمة، تحافظ من خلالها على مواقعها وحصصها ومكاسبها ومصالحها الشخصية وبالتالي الإجهاض على أي عملية تغيير حقيقي وجذري منبثق من رؤية وطنية صادقة، وأي تغيير شكلي وتحت أي مسمى كان إنْ حصل فإنه سيكون ضمن دائرة الكتل والقوائم وتوافقاتها ومساوماتها، وتغرير وتخدير وتبادل أدوار ليس إلا والواقع والتجربة خير شاهد.فالحل الناجع يكمن بالتغيير الجذري لكل الموجودين وحل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة مهنية مدنية بعيدة عن الولاءات الخارجية والتحزب والطائفية، وغير مرتبطة ولا متعاونة مع قوى مليشياوية أو تكفيرية أو إرهابية، وخالية من كل المتسلطين السابقين برلمانيين كانوا أم تنفيذيين، وتعتمد على الكفاءة والمهنية والولاء للعراق فقط في اختيار أعضائها، فالعراق غني بكفاءاته المهنية الوطنية المخلصة، وحصر التمثيل الحكومي أو البرلماني أو التغيير بنفس الشخوص السابقة أو ما تفرزه قوائمها الفاشلة الفاسدة يعد ظلماً كبيراً للطاقات التي يتمتع بها عراق الحضارات ، بل هو ديكتاتورية بلباس جديد فضلاً عن إنه مجرد عملية تبادل أدوار وتغرير،، ولكي نقطع دابر التدخلات الخارجية لابد وإن تشرف الأمم المتحدة رسمياً على شؤون العراق، وإبعاد إيران وأدواتها من اللعبة العراقية، وهذا هو بعض ما تضمنته بنود مشروع خلاص الذي طرحه المرجع الصرخي منذ ما يقارب السنة وتحديداً في 9/6 /2015م