لم تكن الفلوجة مدرجة على سجل اولويات التحرير من داعش وانما كانت مرمية على رفوف الاماني المؤجلة الى مابعد تحرير الموصل التي تتواتر اخبار الاستعداد لتحريرها على مدار اليوم ومن كل اطراف العلاقة بتحريرها لكن على حين غرة برزت الفلوجة للواجهة وتبادلت المواقع مع الموصل .. ترى من يقف خلف ذلك ؟ الانتخابات الامريكية وحاجة اوباما والديمقراطيين لتحقيق نصر يعززون به موقف مرشحهم لانتخابات الرئاسة بماراثونها الحالي ؟ او هي ايران التي ترى في تحرير الموصل موطأ قادم اوسع لتركيا توسع به نفوذها وارادت تغيير دفة الاحداث باتجاه الفلوجة وترك الموصل وتحريرها على رفوف الانتظار ؟ او ان الحكومة العراقية رتبت حساباتها جيدا ورأت ان الفلوجة يمكن تحريرها بيسر لتستثمر الفوز فيها وجعله بوابة لتحرير الموصل ؟ وربما مارست الحكومة العراقية في حرب الفلوجة هروبا من ازماتها وصولا الى احكام عرفية غير معلنة .؟ وربما هي لعبة دولية بين القطبين الكبيرين وطريقة لاثبات فشل الاسلحة الروسية في حسم المعركة في الفلوجة ؟ او انها حرب معلنة بين السعودية وايران تدار رحاها بالنيابة ؟ ورغم ما للفلوجة من موقع مؤثر في سير الاحداث بسبب تشكيلها خاصرة لبغداد وبوابة للجزيرة الغربية من العراق الا ان الحكومة لم تستطع وقبلها قوات الاحتلال الامريكي الاحتفاظ بها كمدينة خالية من التهديدات او حاضنة لتنظيمات القاعدة والدولة الاسلامية فيما بعد والتنظيمات المعادية الاخرى وارتكبت الحكومة العراقية اخطاء كثيرة في هذا المسار وخصوصا في قضية (ساحات الاعتصام )
التي لم تتعامل معها بكفاءة حكومة مقتدرة على حل مشاكلها الداخلية وحسمها قبل ان تتفاقم مما جعل الفرصة مواتية لتنظيم داعش في الدخول الى الفلوجة والتمركز فيها واستغلال خلاف الحكومة مع المعتصمين وتاجيج الصراع بينهما ونصب نفسه مدافعا عن حقوقهم مما جعلهم يلتفون حوله ومن اخطاء الحكومة الاخرى ادارة الصراع مع (داعش ) بطريقة خاطئة عمق جرائها التناحر الطائفي والمذهبي حد صور فيه (داعش) للاهالي ان الحكومة والجيش والحشد الشعبي يوم يدخلون الفلوجة سيقضون بشكل تام على اهل الفلوجة ويدمرون المدينة مما دفع اغلب الاهالي يربطون مصيرهم ببقاء (داعش ) في المدينة . واليوم الحكومة في حربها لتحرير الفلوجة تحتاج الى اكثر من رسالة تطمين للاطراف التي قد تتضرر مصالحها جراء ذلك وعربون ثقة خاص لاهل المدينة وسلوك لاينم عن نزعة طائفية ولااحقاد او طلب ثارات وهذه الامور كان يمكن لها ان تكون من ضمن الاستحضارات لتحرير الفلوجة لكي تأتي بتسلسل منطقي في سياق الاحداث الا انها اليوم اصبحت من اصعب الامور التي تواجهها الحكومة في تحرير الفلوجة ذلك التحرير الذي بدأ يتعثر وقد يجهض بين لحظة واخرى بسبب تضارب نوايا الاطراف ذات العلاقة ومصالحها ورغباتها المختلفة عن رغبة الحكومة التي هي بأمس الحاجة الى نصر تحققه فوق ارض الفلوجة وتجعل منه بوابة لتحرير الموصل وتبعد به اخطار المفخخات عن بغداد.