حتمية المغادرة من دار الدنيا لا نقاش ولا جدال ولا تأويل لها فهي من مسلمات الحياة وهذا ماجرت عليه وتطبعت به سلالة بني البشر منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة ولن يحيد عن هذه البديهية كائن من كان مادام يتنفس الحياة حينآ من الدهر ولن تجد إستثناءآ أبدآ فرحيق الخلود أو أكسيره أو عشبته في الدنيا ضرب من الخيال ، وبطبيعة الحال تختلف ماهية المغادرة والرحيل من هذا العالم نحو العالم الآخر وعلى ضوء هذه المفاهيم لابد أن تكون مسببات المغادرة كثيرة ولا حصر لها وما دامت كذلك فعليه لابد أن تكون منازلها بعد الحياة الدنيا مختلفة ومتباينة وليس من العدل أن تتساوى فيما بينها وإن كان الرحيل واحدآ ويشمل الجميع بلا إستثناء . الشهيد عنوان لمنزلة رفيعة هيئها الباري سبحانه وتعالى لعباده الذين يهبون حياتهم ويضحون بها لنصرة الحق بكافة مسمياته وسبل إحقاقه وضرب لنا أبا الشهداء الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) سبط خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (ص) أروع الأمثلة وأسماها في الشهادة من أجل الحق وأصبح الإنموذج الأوحد في هذا المضمار ، من بعد شهادته إنصهر العديد في بودقة مسيرته الخالدة وعكفوا على تبني منهجه الى حد العشق الذي لا يضاهيه شيئ من زخرف الحياة وملذات الدنيا ومنهم من وجد كيانه وروحه وحريته من خلال تمسكه بمنهج آل بيت النبي المختار (ص)
فوهب حياته ليكون خادمآ لمسيرة أبا الأحرار ومتفانيآ في رفع راية الحسين (ع) في كل المواطن لا يتوانى في ذلك مهما كانت الظروف ومهما إشتدت الصعاب وجاهد ليتربى الأولاد والأحفاد والأجيال جيل بعد جيل ليعبدوا هذا الطريق ويثبتوا أركانه ويسيروا عليه ويواصلوا العطاء في ذات الله لا تأخذهم لومة لائم . آل نصر الله أسم يتلألأ كلما جرى الحديث عن مسيرة أبا الشهداء والنهضة الحسينية والخدمة في صعيد كربلاء المقدسة حيث المراقد الطاهرة وبصمات الحضور الميداني في أعلى مراتبها وصولآ وحضورآ وخدمة حتى في بقية المراقد المقدسة داخل العراق وخارجه والأبواب المشرعة والمنافذ المتعددة لطلبة العلوم الدينية وحوزاتها بفروعها الكثيرة ومؤسسات مناهل العلم والتعليم ترافقها المؤسسات الإجتماعية التي ترفد شرائح الفقراء والمستضعفين
، إيمان وعطاء في تواضع وسخاء حتى يكل القلم عن التدوين والكلمات عن التعبير جهاد حتى النخاع تجسد بالأمس القريب في مواجهة الطغمة الفاسدة للبعث المقيت في كل الميادين وإستمر الجهاد ليتصدى لزمر التكفير الوهابي والإرهاب الداعشي بكل الإمكانات ، اليوم وفي غفلة من الزمن كاد الكائدون وغدر المجرمون خفافيش الظلام لينالوا من أحد أغصان آل نصر الله ويغتالوه فيسقط صريعآ مضرجآ بدمائه الزكية وتعرج روحه نحو العلياء عند منازل الشهداء لتلتحق بركب أبا الشهداء وأصحابه الميامين ومن سار على نهجهم ومن تخرج من صومعتهم .. هنيئآ لك أيها الشهيد السعيد محمد وهنيئآ لعارف أبيك فحقآ عرف كيف يدخرك ويربيك .. الرحمة والغفران لك وجنات الفردوس في إستقبالك .. ولفراقك الصبر والسلوان لأهلك ومحبيك ..